السادة الحضور الكرام!
صباح الخير وأهلاً بكم في المنتدى السنوي الثالث لمركز رووداو للدراسات. إنه شرف ومسؤولية كبيرة لي ولزملائي في شبكة رووداو الإعلامية أن نفتح اليوم، في هذه اللحظة الحساسة التي يمر بها الشرق الأوسط، في أربيل، مدينة كردستان العريقة التي كانت ملتقى للعديد من الثقافات والحضارات في هذه المنطقة، باب حوار متعدد الأطراف حول مختلف القضايا.
لا شك لدي في أن مناقشات منتدانا، بمشاركتكم الكريمة، ستكون خطوة استثنائية أخرى في تطوير ثقافة الحوار في أوقات الخلاف، وذلك في منطقة عانت لسنوات طويلة من كوارث ومآسي الحرب والصراع.
يُعقد منتدى أربيل 2025 في وقت يقع فيه الشرق الأوسط في قلب التغيرات الجيوسياسية العالمية، ومعضلات الأمن والتحولات الاقتصادية والاجتماعية. لقد تراكمت التحديات الحالية للحرب، وتغيرت المعطيات مع التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لتشكل طبقات متعددة من عدم اليقين حول مستقبل هذه المنطقة.
إلى جانب الحرب في شرق أوروبا واحتمالات التوتر في مناطق أخرى من العالم، فإن أحداث ما بعد 7 أكتوبر 2023، وسقوط نظام البعث في سوريا، قد وضعت الشرق الأوسط أمام سلسلة من الأحداث المهمة التي تشمل مجموعة واسعة من القضايا، بدءاً من المنافسة المسلحة وتغير التحالفات وصولاً إلى احتمال نشوب حروب أخرى.
خلال السنوات الخمس الماضية، وقع أكثر من 14٪ من إجمالي أحداث العنف المنظم في العالم في هذه المنطقة، وفي العام الماضي وحده، بلغت هذه النسبة 20٪ من إجمالي أعمال العنف المنظم في العالم. هذا كثير جداً لمنطقة لا تشكل جغرافيتها سوى 5-6٪ من مساحة العالم. وبالتوازي مع ذلك، من الناحية السياسية، فإن تغير التحالفات والصراعات في المنطقة، إلى جانب دور القوى العالمية الكبرى، قد خلق حالة من عدم اليقين حول مستقبل هذه المنطقة.
في وقت تزايدت فيه الاستقطابات القوية والأيديولوجية في العالم والشرق الأوسط، ازداد دور الأفراد والقادة الأقوياء بدلاً من المؤسسات، وهذا يظهر في هذه المنطقة أكثر من أي مكان آخر. ولهذا السبب، فإن إبقاء باب الحوار مفتوحاً أكثر أهمية لهذه المنطقة من أي وقت مضى.
اقتصادياً، ارتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في هذه المنطقة بسبب مشاركة الدول المنتجة للنفط في الخليج، ولكن في الواقع، فإن ارتفاع مستويات التضخم والأسعار، وأزمات العملات، وعدم اليقين في سوق الطاقة، وقضايا الإصلاح الاقتصادي مع التحديات البيئية مثل أزمة المناخ، قد أضافت طبقة أخرى من عدم اليقين لمستقبل هذه المنطقة.
بالتوازي مع ذلك، تمر المنطقة بتحول ديموغرافي واجتماعي، وقدرة الدول على تلبية احتياجات الجيل الجديد موضع نقاش. النمو السكاني السريع، وقضايا التضليل والمعلومات الخاطئة، والقضايا الاجتماعية مثل دور الشباب والمرأة في مجتمعات هذه المنطقة، وقضايا تعاطي المخدرات والجريمة المنظمة هنا، لم تعد مجرد قضايا وطنية للدول فحسب، بل أصبحت قضية دولية كبيرة.
منتدى أربيل 2025 يركز على هذه القضايا، وبمشاركتكم الكريمة وأكثر من 90 متحدثاً رئيسياً من مختلف دول العالم، سنحاول تقديم صورة شاملة عن الوضع الحالي وسبل الخروج من حالة عدم اليقين المتراكمة هذه. بالتأكيد، لم يكن هذا ممكناً لولا دعم شركائنا الذين وحدنا معهم أفكارنا لإنجاح منتدى أربيل.
نتشرف بأن فخامة عبد اللطيف رشيد رئيس جمهورية العراق الفيدرالية، فخامة د. محمود المشهداني رئيس البرلمان العراقي الفیدرالی ودولة الرئيس محمد شياع السوداني رئيس الوزراء الفيدرالي، والسيد نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كردستان، والسيد قباد طالباني نائب رئيس وزراء إقليم كردستان، مع عدد كبير من كبار المسؤولين السياسيين المحليين والدوليين، إلى جانب الدبلوماسيين والعلماء والمحللين المحليين والدوليين، سيساعدوننا بحضورهم ومشاركتهم في إجراء حوار دقيق وشامل.
وفي الختام، أود أن أشكر رعاة منتدى أربيل الذين خففوا عنا بعض الأعباء. كما أتوجه بالشكر الجزيل لجميع زملائي في شبكة رووداو الإعلامية، مع فريق من المتطوعين من جامعة كردستان - أربيل، الذين عملوا بلا كلل في الفترة الماضية لإنجاح هذا المنتدى. دعمهم، كجنود مجهولين في الخلف، يستحق كل التقدير والإعجاب.
مرة أخرى، أهلاً بكم. نأمل في حوار مثمر.