RRC |
نظم مركز رووداو للدراسات يوم الأحد، 9 تشرين الأول 2017، ندوة حول الأدوار الستراتيجية للبيشمركة، وكانت العلاقة بين الجيش والدولة المحور الرئيس للحوار. لأهمية المحور الرئيس لحوار الطاولة المستديرة هذا، شارك فيه عدد من الخبراء العسكريين من كوردستان، العراق، تركيا، أمريكا، روسيا، تركيا، وأفغانستان.
البحث في موضوع كهذا يأتي في وقت بدأ فيه العد العكسي لاستفتاء إقليم كوردستان، وهذا ما يكسب الموضوع أهمية أكبر.
خلال الحوار الذي شهدته الطاولة المستديرة والذي أداره مذيع شبكة رووداو الإعلامية المعروف، شاهو أمين، جرى الحديث حول الدور والعلاقات الثنائية للجيش والدولة وتأثير أحدهما على الآخر، والتأكيد على أن أي عملية بناء دولة مرتبطة ببناء وتعزيز وحدة القوات المسلحة، وفيما يخص إقليم كوردستان، جرى الحديث عن ضرورة توحيد وتنظيم قوات بيشمركة كوردستان وتحويلها إلى جيش وطني. كما جرى الحديث عن دور البيشمركة في الأمن العالمي والذي تجسد في الحرب على الإرهاب، وتم تسليط الضوء على أن البيشمركة كانوا من القوات الرئيسة التي أضعفت الإرهاب في كوردستان والعراق والمنطقة والعالم.
وللعلاقة المباشرة بين الاستقلال وبناء الجيش، تم تخصيص قسم من الحوار لبحث الوضع الأمني لكوردستان بعد الاستقلال وتم تسليط الضوء على التهديدات المباشرة وغير المباشرة التي ستواجه دولة كوردستان في المستقبل على المديات القصيرة والطويلة.
وحول سؤال هل ستبقى المظلة الأمنية الغربية لإقليم كوردستان بعد داعش أم لا؟ جرى الحديث عن احتمال التزام أمريكا الحياد في حرب محتملة بين إقليم كوردستان والحكومة العراقية، والتدخلات الإقليمية واحتمال تعزيز الإرهاب، وهي من المخاوف الأمنية.
وأكد الخبير الأمني الروسي، بافل فلكهاور، على أن بلاده تساند أي قوة تحارب الإرهاب وقال إن دور البيشمركة في الحرب ضد الإرهاب مشهود، وسيكون لهم دور أكبر بعد عملية استقلال كوردستان، واعتبر فلكهاور المزيد من توحيد قوات بيشمركة كوردستان ضرورياً لإقامة دولة، وأشار إلى أن بعض الدول قد قدمت الإسناد الجوي لكوردستان في الحرب ضد داعش، لكن عند تعلق الأمر بالاستقلال لن يكون بإمكان كوردستان الاعتماد على أي قوة خارجية. كما قال إن البيشمركة، في هذه المرحلة، لن يتمكنوا من الحصول على أسلحة ثقيلة بسبب دول المنطقة، لذا يجب تشكيل قوة ذكية أخرى تساند البيشمركة في الدفاع ومواجهة الأخطار التي ستحدق بكوردستان.
كان الخبير التركي، د. نهاد علي أوزجان، واحداً من الخبراء المشاركين في الندوة، وتحدث بصورة عامة عن مرحلة انتقالية تمر بها المنطقة، وقال: “الدور المستقبلي للبيشمركة مرتبط بالنموذج السياسي الذي ستستقر عليه المنطقة في النهاية”.
كما أشار إلى أن الدولة القومية تعني تشكيل جيش قومي، ولهذا الغرض يحتاج الكورد أولاً إلى تنظيم العلاقة بين السياسة والجيش، وبين المدنيين والعسكر، وتحديد العقبات التقنية التي تعترض سبيل تشكيل الجيش. أما من حيث السياسة الدولية، فقد رأى أن وجهة السياسة الدفاعية في كوردستان ستقصد الغرب في أغلبها، وبسبب الموقع الجيوسياسي الصعب سيحتاج كوردستان إلى علاقات طويلة الأمد مع إحدى دول المنطقة، وتحدث أيضاً عن مسألة الشعب، ومسألة العقلية التي تجعل دولة كوردستان المفترضة تواجه مشكلة أمنية طويلة الأمد مع محيطها قد تستمر لجيلين.
وتحدث رئيس مركز الدراسات الإقليمية بالعاصمة الأفغانية كابول، حكمة الله زلاند، عن التشابه بين تجربتي كوردستان وأفغانستان، وسلط الضوء بصورة خاصة على تجربة بلاده التي يعتقد أنها تضم بعض الدروس لكوردستان. ركز زلاند في الغالب على الجوانب السلبية لدور الميليشيات وغلبة الحرب في أفغانستان في الفساد الإداري، وأشار إلى أن ظاهرة الجنود الوهميين والتصرفات الشبيهة بالمافيوية لبعض القيادات العسكرية وضعت الكثير من العقبات في طريق إصلاح الدولة في أفغانستان.
وأشار الجنرال الأمريكي المتقاعد، إيرني أودينو، إلى أن دولة كوردستان المستقلة ولأسباب متنوعة ستحفظ مصالح أمريكا. كما أشار إلى أن بعض المكاتب في الإدارة الأمريكية الحالية تؤيد استقلال كوردستان، وأضاف أن الكورد سنة معتدلون، كما أن لهم تجربة ديمقراطية، رغم أن الديمقراطية لن تستتب فوراً، بل تتقدم بخطوات وئيدة. كما قال إن انسحاب أمريكا من العراق عزز النفوذ الإيراني في المنطقة، وتستطيع دولة كوردستان المستقلة أن تؤثر على أمن الطاقة التركي وتخفف من ارتباط أنقرة بروسيا.
وقال أودينو: هنا أشخاص يحيطون بالرئيس ترمب يعملون على وضوح الرؤية عنده، ولهذا فإنه يعتقد أن أمريكا لن تتخلى عن كوردستان وستحميها، وأوضح أن السلاح والتقنيات العسكرية ليست بالأمر الوحيد المهم بالنسبة إلى جيش، بل تنبغي مراعاة العناصر الأخرى أيضاً.
وذكر الجنرال أودينو أن الكورد أثبتوا أنهم يتّحِدون كلما جوبهوا بتهديد جدي، واتخذ من هذه النقطة بوابة للحديث عن نموذج تشكيل الجيش الأمريكي الذي تألف من قوى وجيوش مختلفة يعمل قسم منها تحت إمرة حكام الولايات. لكنه أشار أيضاً إلى أن الدستور الأمريكي حدد آلية لتوحيد هذه الوحدات والجيوش المختلفة عند الحاجة لتكون تحت إمرة الرئيس.
وقال المستشار العسكري للحماية الوطنية لنينوى، إن في العراق الآن أربعة جيوش مختلفة هي قوات البيشمركة، والحشد الشعبي، والحشد العشائري، والجيش العراقي، وبإمكان كل واحد من هؤلاء أن يخلق مشاكل للآخرين، مضيفاً أن قوات بيشمركة كوردستان ستكون في المرحلة القادمة بحاجة إلى عقيدة عسكرية وستراتيجية عسكرية، مؤكداً على أن قوة أي جيش لا تكمن فقط في تقنياته وعدد جنوده.
المخاوف الأمنية التي تهدد مستقبل كوردستان، دفعت قسماً من الخبراء المحليين والأجانب يعدون مسألة إنشاء جيش في كوردستان هامة، بينما أكد قسم آخر منهم على ضرورة تشكيل تحالف مع قوة إقليمية أو فوق إقليمية لحماية الأمن الستراتيجي لدولة كوردستان.
وأصدر مركز رووداو للدراسات، خلال الندوة كتاب (الجيش والدولة) الذي يضم مجموعة دراسات متخصصة، ويمكن للقراء الحصول على الكتاب من مكتبات جنوب كوردستان.