RRC |د. چواس حسن|
* متخصص في القانون العام، ومدرس بكلية العلوم السياسية – جامعة صلاح الدين
عندما شكل رئيس الوزراء العراقي (عادل عبدالمهدي) الكابينة الجديدة للحكومة الاتحادية، في 25 تشرين الأول 2018، كان حجم برنامجه الحكومي لافتاً، فقد كان طويلاً متعدد الجوانب من جهة، ومن جهة أخرى كان يتناول حل المشاكل الأولية للمجتمع العراقي، من قبيل التخطيط للتقدم به. كانت هذه إشارة قوية إلى حجم الأزمة الدستورية، الإدارية، الاقتصادية والخدمية العميقة التي يعانيها العراق، بحيث بدا وكأنه دولة حديثة التأسيس حبلى بالأزمات، أكثر منه دولة شُكلت منذ نحو قرن من الزمان([1]).
العراق دولة عانت على الدوام من أزمة حكم. ففي العهد الملكي (1921-1958) تم تشكيل 46 حكومة على مدى 37 سنة([2])، أي أن معدل عمر الحكومة الواحدة كان 9.5 شهراً، هذا إضافة إلى الانقلاب العسكري الذي قام به بكر صدقي في العام 1936 وحركة رشيد عالي الكيلاني في 1941. هذه الأمور تدل على عدم الاستقرار العميق للحكم في ذلك العهد. بعد ثورة 14 تموز، شهدت الفترة (1958-1968) ثمانية انقلابات عسكرية، ناجحة وفاشلة، على مدة عشر سنوات([3])، أي أن الفترة بين كل انقلابين كانت 15 شهراً، هذه الانقلابات قضت على كل الأحزاب والسياسيين الأصيلين وحتى على ضباط الجيش الأقوياء بصورة أو بأخرى، لتمهد لوصول البعثيين إلى السلطة “بدون إراقة قطرة دم واحدة” في العام 1968. خلال فترة حكم البعث (1968-2003) وإلى جانب التأسيس لدكتاتورية الحزب الواحد (1968-1979) ثم التمهيد التدريجي للحكم الفردي والأسري من قبل صدام حسين (1979-2003)، تورط العراق في ثلاث حروب دولية: الحرب العراقية – الإيرانية (1980-1988)، حرب العراق – الحلفاء المعروفة بحرب الكويت (1990-1991) وحرب أمريكا- العراق (2003).
وفي ما يخص الكورد، كانت العلاقة بين الكورد والحكومات العراقية متأزمة باستمرار منذ بداية تشكيل الدولة العراقية وإلى اليوم. حيث جاءت ثورات الشيخ محمود الحفيد خلال الفترة (1919-1931) نتيجة لإغفال حقوق الكورد، وكذلك الحال بالنسبة لانتفاضات بارزان في الفترة (1931-1943). ثم شهدت الفترة (1961-1975) واحدة من كبرى ثورات الكورد التي اندلعت في العصر الحديث من حيث الجغرافيا والفترة الزمنية (ثورة أيلول)، ومنذ ذلك الحين أضحت الثورة فعالية مترسخة ومستمرة، وأصبح البيشمركة مؤسسة عسكرية مدافعة عن حقوق الكورد وعن الديمقراطية في العراق. بعدها، وفي العام 1970 تم الاتفاق على اتخاذ صيغة الحكم الذاتي أساساً وإطاراً لتحديد حقوق الكورد والعلاقة بين الكورد وبغداد، لكن الاتفاق لم يدم، لأن البعث تراجع حتى عن هذا الإقرار الصغير بحقوق الكورد من جهة، ومن جهة أخرى كانت حقوق وهوية ونضج شعب كوردستان أكبر بكثير من أن يضمها إطار الحكم الذاتي. فكان أن تأسس إقليم كوردستان بعد انتفاضة ربيع 1991، بناء على إرادة مواطني كوردستان ومن خلال انتخابات عامة، وحددت الأحزاب الكوردستانية الإطار الفدرالي كصيغة لتنظيم العلاقة بين جنوب كوردستان وبغداد، وأصرت على هذا الخيار حتى تم تثبيته في العام 2005 في الدستور العراقي.
كل ما جرى من مواقف وأحداث بين إقليم كوردستان وبغداد، بعد المصادقة على الدستور العراقي في العام 2005، يضعنا في مواجهة حقيقة مفادها أن المشاكل والخلافات بين الكوردستانيين وبين بغداد لم تنته، وأنها بحاجة إلى التحقيق والتدقيق للعثور بطريقة علمية على حلول لها. في هذا الإطار، يحاول هذا البحث تحديد مصادر المشاكل واقتراح حلول علمية لها.
رابط البحث الكامل: