تحليل

بحسب أقوال بعض الأحزاب الشيعية.. الشارع الشيعي العراقي ضد شعب كوردستان

14-12-2020


 

RRC |  آكو محمد * |

ثمة نقطة تُقال منذ عدة سنوات ماضية من قِبل بعض الساسةِ والبرلمانيين الشيعة في العراق في لقائاتهم مع الوفود الكوردستانية في بغداد، لكنهم لا يبوحون بها للناس، وهي: خوفًا من غضب شارعنا لا نستطيع إرسال الميزانية والرواتب لإقليم كوردستان، إننا نريد أن نُرشّح أنفسَنا ونبقى في أماكننا ضمن البرلمان والحكومة، لذلك لا نستطيع إثارة غضب الشارع تجاهنا. وحتى لا نفقد أصواتنا فلا يجوز أن نرسل لكم الأموال.

هذه النقطة جديرة بالتوقف عندها بشكل عميق، فهي تستوجب بحثًا دقيقًا، أتُراها صحيحة أم لا؟ فإن كانت صحيحة فكيف نشأ ذلك الشعور والموقف المعادي لشعب كوردستان في الشارع الشيعي العراقي، في حين أنهما كانا متعاطفين وكانت مشاعرهما واحدة مدة 82 عامًا؟

إحدى الخصوصيات التي كان يُفتخَر بها من قبل الأحزاب الكوردستانية والأحزاب الشيعية، معارضة نظام صدام، حيث عجزت السلطات العراقية، رغم كل المحاولات، عن تحويل القتال بين الحكومات العراقية والبيشمركة، إلى قتال بين الكورد والعرب، ففي تلك الأوضاع ثمة مواقف كثيرة للقيادات الكوردية ومرجعيات الشيعة في التاريخ المعاصر من ناحية دعم أحدهما للآخر، وهي على امتداد تاريخ العلاقات بينهما، مواقف لا تضيع.

إنْ افترضنا أن أقوال أولئك الساسة والبرلمانيين والأحزاب صحيحة، حيث يقولون إن الشارع الشيعي العراقي ضدّ إرسال ميزانية ورواتب إقليم كوردستان، فإن ذلك يعني أن هذا الشارع ضد الكورد وكوردستان. إلا أن ذلك ليس خطأَ شيعةِ العراق، بل خطيئة تلك الأحزاب الشيعية العراقية التي جعلت الشيعة معادين للكورد، بهدف إخفاء سوء إدارة العراق، إذ إنه رغم الواردات التي بلغت 1 ترليون و300 مليار دولار  بعد سقوط نظام صدام، لكن الشعب يعيش بهذه الصورة من الفقر والبطالة وانعدام الخدمات.

العراق، بحسب تقرير العام الماضي لمنظمة الشفافية الدَّوْليَّة، من بين البلدان الأكثر فسادًا في المرتبة الثامنة عشرة. فإن جعلْنا جميع البرلمانيين والحكومة العراقية في موضع اختبار وتَحَدٍّ بخصوص إعلان أعداد الموظفين في الدولة ومتقاضي الرواتب (باستثناء إقليم كوردستان)، فإنهم لا يعرفونها. وكما قال وزير التخطيط العراقي خالد بتال، حيث صرَّح علنًا في شهر تشرين الأول/أكتوبر هذا العام، قائلًا: “ليس لدينا أرقام دقيقة”. في حين أن أكثر من ثمانية ملايين شخص يستلمون الأموال شهريًّا من الحكومة العراقية، بصفة عاملين في الدولة ومتقاضي الرواتب. تكرر للمرة الثانية أن بعض البرلمانيين طلبوا من الحكومة العراقية أن تعتمد النظام البايومتري للكشف عن أعداد العاملين في الدولة، لكنَّ الحكومةَ خشيةً من بعض المجموعات التي هي أقوى منها، لا تستطيع فعل ذلك.

دولةٌ لا تعرف أعداد سكانها، لأنها عاجزة عن إجراء الإحصاء، كذلك لا تعرف أعداد الموظفين فيها ومتقاضي الرواتب والقوات المسلحة، وفق إحصاءٍ حقيقيّ، دولةٌ من كُبرى مصدري النفط لكنها تكون إحدى أشد الدول انعدامًا في مجال الخدمات، دولةٌ يقول ساستها إنهم لا يستطيعون دفع ميزانية ورواتب إقليمٍ من هذا البلد، بذريعة أن أغلبية الشعب ضد ذلك الاقليم، فما المستقبل الذي يُؤَمَّل من هذه الدولة بيد القوى التي يُديرونها؟

صبُّت في العراق أموال كثيرة، لكنْ لانخراطه في التفرقة والاقتتال المذهبي، صار أكثر بلدان العالم من حيث عدم الاستقرار. هُدِرت أموالٌ باهظة في الفساد، من دون أن تتمَّ تنمية القطاع الحكومي والقِطاع الخاص. وقد استلم إقليم كوردستان مبلغًا قليلًا جدًّا من تلك الميزانية، وكانت ما بين 5-12 مليار دولار، لأنه فيه استقرار شهد تطورًا كبيراً، لكن بعض الساسة العراقيين يقولون للشعب العراقي إن معامل كوردستان ومولاتها بُنيت بأموال الحكومة العراقية، بدلًا من أن يفكروا في إيقاف التفرقة المذهبية والقومية ويكرّسوا الاستقرار، حتى يتسنى لشعب العراق أن يشهد التطور الذي يناشده.

حتى الآن فإن أي مواطن من البصرة أو من بغداد لم يسخر من شعب كوردستان، إلا أن القوات المسلحة العراقية والساسة والجماعات السياسية كثيرًا ما استخفَّت بمقدَّسات شعب كوردستان ومشاعره، لذلك ليس صائبًا أن يُتَّخذَ الشارعُ ذريعةً وحُجّةً للخراب السائد و التفرقة مقابل اقليم كوردستان.

* المدير العام لشبكة رووداو الاعلامية

Share this Post

تحليل