تمر كوردستان والمنطقة عموماً بمرحلة حافلة بالديناميكيات والتعقيدات، وبعض الأحداث يؤثر بصورة مباشرة على موقع الكورد. في هذا الوقت، يمتاز عرض الرؤى الستراتيجية والعميقة للأحداث بأهمية كبرى. لتقييم الرؤية الستراتيجية للجماعة الإسلامية في كوردستان لأحداث كوردستان والمنطقة، نظم مركز رووداو للدراسات ندوة لأمير الجماعة الإسلامية في كوردستان، علي بابير، أوجز من خلالها وفي أربعة محاور هذه الرؤية وعلى النحو الآتي:
1- الأوضاع الحالية للكورد في المنطقة ووجهة التحالفات والخلافات مع المحيط.
2- إقليم كوردستان وعدم الاستقرار الكبير في العراق الجديد.
3- مستقبل الإقليم عند مفترق طرق المشاكل الداخلية والخارجية.
4- التيارات الإسلامية إلى أين؟ هل تهدف إلى تعميق الآيديولوجيا أم السياسة؟
في المحور الأول، تحدث عن عدد من الأسس الدينية والقانونية لعدالة القضية الكوردية في الشرق الأوسط.
وبين أن “حرمان الكورد من كيان مستقل ودولة هو ظلم”، لكن في نفس الوقت، لم يعز حرمان الكورد من كيان خاص بهم إلى العامل الخارجي وحده بل أكد على العامل الداخلي: “يوجد حالياً في كل جزء من أجزاء كوردستان الأربعة العديد من الأحزاب السياسية غير المتفقة. يعاني الكورد منذ أيام الإمارات من مشكلة التناحر بل أن الأعداء نالوا منا مستغلين الثغرات التي بيننا”.
ثم أكد على ضرورة الأخذ بالإسلام كهوية قومية كوردية وقوة معنوية لحل القضية الكوردية. فهو يعتقد أن سبب انتفاع الشعوب الأخرى في المنطقة من الإسلام وعدم تمكن الكورد من ذلك هو أنه كانت للكورد قراءة “شعائرية فردية للإسلام”، بينما “يحمل الإسلام الحل للمشاكل الاجتماعية وغيرها”.
في المقابل، أكد د. هلمت غريب أن اعتبار الإسلام هوية قومية ووطنية لكوردستان لا يتفق مع طبيعة مجتمعنا، لأن مجتمع كوردستان متعدد الأعراق والأديان وإكساء مجتمعه لباساً إسلامياً جاهزاً يمكن أن يسبب لنا مشاكل.
وأكد البرلماني السابق من حركة التغيير، كاردو محمد، على أنه لا يتفق آيديولوجياً مع علي بابير وأشار إلى أن مشكلة الكثير من البلاد الفاشلة هي الآيديولوجيا التي تمهد لتقسيم المجتمع.
أما الكاتب والناشط السياسي، فارس نورولي، فقد أكد أن العودة إلى الآيديولوجيا خطأ يؤدي إلى هدر طاقة المجتمع الكوردي، كما حدث عند تكريس الطاقة الكوردية لخدمة الماركسية وقبل ذلك لخدمة الدين، وأضاف نورولي أن كثيراً من شعوب المنطقة انتفعوا من الدين لخدمة أممهم وأوطانهم في حين لم يحدث هذا في كوردستان.
وعن أوضاع العراق، رأى علي بابير أن “الخطأ الذي ارتكبته أمريكا في العراق بعد صدام، كان حل كل المؤسسات” وأن مشكلة العراق الجديد هي أن “الشيعة يعملون بنفس طائفي ثأري. ما يجري في العراق هو احتجاجات شعبية، مطالب الجيل الجديد، صراع شيعي – شيعي، صراع بين المراجع، وصراع بين أمريكا وإيران”، وقال إن توقع مصير العراق صعب لأن هناك الكثير من عدم الوضوح.
وأضاف: “ظهور داعش والتظاهرات في العراق نتيجة للفساد” وعلى إقليم كوردستان التزام الحذر في هذه الحالة وعدم تقديم الذرائع واعتبار أنفسنا مسؤولين تجاه العراق لأن كل ما يجري هناك ينعكس علينا هنا.
وعزا أمير الجماعة الإسلامية أغلب المشاكل الحالية لكوردستان إلى غياب الحكم الرشيد والمؤسسات الحقيقية وأكد ضرورة الإصلاح العملي.
وتحدث البرلماني السابق من حركة التغيير، كاردو محمد، عن ضرورة وجود دستور لحل القضايا الداخلية لكوردستان.
ولدى إجابته عن سؤال من آشنا بابان عن موقف الإسلاميين في حال صادقت الأغلبية في إقليم كوردستان على دستور علماني، قال أمير الجماعة الإسلامية: “مادام شعب إقليم كوردستان موافقاً، سنبارك لهم خيارهم”.
وقال عن الأحزاب الإسلامية إنهم يؤيدون الديمقراطية، وعن احتمال تغيير اسم حزبه، قال: “كانت لاحقة (الإسلامية) رد فعل على واقع معين، فقد جاءت هذه التسمية عندما كانت القوى الأخرى في كوردستان تحمل تسميات تعبر عن آيديولوجيا، لهذا اقترحت تغيير اسم الجماعة الإسلامية في المؤتمر”.
ورداً على سؤال حول مدى نجاح الإسلاميين في تعريف العالم الإسلامي بعدالة القضية الكوردية، أو الإفادة من علاقاتهم في هذا المجال، وهل أن لديهم سياسة خاصة بالقضية الكوردية في الشرق الأوسط؟ قال أمير الجماعة الإسلامية إنهم يؤكدون على عدالة القضية الكوردية، والمنطق الإسلامي لإقناع شعوب المنطقة له أهميته، وإنهم بحاجة إلى المزيد من الدعم في هذا المجال.