هكار علي

نظم مركز رووداو للدراسات يوم 1  تشرين الأول 2024 ندوة لعضو بلدية  كينزنغتن وتشيلسي (بختيار مام شيخ) تحت عنوان "الديمقراطية والانتخابات في المملكة المتحدة" بحضور باقة من المحللين السياسيين والمختصين في مجال الإنتخابات وعدد من طلاب والاساتذة جامعيين.

خلال الندوة سلط بختيار مام شيخ الضوء على آلية التصويت والديمقراطية في بريطانيا وبالأخص مقارنتها مع عملية الإنتخابات في إقليم كوردستان والعراق. كما قدم نظرة شاملة عن التحول من الحكم الشمولي إلى الديمقراطية، مع التركيز على التجربة الديمقراطية في المملكة المتحدة.

وفي بداية الندوة، شرح بختيار شيخ بإيجاز مفهوم الديمقراطية والدكتاتورية، وأشار إلى أنه رغم أن الديمقراطية عملية شاملة، إلا أنها تتطلب أساسًا قويًا للتثقيف السياسي والمشاركة المدنية والإصلاح المؤسسي.

بخصوص العملية السياسية في إقليم كوردستان والعراق اشار الى ان بالرغم من كل النواقص والعراقيل المستمرة الا انهم خطوا خطوات مهمة نحو الديمقراطية والإنتخابات. وأشار بختيار مام شيخ إلى أنه في حين أن الديمقراطية تجلب الحرية والحقوق، فإنها تتطلب أيضًا المسؤولية من المواطنين والقادة على حد سواء. إن الطريق إلى الديمقراطية لا يقتصر على إجراء الانتخابات فحسب، بل يتعلق بخلق ثقافة سياسية تحظى فيها المعارضة بالاحترام ويسود فيها حكم القانون.

وفي جزء آخر من الندوة أوضح أهمية الديمقراطية والانتخابات لبناء ثقافة المساءلة والشفافية في الحكم. وقال أيضًا إن الانتخابات ليست مجرد نقل للسلطة ولكنها أيضًا توفير الحقوق والاحتياجات للمواطنين من خلال الممثلين. وقال بختيار مام شيخ، إن شعب إقليم كوردستان والعراق يريد المشاركة وتعزيز الديمقراطية، لكنه يحتاج إلى الأدوات والأطر الصحيحة للتغلب على العقبات والمضي قدماً بشكل مستمر في التجارب الانتخابية وتطوير العملية الديمقراطية. وحول تجربة المعارضة والعمل على الاستيلاء على السلطة وكيفية بناء نظام ديمقراطي قوي وإدارة المنافسة السليمة بين الأحزاب السياسية، أشار بختيار مام شيخ إلى مثال المعارضة البريطانية في الماضي، وخاصة تجربة الانتخابات العامة البريطانية عام 1997، عندما أنهى حزب العمال بقيادة توني بلير، الذي قاد المعارضة البريطانية، ما يقرب من عقدين من حكم المحافظين. وأظهرت هذه الانتخابات كيف يمكن للمعارضة المنظمة أن تتحدى الحزب الحاكم من خلال تقديم بديل ذي مصداقية للناخبين.

وعلى نحو مماثل، تمثل الانتخابات العامة في المملكة المتحدة لعام 2010 لحظة هامة أخرى في تجربة الديمقراطية والانتخابات في المملكة المتحدة، تمكن المحافظون بقيادة ديفيد كاميرون من تشكيل حكومة ائتلافية مع الديمقراطيين الليبراليين. وجاء هذا الائتلاف نتيجة عدم فوز أي حزب بالأغلبية المطلقة في مقاعد البرلمان.

وكان أحد الجوانب الفنية الرئيسية التي تمت مناقشتها في الندوة هو كيفية تنظيم الانتخابات في المملكة المتحدة، وما هي الأساليب والأنظمة التي سيتم اتباعها لإجراء الانتخابات العامة. وأضاف بختيار مام شيخ أن "إجمالي عدد مقاعد البرلمان البريطاني هو 650 مقعدا، مما يعني أن المملكة المتحدة مقسمة إلى 650 دائرة انتخابية وستنتخب كل دائرة عضوا واحدا في البرلمان". وقال إن “كثرة الدوائر الانتخابية وقلة عدد المرشحين في الانتخابات العامة يجعل المرشح المنتخب مسؤولا أمام الناخب والشخص الذي انتخبه"، وأعرب عن أمله في أن يتم تقسيم إقليم كوردستان إلى 100 دائرة انتخابية وأن تون لكل مرشح دائرة، لكي يشعر المرشحون بمسؤولية أكبر تجاه الناخبين والدائرة التي انتخبتهم.

وتطرق جزء آخر من الندوة إلى الحملة الانتخابية والعلاقة بين الناخبين والمرشحين، وفي هذا الصدد أشار إلى أن الحملة الانتخابية في الدول الغربية تختلف كثيرا عن العراق وإقليم كوردستان. وقال بختيار مام شيخ، إن هذا النوع من الحملات وتعليق الثنيات والملصقات وصور المرشحين في الشوارع والأماكن العامة في المملكة المتحدة أمر غريب ومعدوم، إلا أن المرشحين أنفسهم يقومون بزيارة مواطني الدوائر التي رشحوا أنفسهم فيها ويشرحون خططهم وبرامجهم في إطار حزبهم أو استقلالهم ويطلبون من الشعب التصويت لهم. وأضاف أن "هذا النوع من الحملات لا يمكن أن يكون له تأثير كبير، لكنه يعتمد على المجتمع بأكمله ويمكن للبرلمان المقبل أن يحدد بشكل قانوني الحملة الانتخابية وأساليبها وعملياتها"،  لأن الاستمرار على هذا النحو هو إهدار للموارد العامة ويمكن إستبدالها بالإستماع الى المواطنين وحل المشكلات اي ان تصرف اموال الحملات الإنتخابية والبوسترات في الشوارع، صرفها في خدمات عامة لجذب الأصوات.

وفيما يتعلق بتنفيذ الوعود الانتخابية والتنافس بين الشخصيات السياسية في الأحزاب البريطانية، أشار بختيار مام شيخ إلى مثالين، الأول هو التنافس السياسي بين ليفنجستون وتوني بلير، وهو أوضح مثال على العملية الديمقراطية في بريطانيا، وكثيراً ما اختلف ليفينغستون، عمدة لندن السابق، مع سياسات توني بلير في حزب العمال الجديد، والذي كان يمثل الانقسامات داخلية داخل الحزب. وعلى الرغم من خلافاتهما، تمكن الزعيمان من النهوض معًا في إطار الديمقراطية وكسب ثقة ناخبي حزبهما والشعب البريطاني.

والمثال الثاني هو التنافس بين جيريمي كوربين والسير كير ستارمر، رئيس الوزراء الحالي، في نورث إيسلينجتون. وكان كوربين، الذي يمثل الجناح اليساري لحزب العمال، وستارمر أكثر وسطية في آرائه، كانوا قادرين على العمل لصالح حزب العمال وذلك يجسد تنوع التفكير في الديمقراطية البريطانية.

وفيما يتعلق بتأثير التوترات في الشرق الأوسط على العملية الديمقراطية، أشار بختيار مام شيخ إلى التهديدات الإقليمية التي تواجه الديمقراطية في المنطقة. إن تصاعد الصراعات مثل حرب غزة وحرب جبهة المقاومة بين إسرائيل وإيران، والتي تشكل تهديدًا خطيرًا لزعزعة استقرار العملية الديمقراطية في المنطقة، يمكن أن يؤثر على الانتخابات البرلمانية الكردستانية المقبلة في أكتوبر.

وحول أهمية وجود معارضة لتجربة الديمقراطية، أشار بختيار مام شيخ إلى المقولة الشهيرة لأبراهام لنكولن الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة والتي تقول: "أفضل الأشخاص في حكومتي هم خصومي". وأشار بختيار مام شيخ إلى أن الحكم بدون معارضة سيؤدي إلى الدكتاتورية، إذ لا يوجد من يحاسب الحزب الحاكم.

وكان موضوع آخر للنقاش هو تجربة الصين، كيف غيرت هذه الدولة معادلة وفلسفة الحكم في العالم، على عكس التوقعات حيث لا يمكن توقع التقدم وتجربة الحكم الرشيد من حكومة الحزب الموحد والدكتاتورية. لكن الصين غيرت هذه الفلسفة من خلال التقدم الكبير في التكنولوجيا والبنية التحتية والطرق والتنمية الاقتصادية وغيرها، وهو ما تدعمه إلى حد ما دول أخرى مثل روسيا وإيران، وتعيد الجدل حول تصنيف الديمقراطية وغير الديمقراطية في الحكم في العالم. وفي نهاية الندوة، ناقش بختيار مام شيخ والمشاركين الاختلافات بين إقليم كوردستان والمملكة المتحدة في العديد من الجوانب،  وهذا له تأثير كبير على العملية الانتخابية وتطور الديمقراطية في العراق وإقليم كردستان، ولا يمكن للنظام الديمقراطي والانتخابي في المملكة المتحدة بشكل كامل يكون قياسا لنا، ومع ذلك، يمكن الاستفادة من تجربة الديمقراطية والعمليات الانتخابية المختلفة في المملكة المتحدة.