في يوم الجمعة 26 من نيسان 2024 اجرى مركز رووداو للدراسات بالتعاون مع مؤسسة المدى وجامعة سوران في معرض اربيل الدولي للكتاب نقاشاً مفتوحاً تحت عنوان" موجات التغيير الرقمي في إقليم كوردستان: كيف تغير وسائل التواصل الاجتماعي المجتمع؟" وتناول نقاشات في مواضيع عدة منها "العلاقات الإجتماعية في العصر الرقمي، التحرش عبر الأنترنت من الشتائم وحتى الجنس: العوائق والحلول، وسائل التواصل الإجتماعي والإقتصاد في إقليم كوردستان، البحث عن الحقيقة في ظل إزدحام وسائل التواصل الإجتماعي: طرق مكافحة التحريف والمعلومات المضادة، قوانين مواجهة العنف الرقمي وعبر الإنترنت".
اشار زريان روجهلاتي مدير مركز رووداو للدراسات إلى وجود نواحي سلبية لوسائل التواصل الإجتماعي يجب التطرق إليها وذلك بالرغم من وجود إيجابيات عدة لها وتقديمها لخدمات من ناحية العلاقات والإقتصاد وحرية التعبير عن الرأي. ايضا اشار الى انه حسب إستفتاء اجراه مركز رووداو للدراسات، يمضي كل فرد في إقليم كوردستان 4.40 ساعة من وقته على وسائل التواصل الإجتماعي وذلك جعل مساحة كبيرة من حياة الناس تحت تأثير وسائل التواصل الإجتماعي. وأكد أنه نظرا لأن الهدف الأساسي لشبكات التواصل الاجتماعي هو جذب المنافسين وإبقائهم على شبكاتها، فإنها تعمل على جعل المحتوى الذي يختاره متاحا للمستهلك، وبالتالي يتجمع حول المستهلك عالم من الأشياء التي يحبها أو الأقرب إليه وهو بالتالي يشكل تهديداً للديمقراطية، وهي أحد متطلبات وجود وجهات نظر معاكسة. هذا بالإضافة إلى تطور الشعبوية وانتشار الأخبار الكاذبة، والتي تمهد معًا أحيانًا الطريق لزيادة العنف.
من أهم القضايا في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في إقليم كوردستان هو تأثيرها الاجتماعي. السيدة فينك شفيق المدير العام للمديرية العامة لمكافحة العنف ضد المرأة والأسرة في كوردستان تحدثت عن ان العائلة الآن تمضي غالبية وقتها على وسائل التواصل الإجتماعي بدلا من تمضية وقتهم مع بعضهم البعض وحتى انهم لا يجتمعون على سفرة واحدة لتناول الطعام. خلق ذلك التباعد فراغا عاطفيا لدى افراد المجتمع وجعلهم يبحثون عن بديل لملأ ذلك الفراغ. واضافت فينك بأنهم في المديرية العامة يواجهون يوميا آلاف الحالات التي راحت ضحية العنف الألكتروني والغالبية العضمى هم من النساء اللواتي لا يستطعن في الكثير من الأحيان تسجيل الشكاوي ضد المعتدي، وذلك بسبب النظرة المجتمعية.
وبخصوص الإستراتيجية التي يتبعونها هم لمواجهة مثل تلك الحالات، قالت شفيق بأنهم كوزارة الداخلية وبالتعاون مع قوات الآسايش والشرطة اسسوا خطا ساخنا لإستقبال الشكاوي والتي ننضمن عددا من الأرقام للأشخاص الذين يتعرضون للتحرش الألكتروني، ما عدا ذلك لدينا في مديريتنا غرفة الجرائم الألكترونية للأشخاص الذين لا يريدون تسجيل شكاويهم بشكل علني. عدا ذلك بدأنا بحملة توعوية بالتعاون مع المنظمات حيث نذهب إلى المدارس والجامعات والمديريات ونوعيهم بشأن قانون رقم 6 لعام 2008 المختص بالجرائم الألكترونية. واهمها الخط الساخن 119 والذي يمكن من خلاله لأي شخص الإتصال في اي وقت لتلقي الإستشارات القانونية والإجتماعية والسياسية والنفسية.
ثم تحدث شيفان سراج الدين المنسق القانوني في منظمة سيد انه 50% من سكان العراق يتعرضون للتحرش الألكتروني بحسب إحصائية الأمم المتحدة لشؤون المرأة و UNFPA في عام 2021، والأطفال لم يكونوا خارج تلك الدائرة ايضاً.
ثم اضاف هورامان فريق التدريسي في جامعة السليمانية: من الناحية الإجتماعية انه وبالرغم من الإيجابيات الكثيرة لوسائل التواصل الإجتماعي الا انه احد ادواره السلبية في إقليم كوردستان هو ذلك الذي يتعلق بإستخدام العنف وانتاج خطاب الكراهية. تحدث ايضا عن انه من خلال تحليل التعليقات التي تتم نشرها على حادثة مقتل شخص وصلت النتائج الى ان هناك ثلاثة توجهات في الخطابات المتعلقة بقضايا الشرف والخطاب القبلي والعاطفة الدينية وفي بعض الأحيان يكون هناك تبرير لذلك العنف تحت شعار تلك الخطابات.
من الناحية الإقتصادية تحدث د.ريبين رمضان التدريسي في جامعة دهوك عن ان وسائل التواصل الإجتماعي اصبحت قوة منتشرة في إنشاء الفعاليات الإقتصادية في جميع انحاء العالم وان إقليم كوردستان ليس خارج ذلك التغير. شهدت المنطقة في السنوات الأخيرة ارتفاعاً ملحوظا في إستخدام الوسائل التواصل الإجتماعي، المنصات مثل فيس بوك وانستغرام واكس كانت لها دورا كبيرا في الحياة اليومية للمواطنين، احدى تلك النواحي هي دور التواصل الإجتماعي في تنمية المشاريع الصغيرة. رواد الأعمال يستخدمون تلك المنصات للترويج عن اعمالهم ومنتجاتهم والخدمات التي يقدمونها والتواصل مع عملائهم لذلك ساهمت وسائل التواصل الإجتماعي في تطور الإقتصاد الداخلي.
وقال إن منصات التواصل الاجتماعي تلعب دورًا مهمًا في تشكيل سلوك المستهلك وأنماط الشراء. لتوفير فضاء للتجار للتعامل بشكل مباشر مع المستهلك، لدى وسائل التواصل الإجتماعي دورا كبيرا على قرارات المستهلك واتطلاعه على الماركات، وبذلك يكون له دورا ايضا على الطلب على السلع والخدمات في المنطقة، ما عدا ذلك ايضا لدى وسائل التواصل الإجتماعي دورا كبيرا على السياحة في إقليم كوردستان. المنصات المتعددة تتيح الفرصة للسائحين لنشر تجاربهم ومناقشتها معا، وبذلك ارتفعت الإرادات السياحية، ايضا لعب ذلك دورا في ارتفاع نسبة التجارة الداخلية في القطاع السياحي.
ثم تحدثت د.هجان خالد عن البعد السياسي لتأثير وسائل التواصل الإجتماعي وقالت بأن بداية ظهور وسائل التواصل الإجتماعي كان دورها إيجابيا على العملية السياسية حيث اتاحت الفرصة الى اصحاب الآراء المختلفة والايديولوجيات السياسية المختلفة مساحة حرية التعبير لكن الآن الوضع انعكس تماما، التنوع الموجود ليس حقيقياً وهناك العديد من الاصوات التي تتخفى تحت اقنعة سياسية شبيهة لها وتقوم بتوجيه المجتمع. الخطاب السياسي في إقليم كوردستان ليس متعددا ويحمل فكرين إما المعارض او الموالي للسلطة. بشكل عام الذين يديرون تلك الحوارات هم إما الأحزاب السياسية او الشخصيات السياسية. وأي شخص خارج هذين الخطابين سيواجه هجمات منظمة، مثل نشر معلومات كاذبة، أو أخبار كاذبة، أو التشهير، أو اتخاذ إجراءات قانونية رسمية لإسكاته.
اشار د.بهات حسيب قرداغي الى ان اهم تلك التحديات التي تواجه الصحافة في عصر وسائل التواصل الإجتماعي هو نشر اخبار كاذبة وقال بأن اليوم بإمكان اي شخص ان ينشر خبر بدون اتباع اية اسس علمية وإصاله الى آلاف الأشخاص. اثر ذلك من الناحية النفسية على المتلقي حيث اعتاد الناس عللى عدم تصديق الاخبار التي فيها مبالغات وعدم الرغبة في تداولها. وذلك مشكله عالمية على حد تعبيره.
بحسب احصائية اجراها مركز رووداو للدراسات حيث من بين 1071 عينة اخذت من 406 اماكن مختلفة في إقليم كوردستان، 59% من المستخدمين يصدقون الأخبار المتداولة على مواقع التواصل الإجتماعي و 28% منهم قالوا بأنهم لا يعلمون ما اذا كانوا يصدقونها ام لا، وذلك يمكنه ان يظهر مدى تأثير الأخبار الكاذبة.
ورأى مدير رووداو ديجيتال بروا كياني أن مسؤولية منع الأخبار الكاذبة والمضللة تقع بشكل أساسي على عاتق الصحفيين. إنهم بحاجة إلى التفكير مرتين في عملهم والتعمق فيه. بالإضافة إلى ذلك، تعد المعرفة الرقمية مهمة جدًا للصحفيين أولاً ثم للمتلقين. وتنعكس فلسفة السلوك الاجتماعي للناس في حياتهم اليومية أيضًا في عالمهم الرقمي.
وقال القاضي رزكار حمه أمين إنه بموجب القانون يحظر التدخل في حياة الناس عبر التكنولوجيا، وبعض القوانين موضوعية لمكافحة هذه الجرائم وبعضها للتحقيق في الأدلة. لكنه بشكل عام كان يرى أن الأهم من القانون هو وعي المجتمع بكيفية تعامله مع بعضهم البعض ومع الأحداث.