تحليل

ضغوط بغداد وصمت أربيل: مبيعات غاز حكومة إقليم كوردستان إلى العراق

11-04-2024


تمهيد

في الأيام الماضية اعلنت وزارة الكهرباء العراقية مرة اخرى عن شراء غاز إقليم كوردستان خلال الأشهر القادمة وكانت قد اعلنت دانة غاز من قبل عن إنتاج 250 مليون قدم مكعب   خلال الربع الثاني من هذه السنة، اي انها ستكون جاهزة في خلال الأيام المقبلة ولكن ليس من المعلوم حول إذا كانت لمحطات الكهرباء في العراق ام إقليم كوردستان.

في اليوم الثاني من نيسان 2024 خلال لقائها مع وزير الطاقة العراقية افصحت السفيرة الأمريكية حول زيارة السوداني الى واشنطن "تحضيراً لزيارة رئيس الوزراء السوداني إلى الولايات المتحدة، ناقشت مع وزير الطاقة العراقي استقلالية العراق في مجال الطاقة بما يعود بالنفع على العراقيين. الإستفادة من النفط والغاز الموجود في إقليم كوردستان العراق يمكن أن يساعد العراق في طريقه نحو الإستقلال في مجال الطاقة".

في العام الماضي ومع بداية شهر تشرين الثاني نشرت الحكومة العراقية بعض الصور والمنشورات حول إعادة تعمير خط كورمور بمحطة إنتاج 620 ميغاوات كهرباء محطة تازة في كركوك.

في الواقع، نحو 9 اشهر قبل الآن في 11 من تموز عام 2023 كلفت حكومة السوداني وزارة النفط للنقاش مع شركات إنتاج النفط والغاز في إقليم كوردستان وثبتت خطة شراء غاز كورمور. حتى الآن لم يتم الإعلان عن عقد دانة غاز والحكومة العراقية بشكل رسمي لبيع غاز كورمور وجمجمال لبغداد، لكن العراق خفض نسبة استيراد الغاز من الخارج وامريكا تطالب بالإستفادة من غاز إقليم كوردستان والتي اعطت دانة غاز 250 مليون دولار كقرض لإكمال مشروع رفع إنتاج الغاز.

وفي الأيام الماضية، مددت وزارة الكهرباء العراقية عقد استيراد الغاز من إيران لخمس سنوان اخرى، لكن خفضت النسبة اليومية من 70 مليون متر مكعب إلى 50 مليون متر مكعب،اي ان الحكومة العراقية مددت إستيراد الغاز من إيران لخمس سنوات اخرى  ولكن النسبة قلت إلى 28%.

وجميع ذلك يظهر اهمية إحتياطي ونسبة إنتاج الغاز في إقليم كوردستان وضغوطات أمريكا ومحاولات العراق للإستثمار وملأ الإحتياج الداخلي للغاز، لكن في هذا التقرير سنقف عند إحتمالية الإتفاق الثلاثي لبيع نفط غاز إقليم كوردستان للعراق ومعاني توقيع إتفاقية من هذا الشكل في قطاع النفط والغاز في إقليم كوردستان.

اهمية إحتياطي النفط والغاز ومستقبل إنتاج الغاز في إقليم كوردستان

تزداد اهمية الغاز الطبيعي يوماً بعد يوم بسبب التغيرات المناخية وإعادة تشكيل خارطة الأنابيب وحتى في مرحلة نقل الطاقة من الطاقات التقليدية الى الطاقات المستجدة. إقليم كوردستان يشكل احدى اهم المصادر لتلك الثروة الطبيعية، لذلك في تقرير لقمر للطاقة الذي تم  قدمه الى وزارة الطاقة الأمريكية، اشار التقرير إلى ان في حالة إستمرار الإستثمار في قطاع الغاز في إقليم كوردستان حين إذ سيكون بالإمكان تصديره إلى الأسواق العالمية خلال اقل من عقد من الزمن.

حقول كورمور وجمجمال الغازية لديها 16 تريليون قدم مكعب من إحتياطي الغاز، تم اثبات ذلك ويتم الحديث عن وجود 80 تريليون مكعب في كلا الحقلين. تعتبر هذه الحقول من اكبر واهم الحقول الغازية في العراق والعالم التي قد تمت تنميتها وتم توقيع عقد في عام 2007 وفي 21 آذار 2019 وقع عقد بيع الغاز مدته 10 اعوام مع حكومة إقليم كوردستان  لتوفير وبيع كمية الغاز الذي يتم انتاجه في المستقبل. تم رفع مستوى إنتاج الغاز في حقا كورمور وحده من 30 مليون قدم مكعب في 2009 الى ما يقارب 520 قدم مكعب في 2023، والآن قد تم الإنتهاء من إنشاء بئر جديد بإمكانية 250 مليون قدم مكعب وسيكون جاهزاً خلال العام الجاري.

ايضاً من ناحية إحتياطي الغاز الطبيعي في إقليم كوردستان بالتحديد في فضاء جمجال، بحسب احدث تقرير لمدير العام السابق في

المديرية العامة لإحتياطي النفط في العراق" يقدر احتياطي الغاز في جنوب البلاد ومحافظة السليمانية في إقليم كوردستان  ب20-30 تريليون قدم مكعب (1.13-0.57 تريليون متر مكعب) في حين ان في عموم البلاد يقدر مجموع إحتياطي الغاز ب3.74 تريليون متر مكعب".

تم تأسيس شركة دانة غاز عام 2005 ووقعت بالشراكة مع كريست بيتروليوم عقداً مع حكومة إقليم كوردستان لإنتاج وتوفير الغاز لمحطات الكهرباء. لو لا قضية المحاكمة في عام 2017 والذي جدد من خلاله حق إنتاج الغاز من جديد للشركة في إقليم كوردستان ولغاية 2049 وقد تم تعويضها بمبلغ مليار دولار، إذن في هذه السنة كان سيكون لديه هذا الإحتياط والتنمية في قطاع الغاز.

في هذا القطاع تقدم الإستثمار بشكل ملفت اي انه من المتوقع ان يصل يوميا من 520 مليون قدم مكعب الى 770 مليون قدم مكعب في اليوم مثا ما هو موضح في الرسم البياني ادناه.

الوضع الآن مختلف تماما بين اربيل وبغداد، لذلك لزمت اربيل الصمت امام تصريحات المتحدث بإسم وزارة الكهرباء العراقية، لكن بعد نشر وزارة النفط العراقية صور تجديد خط انابيب غاز كورمور وجمجمال بمحطة كهرباء كركوك، نشرت وزارة الموارد الطبيعية بعد يوم تصريحا فحواه ان شركة دانة غاز ليس لديها الحق بإستخراج غاز إقليم كوردستان ونقله بدون موافقة رسمية من حكومة إقليم كوردستان.

الرسم البياني(1): نسبة إنتاج الغاز في حقل غاز كورمور وجمجمال من 2009 الى 2024

                                                                                                                                                                                       المصدر:التقرير السنوي والربع الثالث لدانة غاز، 6-12-2023، مجلة ميس 

من المتوقع إضافة 250 مليون قدم مكعب إلى إجمالي إنتاج الغاز في إقليم كوردستان في الربع الثاني من العام الجاري

محاولات بغداد لتقليل إستيراد الغاز من الخارج والتوجه إلى إقليم كوردستان للتزويد هذا الصيف

في هذه الحكومة قلل العراق إستيراد المشتقات النفطية من الخارج ومنها المشتقات الغازية المستوردة ، حيث ان بحسب بيانات وزارة النفط وشركة سومو ( والذي هناك إختلاف في ارقامها)، السنة الماضية بالمقارنة مع عام 2022 انخفضت نسبة إستيراد المشتقات النفطية الى النصف (النفط الأبيض، البنزين والغاز). ومن الناحية المالية كانت نسبة الإستيراد في عام 2022 5.2 مليار دولار، لكنها قلت الى 2.2 مليار دولار، والسبب الأكبر في هذا الإنخفاض هو إنخفاض نسبة إستيراد الغاز مثل ما هو موضح في الأدنى.

وإلى جانب ذلك الإنخفاض وبحسب آخر تقرير لوزارة النفط العراقية، اقترب إنتاج النفط إلى 5 ملايين برميل نفط في اليوم وبلغ إنتاج الغاز 3200 مليون قدم مكعب يوميا، منها 38% يتم حرقها وإهدارها. وفي الواقع فإن الكمية المحروقة والمهدرة تطلق سموماً، وتلوث الماء والهواء والتربة في العراق تصل إلى 1231 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً، ومن الناحية النقدية، يحرق العراق 6.1 مليون دولار يومياً و2.2 مليار دولار سنوياً بسبب عدم استخدام هذا الغاز.

، الاول هو الاستثمار في حقول الغاز وحقول النفط التي تنتج الغاز المصاحب  لقد اتخذ العراق ثلاثة أساليب مختلفة لتخفيف الضغوط الأمريكية وإيجاد بدائل للغاز الإيراني، أما الثاني فهو اتفاق لتبادل مشتريات الغاز كما حدث مع تركمانستان في السابق، والثالث هو شراء غاز كورمور وجمجمال من شركة دانة غاز وإقليم كوردستان.

من المتوقع أن يرتفع إجمالي إنتاج دانة غاز اليومي من الغاز في إقليم كوردستان إلى 250 مليون قدم مكعب، أي ما يزيد بمقدار 150 مليون قدم مكعب عن الكمية التي تتحدث وزارة النفط والكهرباء العراقية عن شرائها لمحطة كهرباء كركوك.

وإذا اشترت بغداد 100 مليون قدم مكعب فقط من الغاز من دانة غاز، فيمكن إضافة الـ 150 مليون قدم مكعب المتبقية من الغاز إلى المستوى الإجمالي لإنتاج الغاز لمحطات حكومة إقليم كوردستان  وبالتالي، يجب إسكات التوترات التي لوحظت في بداية الإصلاح وربط خط الأنابيب هذه المرة عند توقيع الاتفاقية.

جدول 1: كميات الواردات من الغاز الطبيعي المسال والبنزين والكيروسين 2022-2023

المصدر: وزارة النفط العراقية، شركة سومو 01-04-2024

ملاحظة: بيانات 2023 تختلف عما هو منشور في الموقع الاليكتروني وعن ما هو مرفق في الملف. هذا التقرير يعتمد على الموقع الاليكتروني لأن بيانات 2022 مأخوذة من نفس الموقع الاليكتروني.

الختام

إن الوضع السياسي والاقتصادي الحالي في إقليم كردستان ليس بالمستوى الذي يسمح لشركة دانة غاز وشركائها باستخدام الفائض المنتج لتلبية الاحتياجات المحلية لإقليم كوردستان، وبحسب آخر تقرير لشركة دانة غاز، فإن إقليم كوردستان لا يزال مديناً لهاتين الشركتين بمبلغ 103 ملايين دولار، رغم اعتماد آلية جديدة العام الماضي لدفع الأموال مباشرة من محطات الطاقة، وذلك بهدف تأمين الغاز الطبيعي للمحطات والعمل على استكمال مشاريعها لإنتاج مليار قدم مكعب يوميا.

كما أن حكومة إقليم كردستان لم تواجه فقط صعوبات في دفع الأجور لشركات إنتاج الغاز لتزويد الكهرباء، بل أيضا بحسب تقرير وزارة المالية في حكومة إقليم كردستان إلى اللجنة المالية في البرلمان العراقي ووزارة المالية العراقية افاد أن "حكومة إقليم كوردستان مدينة بمبلغ 436 مليون دولار كأتعاب لشركات توليد الكهرباء حتى 30 حزيران/يونيو 2023 ".

بحسب المعلومات فإن دانة غاز وشركائها يخبرون حكومة إقليم كوردستان بجميع تحركاتهم ولذلك فإن من الممكن مد خط الأنابيب والتشديد الأمريكي على العراق لإيجاد منافذ لإستيراد الغاز من إيران أو تقليله، مع الوضع الحالي في إقليم كوردستان  ينبغي أن يؤدي إلى تقدم المفاوضات وتوقيع الاتفاقيات في المستقبل، وأن يكون منفذًا مناسبًا للشركات لمواصلة عملها.

وفي النهاية فإن المشاكل بين اربيل وبغداد مستمرة بخصوص شأن الطاقة وبالتحديد النفط وعمل الشركات وطرق تصدير النفط لمعبر جيهان وإذا كانت هناك اية خطوة من هذا القبيل وإذا تمت تلك الإتفاقية بدون إقليم كوردستان، ولا بد أن تكون كل التعليقات على نتيجتين متعارضتين بشأن موقف مؤسسات بغداد من قضية النفط والغاز في إقليم كردستان، رغم الانقسامات الداخلية السابقة للحزبين الرئيسيين في إقليم كوردستان بشأن هذه القضية، والتي أصبحت غير معروفة ما اذا كانت الخلافات مستمرة حول ذلك الموضوع لحد الآن ام لا.

أولاً، تعترف بغداد بشكل غير مباشر بعقود النفط والغاز الخاصة بإقليم كردستان، والتي تنفيها منذ عقد من الزمن، لأن العقد بين شركة دانة غاز وحكومة إقليم كردستان تم بموجب هذا القانون.

ثانياً، إنها تشكك أيضاً بشكل كامل في قرارات المحكمة الفيدرالية. وعلى وجه الخصوص، فإن قرار إلغاء قانون النفط والغاز الذي أصدرته حكومة إقليم كردستان هو قرار غير دستوري، لأن العراق يتعامل مع شركة أبرمت عقودها في إطار القانون.

ويستند هذا التفسير إلى بيانات من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (eia) وتم تحديد سعر 1000 متر مكعب ب4.9 دولار.

Share this Post

تحليل