تحليل

ملاحظات حول ندوة مسد في قامشلو

21-10-2020


 

RRC | 

شفان إبراهيم|

مستغلة تأرجح أو شبه التوقف المباشر في تحولات المشهد الدولي والإقليمي حول سوريا، وما يستتبعه من جمود في سيولة المشهد السياسي السوري. أقام مجلس سوريا الديمقراطية، وهي المظلة السياسية لقوات سوريا الديمقراطية، ندوتها الثامنة بتاريخ 13/10/2020، ضمن سلسلة الندوات التي عقدتها في مختلف مناطق شمال شرق سوريا منذ قرابة الشهرين، تحت عنوان “نحو مؤتمر وطني للجزيرة والفرات” مدعية فيها رغبتها بإعادة القرار السياسي إلى السوريين، منطلقة من أرضية أن لا فائدة من مسارات الحل السياسي حول سوريا، في جنيف وأستانا، بسب تغييب القرار السوري، وفقاً لقيادات “مسد”.

في المقابل فإن الخصوم السياسيين لمسد، دائمي التلويح بالقرار2254، ومفاوضات جنيف. لذا يصفون هذه الندوات، وغالبية أنشطتها السياسية والتنظيمية، بالمساعي الخجولة لخلق مساحات خاصة بها وبحلفائها من مكونات المنطقة؛ بهدف استثماره سياسياً والدخول إلى مسار الحل السياسي في جنيف.

وتحديداً في الندوة التي أقيمت في قامشلو، يُمكن تلخيص ستة ملاحظات متداخلة فيما بينها، حول أداء وخبايا الندوة.

أولها: كباقي الندوات السبع الأخرى، فإن الندوة الثامنة أيضاً، لم تشمل المكونات والكيانات السياسية الرئيسية الفاعلة في شمال شرق الفرات. ومع تواجد تنوع أثني وقومي وديني، لكن ذلك لم يعكس سوى حقيقة تمثيل مسد لجزء فقط من المجتمعي المحلي.

 

ثانيتها: الجلسات والحوارات التي تحدث خارج سلطة الإدارة الذاتية، تتميز بالرفض العلني للسياسات المتبعة، خاصة في مجالات الصحة والاقتصاد والإدارة العامة والغياب التام للتخطيط. لكن هذه الندوة شهدت مديحاً وشكراً للإدارة الذاتية ومسد.

ثالثتها: تتفق أغلب الكتل السياسية، وهو أيضاً ما تشرحه وقائع توزع السيطرة العسكرية والميدانية، أن الدول الفاعلة في الشأن السوري، تتحكم بقرار السوريين. صحيح أن عودة القرار السياسي للسوريين، يُعتبر مُنجزاً سياسياً وعسكرياً مهماً، لكن تواجد خمس جيوش في شمال شرق سوريا/الأمريكان، الروس، النظام السوري، قسد، فصائل المعارضة السورية المدعومة من تركيا/ وتدخلاتها في المفاصل الاقتصادية والدبلوماسية والقرار السياسي، وكلاٌ حسب قوته وحجمه. ومع ابتعاد كتل سياسية مثل /مؤيدي النظام السوري، المجلس الكُردي، المنظمة الأثورية/ عن سياقات مسد السياسية، فإن أيَّ طرحاً خارج مصالح الجهات الفاعلة والمتحكمة عسكرياً، لن تكون سوى المزيد من شلال الدم واستدامة النزاع، خاصة وأن لا توافق وطني حالياً.

رابعتها: بدا واضحاً من الموقف السياسي لمسد ضمن الندوة، هو توضيح الموقف من أربع جهات، وذلك وفقاً ما جاء على لسان السيدة “الهام أحمد” رئيسة الهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية. حيث اتهمت النظام السوري في الجلسة الافتتاحية، بعدم تغييره نهائياً لمواقفه من قضية الحوار مع الإدارة الذاتية، وتخصيص روسيا بعدم التزامها بتعهداتها، وفشلها بالضغط على دمشق لفتح أبواب الحوار بينهم. ولعل مسد رغبت بقول ثلاث رسائل. الأولى: اتهام دمشق بالانغلاق السياسي تجاه الحوار، وعدّم تنازل النظام السوري بالعودة إلى ما قبل2011. والثانية: اتهام مسد لروسيا بالتقصير، جاء بعد تصريحات لقيادات روسيا، تتهم واشنطن والكُرد بالسعي نحو الانفصال عن سوريا، تراشق الاتهامات هذا يعني فض الاتفاق المبروم بين مسد وحزب الإرادة الشعبية. والثالثة: فإن مواقف مسد، تدعم التسريبات الإعلامية حول تصريحات جيمس جيفري أثناء لقائه مع الأطراف الكُردية والعربية في شرق الفرات، حول عدم سماح الإدارة الأمريكية بتحالف مسد مع محور دمشق –موسكو.

وثانياً: توسعت رقعة الاتهامات عبر الجلسة الافتتاحية، حيث اتهمت “الهام احمد” تركيا إنها من تتحكم بالمعارضة السورية وتدفعها لارتكاب الانتهاكات في سري كانيه وكري سبي وعفرين، بعد أن سيطرت عليها، واتهمت المعارضة السورية بتنفيذها أجندات تركيا فحسب. كما اشترطت الندوة وعبر لسان قيادات مسد انسحاب تركيا من تلك المناطق، وعدّم رضوخ المعارضة للقرار التركي، كشرط لفتح باب الحوارات معهما.

بدا واضحاً موقف مسد من قبول الحوار مع تركيا والمعارضة السورية، ورفضها الحوار مع دمشق وموسكو. وفي ذلك نقلة نوعية وتغييراً في مواقفها وثوابتها السياسية من قضايا الحوار، بعد أن كانت تفضل دمشق وروسيا، توجهت صوب مغازلة المعارضة وتركيا.

خامستها: وجدت الشرائح المعارضة لسياسات الإدارة الذاتية فرصة سانحة للإدلاء بآرائها حول مجمل التطبيقات والتوجهات المتبعة، لولا ثلاث مشاكل مركبة أثرت في طبيعة العمل الأدائي داخل الندوة. الأولى: كجميع الجهات التي ترغب بالتهرب من الإجابات عبر عدم إفساح المجال للحديث كفاية، فإن مفردة “ضيق الوقت” لم تغب كأداة لديوان المنتدى لإنهاء مداخلات الشخصيات المعارضة، قابله منح الوقت الكافي لكل من أراد الحديث عن “منجزات” الإدارة الذاتية والدفاع عنها، وفي ذلك كانت بمثابة المقتلة للمنظمين والميسرين.

الثانية: عاب على المنتدى كثرة حضور قيادات وموظفي الإدارة الذاتية، ومع استرسالهم في الدفاع عن “إدارتهم” أنعكس سلباً في نوعية الخطاب المنقسم إلى ثلاث مستويات: أحداها تابع لإدارة المنتدى، والثانية طبق الأصل عن الأولى كانت من حصة موظفي وقيادات الإدارة الذاتية ومسد، والذين حضروا بصفتهم ضيوف! والأخرى لمن تبقى ممن رغبوا بالحديث، مع ضغط الوقت.

الثالثة: المهم في أيَّ ندوة، هي الردود الهادئة، وهو ما عاب على “ديوان الندوة” خاصة أثناء الرد على منتقدي الإدارة الذاتية. حيث تمحور جُل الخطاب حول اتهام كل من ينتقد الإدارة الذاتية بالحقد والكراهية، وتعييب المثقفين والكفاءات الجامعية بالجبّن والتخاذل وخوفهم على شهاداتهم. وفي ذلك كان تأكيد لكل الأصوات التي اتهمت الإدارة الذاتية أنها تصف المخالفين لهم بالأعداء والحاقدين.

سادساً: يُفهم من زيادة وتيرة الأنشطة السياسية لمسد والإدارة الذاتية، عملها المستمر في سبيل طروحاتها وأفكارها. ويقابله حالة الجمود واللاعمل من قبل المجلس الكُردي، وغياب البرامج والتطبيقات.

لا بديل عن الحوار، وإيجابية كبيرة في حصول أي طرف على حضور جماهيري متنوع، كما فعلته مسد. لكن رُبما كان من المهم لقسد التفكير والسعي حول كيفية ترسيخ وجودهم، بطرق أخرى، بما يشكلونه من تمثيل سياسي نسبي. والمساهمة في حلحلة الخلاف الكردي –الكردي، وخلافات الإدارة الذاتية مع شرائح مجتمعية عديدة فاعلة في الشأن السوري وشرق الفرات خاصة.

 

Share this Post

تحليل