نشاط

اللقاء الخاص 02: رؤية إقليم كردستان لعصر عدم اليقين؛ تأثير التوافقات والانقسامات الإقليمية في كردستان

20-03-2025


زريان روجهلاتي:دعني أبدأ مباشرة بسؤال قد يرغب الكثيرون في معرفة إجابته: متى ستتشكل حكومة إقليم كوردستان؟

نيجيرفان بارزاني:
الآن ونحن جالسون هنا في أربيل، يجري وفدا الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الكوردستاني محادثات جادة حول تشكيل حكومة إقليم كوردستان. قد يتساءل البعض لماذا استغرقت هذه المسألة وقتاً طويلاً، لكننا نعتقد أنه من الضروري منحها وقتاً كافياً. حالياً، يخوض الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي عملية تفاوض لتثبيت المبادئ ذات الأهمية للطرفين في اتفاق يشكل أساساً لتشكيل حكومة إقليم كوردستان، هذا من جهة.

من جهة أخرى، أجرى إقليم كوردستان في العام الماضي انتخابات ناجحة للغاية، حيث بلغت نسبة مشاركة سكان الإقليم 72٪. هذا بالفعل مدعاة للفخر والامتنان لشعب كوردستان الذي تعامل بمسؤولية مع الانتخابات. وفي الوقت نفسه، فإنها مسؤولية تقع على عاتق الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي. تضع مسؤولية خاصة على عاتق الحزبين الفائزين، الحزب الأول والحزب الثاني، اللذين يجب أن يبذلا جهداً جاداً لتلبية توقعات الناس، وتشكيل حكومة فعالة تكون محل ثقة وأمل لجميع مكونات شعب إقليم كوردستان. حتى إذا استمرت هذه المحادثات، ففي النهاية نأمل أن نشهد تشكيل حكومة تحظى بثقة شعب إقليم كوردستان، وأعتقد أنه يمكننا تحمل هذا التأخير.

زريان روجهلاتي: في شهر تشرين الأول ستُجرى انتخابات في العراق. هل سيكون لتأخير تشكيل حكومة إقليم كوردستان واقتراب موعد انتخابات البرلمان العراقي أي تأثير سلبي على المفاوضات؟

نيجيرفان بارزاني:
في رأيي، لا ينبغي أن نخلط بين هذين الأمرين. الانتخابات التي أجريناها في إقليم كوردستان هي مناسبة لأن أتقدم مرة أخرى بالشكر على تعاون ودعم بغداد الكامل، وأشكر رئيس الوزراء، ورئيس البرلمان، والبرلمان العراقي، والمحكمة الاتحادية العراقية، ومجلس القضاء، ورئيس جمهورية العراق، كل هؤلاء كانوا مساعدين لنا لنتمكن من إجراء انتخابات ناجحة. يجب فصل هذين الموضوعين عن بعضهما البعض. أعتقد أن شعب كوردستان يتوقع تشكيل هذه الحكومة في وقت أسرع، وآمل أن نأخذ ذلك على محمل الجد، لأنه كما ذكرت، فإن نسبة المشاركة البالغة 72٪ والثقة التي منحها شعب كوردستان لهذه الأحزاب، هي ما يدفع هذه الأحزاب للإسراع في تشكيل الحكومة.

زريان روجهلاتي: تحدثت عن أن الأمر قد لا يستغرق وقتاً طويلاً، ولكن في الوقت نفسه، ذكرت أنه ينبغي على الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي مواصلة الحوار لفهم بعضهما البعض بشكل أفضل. هل يمهد هذا الطريق لرؤية شكل جديد من الاتفاق الاستراتيجي بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي؟

نيجيرفان بارزاني:
إذا نظرنا إلى الاتفاق الاستراتيجي بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني في تلك المرحلة، والتي كنا نسميها مرحلة الاتفاق الاستراتيجي، فقد شهدنا فترة من الازدهار والتقدم السياسي والاجتماعي الكبير في كوردستان، في ظل ذلك الاتفاق الذي أبرمناه مع الاتحاد الوطني وأطلقنا عليه الاتفاق الاستراتيجي. ربما ما نحن بصدده الآن لا يمكن تسميته بالكامل اتفاقاً استراتيجياً، لكنه يشكل أساساً إدارياً وسياسياً سليماً لكيفية إدارة الحكم في إقليم كوردستان ومعالجة المشكلات التي نواجهها، سواء من الناحية الإدارية أو السياسية، ونسعى لتضمينها جميعاً في هذا الاتفاق الذي نعقده الآن مع الاتحاد الوطني.

زريان روجهلاتي: هل ستُشكَّل الحكومة فقط من الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني أم ستشارك فيها أطراف أخرى؟

نيجيرفان بارزاني:
في الحقيقة، حاول الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني إشراك جميع الأطراف. كما حاول الاتحاد الوطني تشكيل الحكومة مع الأطراف الأخرى دون الحزب الديمقراطي، وحاول الحزب الديمقراطي ذلك أيضاً، لكن الأمر لم ينجح. لذلك، يجب أن يجلس هذان الحزبان معاً لتشكيل الحكومة. بالطبع، ستشارك مكونات أخرى أيضاً، وليس هذا فحسب، ولكن العنصر الرئيسي في تشكيل الحكومة، كما هو واضح حتى الآن، سيكون الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني.

زريان روجهلاتي: حدثت تغييرات مهمة في المنطقة، خاصة في سوريا، والتي من المؤكد أن لها تأثيراً على الوضع الكوردي بشكل عام وعلى إقليم كوردستان بشكل خاص. ألا ترون ضرورة إجراء محادثات مع الأطراف الأخرى في إقليم كوردستان، غير الاتحاد الوطني الكوردستاني، كرئاسة إقليم كوردستان؟

نيجيرفان بارزاني:
نحن نتحدث مع جميع الأطراف، ربما لم نعقد اجتماعاً مشتركاً رسمياً لمناقشة هذه القضايا معاً، ولكننا في تواصل مستمر مع جميع الأحزاب، ولدينا محادثات حول هذا الشأن. كما أن الأحزاب الموجودة في كوردستان تتابع هذه القضايا باهتمام وتناقشها بجدية، ونحن على اطلاع دائم ببعضنا البعض.

زريان روجهلاتي: نقطة مثيرة للاهتمام هي اللقاءات التي تجرونها مع السلطة القضائية خلال زياراتكم إلى بغداد، رغم أنكم لستم حزباً سياسياً محدداً، لكن هذا أثر على العلاقات بين إقليم كوردستان وبغداد. هل تعتقد أن الاستمرار في هذا النهج يمكن أن يكون الطريق الصحيح لحل جميع المشاكل؟

نيجيرفان بارزاني:
دعني أشرح الأمر كالتالي: ما هي المشكلة بين أربيل وبغداد؟ دعنا نترك الحكومة جانباً. أكبر مشكلة لدينا هي أن لدينا نظاماً فيدرالياً بالاسم، لكنه في الممارسة والتطبيق، ما يجري في العراق ليس فيدرالياً، بل هو نظام مركزي شديد للغاية. المشكلة هي أنه عندما تنظر بغداد إلى أربيل، تعتقد أن أربيل لا تتصرف فقط كنظام فيدرالي، بل أيضاً كدولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة. لكن عندما تنظر أربيل إلى بغداد، فإن تصرفات بغداد مع أربيل مركزية للغاية، وهذا غير موجود في أي دولة فيدرالية في العالم. هذه هي الحقيقة، وليس هذا للاستهانة بأحد. في كل مرة أذهب فيها إلى بغداد، خاصة مع شركائنا في العراق، نناقش هذا الأمر، ونقول: "هيا لنجلس معاً ونضع تعريفاً صحيحاً للنظام الفيدرالي". وإذا حللنا هذه المشاكل، أعتقد أنه سيكون ذلك مهماً للاستقرار السياسي في العراق.

التعقيد الموجود اليوم بيننا وبين بغداد هو نتيجة مسألة الصلاحيات، فمن يملك أي سلطة؟ ربما نقوم أحياناً ببعض التصرفات التي تتجاوز الفيدرالية، لكن تصرفاتهم مع الإقليم مركزية للغاية. يجب أن نجلس معاً ونجري هذا الحوار بشكل جدي، لأن هذا الحوار هو مفتاح الحل السياسي للوضع في العراق. لقد تحاورنا أيضاً مع السلطة القضائية العراقية في هذا الإطار. دعني أتحدث بصراحة: نعم، عندما كان يُقال إننا لا ينبغي أن نجلس معهم أصلاً، لكن عندما جلست معهم رأيت أفقاً آخر في مسألة العمل المشترك. لقد دعوت رئيس المحكمة الاتحادية العراقية وقلت له: "لماذا لا تأتون وتعقدون أحد اجتماعاتكم في أربيل؟ أربيل جزء من العراق، نحن جزء من العراق، تفضلوا وتعالوا، وساعدونا في تعريف الفيدرالية. ما هي الفيدرالية؟ عرّفوها لنا". أعتقد أنه إذا تم حل هذه المشكلة، فلن تكون هناك مشكلة مستقبلاً حول مسألة إرسال الأموال، أو جعل الرواتب قضية إخبارية يومية. المشكلة الرئيسية تبدأ من طبيعة النظام، فالنظام العراقي ليس فيدرالياً حقيقياً، بل فيدرالي بالاسم فقط، لكنه بعيد جداً عن الفيدرالية في المضمون والتطبيق.

زريان روجهلاتي: هل قَبِلَ الدعوة؟

نيجيرفان بارزاني:
نعم، قَبِلَ الدعوة. علاقتنا مع الرئاسة جيدة جداً، وهم أيضاً قَبِلوا الدعوة بامتنان للقدوم إلى إقليم كوردستان.

زريان روجهلاتي: هل كل شيء جاهز لاستئناف تصدير نفط إقليم كوردستان؟

نيجيرفان بارزاني:
فيما يتعلق بتركيا، فقد عبّرت تركيا دائماً عن استعدادها، ولم تكن لديها مشكلة في قيام إقليم كوردستان بتصدير النفط. بالتأكيد، أول شيء في مسألة تصدير النفط، وقد أكّدت على ذلك عدة مرات، هو أننا نرى أن النفط سلعة تجارية ونتعامل معه على هذا الأساس، نحن لا ننظر إلى النفط من منظور سياسي، بل نعتبره سلعة تجارية. نتيجةً لإيقاف التصدير، وخاصة بسبب عدم تصويت بعض أعضاء البرلمان العراقي حتى الآن على (تعديل قانون الموازنة)، فقد تكبّد العراق خسائر تُقدَّر بـ 19 إلى 20 مليار دولار، وهو مبلغ كبير جداً بالنسبة للعراق. لحسن الحظ، عندما تحدثنا مع رئيس الوزراء، وبفضل دعم رئيس البرلمان الذي يشرّفنا بحضوره اليوم وهو جالس معنا هنا، فقد أصرّ أيضاً بشدة على أن تعديل هذا القانون يجب أن يُنفَّذ في أقرب وقت ممكن. الآن، ما تبقى هو الجانب التقني من الموضوع. كل شيء جاهز، تركيا مستعدة، والجانب العراقي مستعد أيضاً، وهناك بعض المسائل التقنية، مثل كيفية دفع مستحقات الشركات، وبأي شكل سيتم ذلك، وهذه أمور فنية. لكن من حيث المبدأ، فقد تم اتخاذ القرار، ونحن ننتظر، وبإذن الله، في المستقبل القريب، سيتم استئناف تصدير نفط إقليم كوردستان إلى ميناء جيهان والخارج.

زريان روجهلاتي: هل للولايات المتحدة وروسيا أي دور في هذه المسألة؟

نيجيرفان بارزاني:
بالتأكيد، أميركا كشريك رئيسي، كان دورها تحفيزياً لحل هذه المسألة بسرعة، لأن بعض هذه الشركات شركات أميركية، وبالتأكيد بذلت أميركا جهوداً كبيرة لتحقيق ذلك. أنت ذكرت روسيا، نعم، حاولت روسيا أيضاً، لأن بعض الشركات الروسية، وليس فقط الأميركية، تعمل في إقليم كوردستان. لكن أميركا، كشريك رئيسي للعراق وإقليم كوردستان، كان لها دور في تشجيع كلا الجانبين، إذ شجعت بغداد وأربيل وأنقرة على حل هذه المشكلة واستئناف تصدير النفط.

زريان روجهلاتي: هل يمكن لتوقف تصدير نفط إقليم كوردستان، بالإضافة إلى خسارة 20 مليار دولار، أن يؤثر على ميزانية ورواتب إقليم كوردستان؟ وكيف تمت مناقشة ضمان هذه المسألة مع رئيس الوزراء السوداني؟

نيجيرفان بارزاني:
بخصوص مسألة الرواتب، كنا في اجتماع مع رئيس البرلمان العراقي في تحالف إدارة الدولة، وكنا جالسين هناك، وكما كان رئيس البرلمان صريحاً هنا، كان صريحاً هناك أيضاً عندما قال: "يجب حل مشكلة رواتب إقليم كوردستان". قرار المحكمة الاتحادية العراقية واضح، حيث أكدت المحكمة أن الرواتب يجب أن تكون منفصلة عن المشاكل الأخرى بين أربيل وبغداد. حتى الآن، عقدنا اجتماعاً مشتركاً أنا ورئيس المحكمة الاتحادية ورئيس الوزراء، وكان موقف رئيس المحكمة واضحاً جداً بأن الرواتب يجب فصلها عن الملفات السياسية. في الحقيقة، برأيي، فإن رئيس الوزراء لم يتهاون في جهوده لتوفير رواتب موظفي إقليم كوردستان. لدينا مسائل أخرى تحتاج إلى حل، وهناك بعض المسؤوليات التي يجب على حكومة إقليم كوردستان تنفيذها. لكن، كرئيس لإقليم كوردستان، أعتقد أن حكومة الإقليم تعاملت مع بغداد بمنتهى الشفافية في هذا الشأن. نأمل ألا تصبح مسألة الميزانية القضية الرئيسية في علاقتنا مع العراق. نحن نكمل بعضنا البعض في العراق، نحن نساعدهم في بعض المجالات، وهم يساعدوننا في مجالات أخرى. لدينا قضايا أخرى مهمة مثل المادة 140، ومسألة البيشمركة، أي أن هناك الكثير من الملفات الأخرى التي لا يمكن اختزالها فقط في مسألة الميزانية. مسألة الرواتب هي حق لموظفي إقليم كوردستان، ويجب على رئيس وزراء العراق، والمحكمة الاتحادية، والبرلمان العراقي، وفقاً للدستور، ضمان هذا الحق لموظفي إقليم كوردستان كجزء من العراق، فهذا حق دستوري. كل جهودنا تهدف إلى الوصول إلى حل دائم يخرج مسألة الرواتب من الأخبار والمفاوضات السياسية، حتى لا تبقى قضية جدلية متكررة.

زريان روجهلاتي: في الأيام الماضية، تحدثت كثيراً عن أهمية طريق التنمية. في الواقع، هناك نقاش حول هذا الموضوع، ما هي أهميته لإقليم كوردستان؟ أين يقع إقليم كوردستان في هذا المشروع؟ وبالنسبة للعراق بشكل عام، هل يمكن تنفيذه أم أنه مجرد مشروع يتم الحديث عنه؟

نيجيرفان بارزاني:
لقد سمعتم تصريحات رئيس الوزراء حول مشروع طريق التنمية، الذي يفتح باباً كبيراً للعراق من حيث الاقتصاد والاستقرار السياسي والاقتصادي. ولكن في الوقت نفسه، يجب أن يتم تنفيذ هذا الطريق بطريقة مدروسة، فكما تعلمون، هذا مشروع استراتيجي وكبير جداً. يجب أن يوحد البلاد، وليس أن يخلق انقسامات. بالنسبة لنا في إقليم كوردستان، نولي اهتماماً كبيراً بمعرفة المسار الذي سيسلكه هذا الطريق. بأي مسار سيمر؟ وكيف سيمر؟ كيف تم تصميمه؟ نعتقد أنه يجب تنفيذ هذا المشروع بطريقة تضمن استفادة إقليم كوردستان منه، إلى جانب المكونات الأخرى في الإقليم والعراق بشكل عام.
يجب أن يتم تصميم هذه المشاريع بطريقة توحد البلاد وتخلق انتماءً والتزاماً. فإذا تم تصميم المشروع بطريقة لا تحقق أي مكاسب لإقليم كوردستان، فمن الطبيعي جداً أننا لن ندعمه.

زريان روجهلاتي: كيف هو التصميم الحالي للمشروع؟

نيجيرفان بارزاني:
حتى الآن، لا أعرف التفاصيل الكاملة، لكننا في حوار جدي حول ضرورة تصميم هذا المشروع بطريقة تضمن استفادة إقليم كوردستان منه أيضاً. فيما يتعلق بتركيا، فإن تركيا مستعدة للمشاركة في تنفيذ هذا المشروع. أما فيما يخص المسار الذي سيسلكه الطريق، فقد كان موقف تركيا واضحاً، حيث قالت: "هذا شأن داخلي يخصكم، ويمكنكم حله بأنفسكم". نأمل أن يتم النظر إلى هذا المشروع في بغداد بنفس الطريقة، وأن يتم التفكير في كيف يمكن لهذا المشروع أن يعزز الانتماء والالتزام تجاه البلاد، وأن يتم تحديد مسار يضمن استفادة جميع المكونات منه.

زريان روجهلاتي: في الأيام الماضية، خاصة بعد عودة ترامب لفترة رئاسية ثانية، هناك حديث عن تهديد أميركي وإسرائيلي للعراق. ما هو الطريق المتاح للسياسيين الكورد والشيعة والسنة للعمل معاً لكي يبقى العراق بعيداً عن هذه الصراعات ويكون لديه قرار مستقل؟

نيجيرفان بارزاني:
في هذه المسألة، هناك أمران:

أولاً، إذا نظرنا إلى الأحداث، نرى أن رئيس الوزراء والدولة العراقية تصرفوا بحكمة كبيرة. لم يسمحوا للعراق أن يصبح ساحة للنيران المشتعلة في المنطقة، لقد أبعدوا العراق عن ذلك. لذلك، من وجهة نظرنا، يجب أن يبقى العراق بعيداً عن هذه الصراعات. العراق نفسه عانى من مشاكل كثيرة جداً. منذ عام 2003، كانت لديه مشاكل مستمرة. وقد تحدث رئيس البرلمان العراقي عن هذه المشاكل عبر مراحل مختلفة. الآن، بدأ العراقيون تدريجياً يريدون الاستقرار والراحة، وأن يتمكنوا من التنقل بحرية، وأن يتحسن اقتصادهم. الآن ليس الوقت المناسب لجرّ العراق إلى هذه الصراعات.

ثانياً، يجب أن تكون جميع القوات المسلحة تحت سيطرة الحكومة. لا يمكن لأي قوة أن تتصرف وفق رغبتها داخل العراق وتخلق مشاكل للحكومة. أقولها بصراحة، إذا تصرفت أي قوة خارج إطار الحكومة، فسوف نخسر جميعاً، وسنخسر كثيراً. فيما يخص أحداث سوريا، عندما قرر رئيس الوزراء عدم السماح للقوات المسلحة العراقية بالتوجه نحو سوريا، كان قراراً حكيماً جداً، وقد حمى العراق من حريق كبير جداً. يمكن حماية العراق بطريقة واحدة فقط: بأن يبقى بعيداً عن الصراعات القائمة في المنطقة. يجب أن يكون العراق جزءاً من الحل والمساعدة، وليس جزءاً من المشكلة. وإذا لم يكن كذلك، فإن العراق سيواجه مشاكل كبيرة جداً.

زريان روجهلاتي: مشهد آخر مثير للاهتمام هو أن إقليم كوردستان، رغم ظروفه الخاصة، بدأ يكتسب دوراً إقليمياً. في هذه الأيام، وربما في الأيام القادمة، رأينا ما يتم نشره في وسائل الإعلام التركية حول دعوة الزعيم المسجون لحزب العمال الكوردستاني إلى عملية سلام ومسألة مسلحي حزب العمال الكوردستاني. كما يُذكر في وسائل الإعلام، لديك دور رئيسي في تسهيل هذه المسألة، ولديك صداقة مع فخامة رئيس الجمهورية التركية. هل ستنجح هذه العملية هذه المرة؟

نيجيرفان بارزاني:
يمكنني أن أتحدث بهذه الطريقة. هذه العملية جدية، وقد بدأت بجدية كبيرة في تركيا. وكما رأيتم بأنفسكم، فإن الشخص الذي يصر على تنفيذ هذه العملية هو دولت بهجلي، وهو الآن في المستشفى، وعلينا جميعاً أن ندعو له بالشفاء العاجل، إن شاء الله سيتحسن. لقد وصل الأمر الآن إلى درجة أننا نتمنى له الشفاء، لأن العملية السياسية تعتمد على استمرار هذه الجهود. أعتقد أن العملية جادة وليست مجرد خطوة تكتيكية. دورنا هو دور مساعد، ونحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية لتركيا. دورنا هو كيف يمكننا أن نساهم في المساعدة على حل هذه المشكلة.

لكن الأهم بالنسبة لنا، وهو أمر واضح للجميع، أن هذه المشكلة لا يمكن حلها بالسلاح. دعوة الرئيس أوجلان ستكون بمثابة خارطة طريق لحل هذه المشكلة بطريقة صحيحة وسلمية. في رأيي، هذه العملية تحتاج إلى وقت كافٍ، وليس كما يتوقع البعض أن يتم حلها بين ليلة وضحاها. لكن بالتأكيد، في المستقبل القريب ستتم هذه الدعوة، وهي دعوة واضحة للسلام. نأمل أن يرحب حزب العمال الكوردستاني وجميع الأطراف السياسية الأخرى بهذه الدعوة، وأن يدخلوا في مسار جديد نحو الحل السياسي في تركيا، لصالح الجميع، سواء الأتراك أو الكورد أو جميع المكونات الأخرى الموجودة في تركيا. هذا هو ما ننتظره جميعاً. أما بالنسبة لدورنا، نعم، كان لنا دور سابق، وقد أكدنا الآن لكلا الطرفين أن إقليم كوردستان مستعد لأي دور يسهم في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المعنية. نحن مستعدون لتقديم أي دعم من شأنه أن يساعد في تحقيق السلام والاستقرار.

زريان روجهلاتي: لنفترض أن حزب العمال الكوردستاني (PKK) قبل الدعوة وقرر وضع السلاح، أين سيتم تسليم سلاحه؟ وإلى أين ستذهب قياداته وأعضاؤه؟ هل تمت مناقشة أي مشروع محدد في هذا الصدد؟

نيجيرفان بارزاني:
تمت مناقشة الأمر، لكن لا يمكننا الحديث عن كل تفاصيل هذه المناقشات حالياً. لكن بالتأكيد، أول شيء يجب معرفته هو: كيف سيكون رد حزب العمال الكوردستاني (PKK) على هذه الدعوة؟ إذا تم قبولها، فإن الخطوة التالية ستكون عقد مؤتمر رسمي من قبل PKK للإعلان عن موقفهم. أما الأمور الأخرى، مثل كيفية بدء العملية وتنفيذها، فهذا موضوع له تفاصيله الخاصة. بالنسبة لهذه التفاصيل، قلنا لهم إننا مستعدون للتعاون والمساعدة، لكن حتى الآن، لم يتم تحديد المحتوى بشكل واضح بعد. نحن لا نزال ننتظر الخطوة الأولى، لمعرفة كيف سيتعامل حزب العمال الكوردستاني (PKK) مع دعوة السيد أوجلان.

زريان روجهلاتي: السؤال الأخير، بعد سقوط الأسد في سوريا، التقيتم ترمب في باريس وبعدها التقيتم العديد من القادة في ميونخ. كان هناك نوع من التركيز في حديثكم خلال المقابلة الصحفية على أن سوريا كانت موضوعاً رئيسياً. لاحقاً، نُشرت بعض التقارير عن دوركم في الوساطة لمنع اندلاع الحرب في ثلاثة أحياء في حلب. هل وساطتكم بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والسلطة السورية الجديدة، وربما تركيا أيضاً، مستمرة في هذا الموضوع أم أنها كانت مقتصرة على تلك المرحلة فقط؟

نيجيرفان بارزاني:
في الأيام الأولى، كان قلقنا الكبير هو كيفية حماية الكورد الموجودين في حلب. في الحقيقة، كان لتركيا دور كبير في هذا الموضوع ودور حاسم أيضاً. نحن نشكر الدولة التركية التي كانت معنا على الخط وفعلت ما بوسعها، خاصة في اليومين أو الثلاثة الأولى عندما كنا قلقين جداً على الأحياء الثلاثة في حلب التي يقطنها الكورد. لكن بكل امتنان، أشكر الرئيس التركي ووزير الخارجية ورئيس جهاز المخابرات. كانوا جميعاً مساعدين للغاية في منع حدوث مشاكل، وهذا ما حدث بالفعل، لم تنشأ مشاكل.

زريان روجهلاتي: هل كانت المبادرة من طرفكم؟

نيجيرفان بارزاني:
نعم، كانت المبادرة من طرفنا. هذا واجبنا، فهم إخواننا في سوريا. عندما وصل الوضع إلى مرحلة قد يواجهون فيها مشاكل، اعتبرنا من واجبنا أن نقدم لهم كل المساعدة الممكنة، وسنستمر في مساعدتهم. منذ ذلك اليوم وحتى الآن، قيادة إقليم كوردستان، جميهم، ليس أنا فقط، بل الآخرون أيضاً في قيادة إقليم كوردستان نعمل باستمرار على كيفية مساعدة إخواننا هناك. رسالتنا لهؤلاء الأصدقاء كانت: يجب عليكم إيجاد مكان لأنفسكم ضمن العملية السياسية في سوريا. يجب ألا تنتظروا حتى تتم دعوتكم، بل يجب أن تذهبوا بأنفسكم إلى دمشق، ويجب أن يشارك الكورد في العملية السياسية داخل سوريا الجديدة. ما حدث في سوريا لم يكن مفاجئاً لنا فحسب، بل كان مفاجئاً لأحمد الشرع نفسه بما حدث. كان أمراً غير متوقع. لا أعتقد أنه كان يتوقع أن تجري الأمور بهذه الطريقة. لم يكن هذا خطة، بل كان انهياراً، نفس ما حدث في الموصل عام 2014.

فيما يتعلق بأحمد الشرع، كان الأمر نفسه. أعتقد أنهم خططوا لعملية محددة في منطقة حلب، ولكن بعد حدوث الانهيار، جاؤوا إلى حلب. هذه حقيقة وواقع إذا نظرت إلى ماضي هذه المجموعة، لديهم تاريخ يجعل المرء يتساءل: هل ما يقولونه صحيح أم لا؟ ولكن من ناحية أخرى، إذا نظرت إلى الرسائل التي أطلقوها بعد وصولهم إلى السلطة، فإن جميع رسائلهم تفيد بأنهم يريدون حل مشاكل سوريا. إذا كانت سياستهم فعلاً هي أنهم يريدون حل مشاكل سوريا، أعتقد أنه يجب على الجميع مساعدتهم في القيام بذلك. من ناحية أخرى، نحن قلقون لأننا نشعر أنهم يريدون القيام بذلك بشكل مركزي. لا يمكن إدارة سوريا مركزياً بالصورة التي يريدونها. سوريا بلد متعدد القوميات والأديان. يجب اشراك الجميع. إذا لم يتم اشراك جميع الأطراف للمشاركة في العملية السياسية لسوريا الجديدة، فإن العملية بالتأكيد لن تنجح.

هذا الموضوع له جانبان. الجانب الأول هو أننا حاولنا حماية الكورد ونجحنا إلى حد كبير. الآن، محاولتنا تكمن في كيفية مساعدتهم في العملية السياسية. أعود إلى سؤالكم، هل ما زلنا في هذا الموضوع؟ نعم، ما زلنا فيه ونعمل مع جميع الأطراف، وهدفنا الرئيسي هو التوصل إلى حل في إطار سوريا، حل يجد مكانه ضمن هذا الإطار. ما هو موجود في إقليم كوردستان، في العراق، لا يمكن نسخه ونقله إلى سوريا وتطبيقه، فهذا غير ممكن ومستحيل. ولكننا نعتقد أنه إذا بدأت عملية سياسية، وفي النهاية وجدت جميع مكونات سوريا نفسها في هذه العملية، فسيكون ذلك نجاحاً كبيراً لسوريا وفرصة عظيمة أيضاً، لأن هذا الشعب قد عانى كثيراً من الألم والمعاناة. في الحقيقة، يستحقون أن يعيشوا حياة أفضل من الآن فصاعداً.

February - 2025
Wednesday
26
11:30 AM
-
12:30 PM
Share this Post

نشاط