تحليل

مستوى إنتاج النفط في إقليم كوردستان في عام 2024 وعقبات تصديره في عام 2025

09-03-2025


كانت كل الأنظار متجهة نحو الاجتماع الثلاثي الذي عُقد في بغداد بين الشركات الدولية ومسؤولي أربيل وبغداد، والذي انتهى دون التوصل إلى نتيجة، وذلك في وقت كانت بغداد قد أعلنت فيه سابقاً أن تصدير نفط إقليم كوردستان عبر الأنابيب سيبدأ خلال الساعات القادمة.

لم يتحقق ذلك لأن شركات النفط الدولية التي استثمرت في إقليم كوردستان، والتي تنتج ما يقارب ثلثي إجمالي نفط الإقليم، غير مستعدة لضخ النفط في الأنابيب بالشكل الحالي الذي اتفقت عليه بغداد وأربيل.

في الواقع، كان تعديل تكلفة إنتاج برميل النفط إلى 16 دولارًا في البرلمان العراقي ودخول القانون حيز التنفيذ خطوة مهمة، لكن عدم الوضوح في آلية الدفع للشركات في الماضي والمستقبل، بالإضافة إلى مسألة التزام القانون الذي يسري لمدة شهرين فقط منذ صدوره، لم يؤد إلى حل جميع المشكلات واستئناف تصدير النفط.

بعد تعديل الميزانية وتحديد تكلفة 16 دولاراً للبرميل الواحد من النفط، ظهرت ثلاث مشكلات رئيسية أمام عملية استئناف التصدير. أولها مطالبة إقليم كوردستان بالتوصل إلى اتفاق بشأن كمية الإنتاج وكمية النفط المخصصة للاحتياجات المحلية. وثانيها مطالبة الشركات باتفاق مكتوب بخصوص ديونها، وحماية عقودها، وآلية استلام أموال النفط المنتج، واستمرارية التصدير. أما ثالثها فهو التزام الحكومة العراقية بكمية الإنتاج والتصدير في عام 2025.

رغم تلك المشاكل الثلاث، هناك قضية انتهاء عقد خط أنابيب التصدير بين تركيا والعراق والذي ينتهي هذا العام ويجب تجديده. كما أن لأنقرة مطالب جديدة وفقاً للبيانات المجمعة، حيث بلغ متوسط إنتاج النفط في إقليم كوردستان خلال عام 2024 حوالي 314 ألف برميل يومياً، وهو ما يقل بنحو 100 ألف برميل عن الحصة المخصصة للإقليم في الموازنة مقابل تسليم النفط إلى شركة سومو.

في هذا التقرير، نتوقف عند مستوى إنتاج الحقول النفطية في إقليم كوردستان حقلاً بحقل، ونستعرض احتمالات استئناف تصدير نفط الإقليم عبر ميناء جيهان. وسيتركز اهتمامنا الرئيسي على توازن القوى والأسباب التي تجعل كل طرف يزيد من مطالبه كلما تقدم الطرف الآخر، أو العكس.

   إقليم كوردستان أنتج يومياً أكثر من 314 ألف برميل نفط في عام 2024

في العام الماضي، قُدمت تصريحات مختلفة حول كمية إنتاج النفط في إقليم كوردستان، ولم تستطع الشركات الدولية العاملة في إقليم كوردستان الوصول إلى مستويات ما قبل آذار 2023 بسبب البيع المحلي واستمرار إغلاق أنبوب تصدير النفط، حيث كانت القدرة الإنتاجية نصف مليون برميل نفط يومياً، لكنها انخفضت الآن إلى 314 ألف و713 برميل نفط يومياً، وهذا لا يصل إلى الكمية المحددة في الموازنة لتسليمها إلى سومو، بل يُطلب استقطاع احتياجات إقليم كوردستان الداخلية منها وتوفيرها.

أكبر حقل نفط في إقليم كوردستان هو حقل نفط خورمالة الذي انخفض مستوى إنتاجه حالياً إلى متوسط يومي قدره 100 ألف برميل نفط، في حين كان ضعف ذلك سابقاً، وقبل إغلاق خط أنابيب تصدير النفط من هذا الحقل كان ينتج حوالي 180 ألف برميل نفط.

بعد خورمالة، يعتبر حقلا نفط بيشخابور وتاوكي ثاني أكبر حقول النفط والذي تديره شركة دي إن أو، ووصل مستوى إنتاجه في عام 2024 إلى أكثر من 78 ألف برميل نفط يومياً، في حين كان لديه حوالي 105 آلاف برميل نفط يومياً قبل آذار 2023.

كما جاء في الرسم البياني الأول، ما يثير الانتباه والتأمل هو مستوى إنتاج النفط في حقل تق تق النفطي، والذي كان بمعدل صفر في العام الماضي، وقد أوقفت شركة جينيل إنرجي العمليات فيه منذ مايو 2023 وقدمت ملف إنهاء عملها إلى حكومة إقليم كوردستان. كان هذا الحقل ينتج أكثر من 103 ألف برميل نفط يومياً في بداية تصدير نفط إقليم كوردستان للخارج في عام 2014، لكن بسبب تدهور البنية الجيولوجية للحقل في عام 2017، انخفض مستوى الإنتاج إلى أقل من 5 آلاف برميل يومياً، وحسب تقرير جينيل إنرجي، لا يزال الحقل النفطي يحتوي على احتياطي قدره 23.4 مليون برميل نفط في عام 2023.

أيضاً، تعمل حقول نفط شيخان وسرسنج وأتروش حالياً بكامل طاقتها الإنتاجية، وشهدت أعلى مستوى إنتاج في عام 2024، حيث بلغ إنتاج حقل نفط سرسنج 33 ألف برميل، وأتروش 30 ألف برميل، وشيخان أكثر من 40 ألف برميل من النفط يومياً.

وحسب البيانات التي تم جمعها من الناقلات، يصل إنتاج حقلي نفط سرقلا وحصيرة في كرميان إلى أكثر من 9 آلاف برميل من النفط في اليوم الواحد، على الرغم من أنه تم إيقاف الإنتاج في حقل جياسورخ في نهاية الشهر الثامن الماضي، والذي كان مستوى إنتاجه اليومي 2000 برميل من النفط يومياً.

إن هذه الكمية التي ينتجها إقليم كوردستان حالياً لا تستطيع تلبية الاحتياجات المحلية والكمية المحددة كما وردت في الميزانية معاً، لأنه في الفترة الماضية قام بتوسيع قطاع المصافي، وبالرغم من عشرات المصافي غير القانونية التي تم الاستثمار فيها وتعمل، فإن القدرة الحالية لمصافي كار، ولاناز، وقيوان، ودوكان، وفوكس وصلت إلى أكثر من قدرة تكرير يومية تبلغ 200 ألف برميل نفط.

الرسم البياني 1: مستوى إنتاج النفط في عام 2024 في الحقول النفطية لإقليم كوردستان

المصدر: المنشورات الرسمية وشركات النفط كما يلي:

النقطة 1 و2: وفقاً لـ 2024 https://www.dno.no/en/investors/announcements/dno-results-reflect-robust-kurdistan-production-north-sea-expansion-2025-02-06/

 النقطة 3 و4: وفقاً للمعلومات المجمعة وتقرير شركة شامران، قامت شركة إتش كيه إن بعد شرائها لحصص تاقة في حقل أتروش بحذف جميع المنشورات المالية وتقارير الإنتاج من موقعها الإلكتروني، ولا توجد حتى الآن أي منشورات جديدة عن إدارتها لحقلي سرسنك وأتروش.

النقطة 5: وفقاً لتقرير شركة غلف كيستون في https://www.gulfkeystone.com/operational-corporate-update-january-2025/

النقطة 6 و7: وفقاً لتقرير شركة جينل إنرجي، https://genelenergy.com/media/press-releases/

النقطة 8: المعلومات المتعلقة بهذا الحقل مأخوذة من الناقلات التي تغادر الحقل يومياً، وهي 43 ناقلة نفط، منها 10 ناقلات سعة 30 ألف لتر و33 ناقلة سعة 36 ألف لتر يومياً، وقد تم إيقاف إنتاج 2000 برميل نفط في جياسورخ بشكل نهائي منذ سبعة أشهر.

النقطة 10: وفقاً للمعلومات المجمعة من حقول أربيل، يتراوح معدل الإنتاج اليومي بين 40 إلى 45 ناقلة يومياً، وهذا يعادل في المتوسط بين 8 إلى 9 آلاف برميل نفط، وقد تم اعتماد 8 آلاف برميل نفط يومياً في هذا التقرير، لأن شركة فورزا لم تصدر تقريراً جديداً منذ 2023

. النقطة 12: وفقاً للتقرير السنوي لشركة دانة غاز، تم بيع إنتاج الغاز المكثف محلياً في عام 2024 بسبب توقف تصدير النفط، https://www.danagas.com/wp-content/uploads/2024/11/20241104-9M-2024-Investor-Presentation-V3.pdf

الختام

 صحيح أنه لم تعد هناك عوائق قانونية أمام إعادة تصدير النفط بتخصيص 16 دولاراً لتكاليف الإنتاج، وتتفق بغداد وأربيل على إعادة تصدير النفط عبر الأنابيب، لكن ماذا عن مطالب شركات النفط الدولية التي تريد، بسبب هيمنتها، ضمانات جديدة مكتوبة وموقعة. وصحيح أيضاً أن بغداد قد لا ترغب في تصدير كل النفط في البداية بسبب التزامها بمستويات الإنتاج والتصدير المحددة من قبل أوبك، ولكن حتى لو كان للاستهلاك المحلي، فإنها بالتأكيد تريد حساباً دقيقاً كما يقولون حتى لا تتضاعف تكلفة برميل النفط. هل يعني التسليم إلى سومو إعادة التصدير أم البيع محلياً؟ وماذا عن احتياجات إقليم كوردستان المحلية، حيث توسع قطاع تكرير النفط في هذه السنوات بسبب توفر النفط محلياً وتم إنشاء مصافٍ جديدة، هذا بغض النظر عما إذا كان بيعه محلياً سيكون بنفس السعر العالمي أم بالسعر الحالي؟ وكيف سيتم التعامل مع محافظات إقليم كوردستان، هل ستصبح أسعار البنزين المدعوم هنا مثل بغداد والمناطق الأخرى؟ منذ آذار 2023 وحتى آذار 2025، كانت هناك تصريحات ومطالب مختلفة، وأخبار سارة وغير سارة حول إعادة تصدير نفط إقليم كوردستان إلى ميناء جيهان، لكن ما يلاحظ أنه رغم أن القضية بين أربيل وبغداد والشركات، إلا أن كل مرحلة تُظهر بوضوح هيمنة طرف وتنازل طرف آخر للتغييرات، فحتى الأيام التي سبقت إقرار تعديل قانون الموازنة، كانت القضية تتعلق بتكلفة برميل النفط، أما الآن فالقضية بالنسبة للشركات هي ديون الأشهر الستة التي سبقت وقف تصدير النفط، وبالنسبة لإقليم كوردستان هي حجم الاحتياجات المحلية، وبالنسبة لبغداد هي إعادة التصدير في أقرب وقت ممكن، لأن إدارة ترامب تطالبها بذلك.

Share this Post

تحليل