تحليل

في اشتباكات قامشلو الأخيرة

22-04-2021


 

RRC | حسين عمر  |

مقدّمة:

تشهد مدينة قامشلو، كبرى مدن غرب كوردستان، منذ الساعة العاشرة من ليل يوم الثلاثاء، 20 ابريل، اشتباكات مسلّحة بين قوات الأسايش التابعة للإدارة الذاتية  لشمال وشرق سوريا من جهة، وقوات الدفاع الوطني في الحسكة، وهي مليشيات تابعة للحكومة السورية.

وعلى الرغم من أنّ الاشتباكات تشتدّ وتُستخدم فيها الأسلحة الثقيلة أحياناً، وتخفّ أحياناً أخرى،

الاشتباكات التي اندلعت في أعقاب فقدان عنصر من قوات الأسايش لحياته برصاص مسلّحي الدفاع الوطني أثناء قيامه بمهامه على حاجزٍ داخل مدينة قامشلو، ليست الأولى من نوعها التي تقع بين قوات الإدارة الذاتية وميليشيا الدفاع الوطني أو القوات السورية النظامية في مناطق التماس والاحتكاك والتداخل بين هذه القوات، بل سبق وأن حدثت مراراً وتكراراً.

 

حادثٌ أمني، لا تطوّرٌ سياسي

 

    من خلال مراقبة ما جرى في غضون الساعات الأربع والعشرين التي انقضت على هذه الاشتباكات، تبدو أنّها عبارة عن حادثٍ أمني محدود، وليس تطوراً سياسياً مفتوحاً. بمعنى أنّه ليس هناك قرار سياسي من أحد طرفي النزاع، أي الحكومة السورية والإدارة الذاتية، باللجوء إلى المواجهة العسكرية لتغيير الواقع الميداني الموجود في المناطق التي يمكن تسميتها بمناطق (التعايش على مضض) بين الطرفين. فالاشتباكات ظلّت محصورة بحيّ واحدٍ من المدينة ولم تمتدّ إلى سواه من أحياء ونقاط التماس بين الطرفين، ولم تشترك فيها القوات الحكومية النظامية واقتصرت على ميليشيات الدفاع الوطني. كما أنّ المناخ السائد بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية في الأيام الأخيرة لم يكن يشير إلى المواجهة، بل إلى الحوار، الذي أُعيد فتح قنواته. وحسب معلوماتنا، تجري محاولات لعقد جولة من المباحثات بين وفدٍ من الإدارة الذاتية والحكومة السورية، بل وربّما تكون لقاءاتُ قد جرت بالفعل في العاصمة دمشق دون الكشف عنها. فالظروف التي يمرّ بها الطرفان، علاوة على اشتداد وطأة جائحة كورونا في مناطقهما، من أزمات اقتصادية ومعيشية خانقة، تجعل كلّ طرف منهما بحاجة إلى الآخر، وخاصّة حاجة الحكومة السورية إلى النفط والحبوب من مناطق الإدارة الذاتية، وحاجة الإدارة الذاتية إلى السلع والمواد الاستهلاكية التي تشكّل مناطق الحكومة مصدرها الرئيسي. علاوة على ذلك، هناك نوعٌ من التفاهم والتوافق بين أمريكا وروسيا على الوضع القائم بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية، وليس هناك ما يشي بانقلاب أحد الراعيين الدوليين على هذا الوضع. كما أنّ تغيير الوضع القائم في مدينة قامشلو وأطرافها ليس ملفّاً منعزلاً عن المدن والمناطق الأخرى، من الحسكة إلى حلب، وصولاً إلى منطقة الشهباء، شمال حلب. وبالتالي، إنّ أقصى ما قد تسعى إليه الإدارة الذاتية هو استثمار هذه الاشتباكات التي تسبّبت بها ميليشيات الدفاع الوطني في تحجيم دور هذه الميليشيات في بعض مناطق التماس وربّما تقليص مساحة سيطرتها في تلك المناطق.

وساطة روسية

    تلعب روسيا باستمرار دوراً في منع التصعيد بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية عسكرياً في المنطقة. وكحال المرّات السابقة، سارعت القوات الروسية الموجودة في قاعدتها في مطار قامشلو الدولي، ليلة الثلاثاء، إلى الاتصال بطرفي الاشتباك والدعوة إلى لقاءات واجتماعات لتطويق هذا الحادث. وقد عُقدَت اجتماعات بالفعل، ولكن الروس لم يعلنوا فشل مساعيهم وانتهائها.

تُدرك روسيا أنّ هذه التوتّرات الأمنية والاشتباكات التي تنجم عنها بين حينٍ وآخر سوف تستمرّ ما لم يكن هناك حوارٌ حقيقي بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية يُفضي إلى اتّفاقٍ بشأن مختلف الجوانب السياسية والعسكرية والإدارية. وعلى الرغم من قبول الطرفين بالوساطة الروسية، إلّا أنّ مشكلة الدور الروسي تكمن في أنّ روسيا لا ترغب أو ربّما لا تستطيع أن تمارس ضغطاً حقيقياً على الحكومة السورية لدفعها إلى القبول بحوارٍ حقيقي مع الإدارة الذاتية يأخذ معطيات الواقع بالاعتبار، ربّما لأنّ روسيا تخشى من أن يؤدّي هذا الضغط الجدّي على الحكومة السورية إلى احتمائها بإيران والالتصاق بها أكثر.

خلاصة    

– الاشتباكات هي حادثٌ أمني محدود لا يرتبط بقرار تغيير الوضع الميداني في قامشلو.

– لا تسعى الحكومة ولا الإدارة الذاتية إلى المواجهة المسلّحة الواسعة في هذه المرحلة.

– سيكون لروسيا دورٌ في تطويق هذا الحادث ومنع توسّعه.

– لن تنتهي هذه التوتّرات الأمنية إلّا من خلال حلٍّ سياسي، سواء كان سورياً شاملاً، أو بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية.

 

 

Share this Post

تحليل