بحوث

إقليم كوردستان واحتمال انقسام آكبارتي

06-10-2019


 

RRC |

 

بدأ علي باباجان، وهو واحد من الوجوه في الحكومات التركية السابقة ومن مؤسسي حزب العدالة والتنمية (آكبارتي)، التحرك باتجاه تأسيس حزب جديد. هناك كلام يدور منذ زمن عن مجموعة من الناقمين داخل الحزب الذي يمسك بزمام السلطة في تركيا منذ مطلع القرن الحالي. سواء أسس علي باباجان حزباً أم لم يفعل، فإن المشاكل الداخلية للأحزاب واحدة من أهم المسائل في السياسة الداخلية التركية ويمكن أن تؤثر على السياسة الخارجية وعلاقات أنقرة مع أربيل أيضاً.

احتمال انقسام آكبارتي

ليس علي باباجان الوحيد الذي يقال عنه هذا، بل هناك شائعات تقول إن رئيس الوزراء التركي السابق، أحمد داودأوغلو، أيضاً يفكر في تأسيس حزب. السخط داخل آكبارتي زاد بعد مساعي رئيس الحزب لتغيير النظام السياسي للبلد وجمع كل السلطات في يد رئيس الجمهورية. حيث يرى الساخطون أن آكبارتي حاد عن المبادئ التي تأسس عليها ويمضي باتجاه سطوة سلطة الفرد والعائلة.

 

تزامناً مع ذلك، بدأت تركيا تتخلى عن الإصلاحات المرتبطة بعضوية الاتحاد الأوروبي وبدأت تتراجع عن الإصلاح والديمقراطية، وتعتمد سياسة تقوم على الأمن، لتعزيز التوجه القومي – الإسلامي داخل آكبارتي. فزاد تحجيم حرية التعبير وبدأ تراجع فيما يتعلق بالمسألة الكوردية. أما على صعيد السياسة الخارجية فقد زادت الخلافات مع أوروبا وأمريكا مقابل المزيد من التقارب مع روسيا ودول المنطقة.

لا شك أن هذا يتزامن مع فقدان الاقتصاد التركي نموه السابق الذي كان واحداً من عوامل نجاح آكبارتي. فبعد 2015 زاد ابتعاد المؤسسين والشخصيات البارزة عن الحزب. ثم بدأت نسبة أصوات آكبارتي في الانتخابات تتراجع ويتوقع أن تكون الآن 34% فقط من الأصوات في تركيا.

بعد التراجع الملحوظ في أصوات آكبارتي في الانتخابات المحلية لهذا العام، ارتفعت أصوات الاستنكار داخل الحزب، وبرز علي باباجان كأبرز صورة لهذه المرحلة. وتشير المعلومات التي انتشرت إلى أن اجتماع أردوغان – باباجان حول احتمال عودة الأخير إلى الكابينة الحكومية لم ينجح وأن باباجان أكد مراراً أن آكبارتي ابتعد عن المسار الذي تأسس لأجله في 2002. رغم غياب أي شيء رسمي، لكن بعض المصادر يشير إلى احتمال كبير لقيام باباجان بتأسيس حزب جديد في الخريف. فهو يدعو إلى العدالة والحرية، وتؤيده شخصيات من قبيل عبدالله غويل، نهاد أرغوين، حسين جليك، محمد شمشك وبشير أتالاي. إلى جانب خط آكبارتي 2002، هناك شباب وبيروقراطيون في أوروبا وأمريكا وقسم من أصحاب الأعمال والتجار، وشخصيات لبرالية وقسم من المحافظين الكورد يساندون باباجان.

يتوقع عدد من المقربين من آكبارتي أنه في حال قيام باباجان بتشكيل حزب جديد، فإنه سيأخذ 3-4% من الأصوات، لكن مقربين من باباجان يقولون إن هذه النسبة هي 18%، إلى جانب هذا بدأ أحمد داودأوغلو التحرك لعمل سياسي جديد، لكن أطرافاً كثيرة تتفق على أن أنصاره ليسوا كثيرين وتتحدث عن احتمال اتفاقه مع أحد جناحي آكبارتي، باباجان أو أردوغان.

إقليم كوردستان واحتمال انشقاق آكبارتي

ليس آكبارتي الوحيد بل أن أهم الأحزاب السياسية في تركيا يعاني الآن من مشاكل داخلية، ويمكن الحديث عن ثلاث أجنحة مختلفة: كمالي وقومي ويساري، داخل حزب الشعب الجمهوري. كما شهد حزب الحركة القومية انقساماً كبيراً أدى إلى ظهور حزب إيي بارتي، ومازال إيي بارتي وحزب الحركة القومية يعانيان مشاكل داخلية. كما يعاني حزب الشعوب الديمقراطي من مشكلة مبطنة بين القوميين الكورد واليساريين وهناك احتمال ظهور مشكلة مؤيدي أوجلان وغيرها.

على مدى نحو عقدين أمسك آكبارتي بزمام السلطة في تركيا، وقد أثر هذا على علاقات أنقرة – أربيل وأنقرة مع كورد الشمال. في حال انقسام حزبه، فهناك احتمال لاندفاع أردوغان أكثر باتجاه القوميين أو البدء بعملية مختلفة لمصالحة الكورد. أما المؤشرات الحالية فترجح الاحتمال الأول. إن أسس علي باباجان حزباً، ستتغير السياسة الداخلية التركية، ويجري تعريف التوازنات من جديد. أما في حال لم يؤسس حزباً واختار طريق التصالح مع أردوغان، فستتغير سياسة آكبارتي.

من الأفضل لإقليم كوردستان في علاقاته مع تركيا أن يأخذ هذه الاحتمالات في الحسبان، ومع أن آكبارتي لا يزال أقوى حزب في تركيا فإن السخط الداخلي وأحزاب المعارضة ليسوا قليليلن وهذا يجعل توسيع العلاقات مع مختلف الأطراف التركية يصب في صالح إقليم كوردستان. أي أن يفكر في مرحلة ما بعد آكبارتي.

Share this Post

بحوث