في لقائه نوابه مساء ال15 من حزيران, نهى الصدر الشكوك حول أمكانية تراجعه عن أستقالة نوابه. وهذا ما يجعل الإطار التنسيقي الشيعي أن يتحمل على عاتقه مسؤولية إدارة المرحلة المقبلة, بينما كان سابقا يستقتل على المشاركة فقط. يراهن الكثير من محللين وسياسي التيار الصدري بأن أنسحاب اصدر ليس هو بأعتكاف أو غياباً سياسياً ومنهم من يتحدث عن أعادة تفعيل جيش المهدي أيضاً. ويراهن أخرين ان الصدر هو “حسين العصر” في أشارة الى إشعال ثورة في المستقبل. وهذا ما يصعب الخيارات أمام الإطار التنسيقي الشيعي.
في الوقت الحالي, يملك الإطار التنسيقي قرابة ال120 مقعد في البرلمان ومن الممكن في المستقبل أن يحصلوا على بعض من مقاعد نواب الصدر المستقيلين. يعتبر الإطار التنسيقي الأن أنه هو الكتلة الأكبر التي لها القدرة تقديم مرشح لرئاسة الوزراء. لكن حسب “قواعد اللعبة” و بنفس منطق “الثلث المعطل” اذا كان هنالك تفاهم وأتفاق بين الحزب الديمقراطي الكوردستان وتحالف سيادة وأرادت الجهتين بمساعدة بعض من المستقلين أعادة سيناريوهات تعطيل أختيار رئيس الجمهورية على غرار ما فعلته قوى الإطار التنسيقي, فبإمكانهم عمل ذلك. لكن بسبب أحتياج الحلبوسي للأغلبية الحالية للأطار التنسيقي الشيعي في البرلمان للحفاظ على منصب الرئاسة, لا يقلق الأطار من هذا الأحتمال. وأن أستخدم الديمقراطي والسيادة الثلث المعطل سيكون أزالة الحلبوسي من رئاسة البرلمان أحتمالا واردا.
بعد أنسحاب الصدر, أجرى الإطار التنسيقي عدة حوارات داخلية لكن حتى الأن لم تلوح هذه الحوارات برؤية الإطار للمرحلة القادمة. وأن المعلومات المسربة وبيانات أجتماعاتهم تشير الى أنقسام رؤى قوى الأطار الى مجموعتين. مجموعة تضم نوري المالكي وبنوعاً ما قيس الخزعلي وبعض المجموعات الإيرانية المسلحة. هذه المجموعة منبهرة من أنسحاب الصدر ويتطلعون زيادة عدد مقاعدهم وتقوية مكانتهم في الحكومة المقبلة. والمجموعة الثانية تضم عمار الحكيم وهادي العامري وفالح الفياض الذين مازالوا قلقين من انسحاب الصدر واحتمالات المستقبل ويأملون بعودة الصدر للعبة السياسية.لخوفهم من لجوئه الى الشارع, خصوصا وأن الصدر يمتلك جناحاً عسكرياً مخلص وخاضع لأوامره.
تعتمد المرحلة القادمة عن كيفية تعامل الأطار مع الوضع في غياب الصدر. لكن الجبهة، التي حشدتها معارضة الصدر ، تواجه الآن خيارات صعبة في تقسيم مكاسب انسحابه, بما في ذلك شغل مقعد حكيم الزملي, النائب الأول للبرلمان ثم أختيار رئيس الوزراء. والأهم من ذلك, كيفية التعامل مع حليفين للصدر الحزب الديمقراطي الكردستاني والسيادة. على الرغم من أمتلاكهم لحوالي 100 مقعد, ألا انهما قطبين أساسيين في المعادلة الهيكلية (أربيل والأنبار).
بين الحين والاخر أطراف الأطار التنسيقي يبحثون عن شخصية قوية قادرة على مواجهة التحديات لترشيحها لرئاسة الوزراء. وكل من المالكي والعامري ونوعاَ ما العبادي أيضاً أسماء مطروحة داخل الإطار. لكن اعتماداً على المعطيات والسوابق يتضح أن ترشيح المالكي حساس للغاية. خصوصاً بعدما ما هاجمه وكيل السيستاني بشكل غير مباشر, قبل أن يقول لاحقًا, “كان هذا رأيي”. إضافة إلى ذلك تسمية المالكي هي بمثابة مواجهة مباشرة مع الصدر. أما هادي العامري فستعكس حكومته حكومة أمنية إيرانية. على الرغم من امتلاكه “شعرة معاوية” مع الصدر, إلا أنه سيتواجه بالولايات المتحدة وأوروبا وشباب انتفاضة أكتوبر. أما بالنسبة للعبادي الذي يتمتع بخبرة وموافقة خارجية أكثر من الآخرين, فإن هنالك شكوك أن يسمح المالكي للعبادي أن يكون حراً في قرارته. علاوة على ذلك ، إذا قدمه الإطار الشيعي, فلن يكون محميًا من كراهية وغضب الصدر. من المرجح أيضاً يعاد سيناريو عام 2016 نفسه عندما اصبح البرلمان والحكومة تحت سيطرة المتظاهرين الصدرين.
الخيار الثاني للإطار الشيعي هو تقديم شخصية من الدرجة الثانية. فهنالك طرح لبعض الأسماء مثل محمد شيعي السوداني ، وأسعد العيداني ، ومحمد علوي. لكن هذه الشخصيات لا تمتلك الميليشيات والأحزاب وبذلك ستعاد تجربة عادل عبدالمهدي الدموية والغير سارة الذي أستخدمته القوى الشيعية كواجهة لنفسهم.
الخيار الثالث والأخير هو اجراء تغيرات على التفكير الحزبي في الإطار التنسيق الشيعي وذلك من خلال إنشاء حكومة خدمية أو مستقلة وتكنوقراطية تعالج على الفور مشاكل العراق المتراكمة و تضع الكهرباء والمياه والبيئة وخلق فرص العمل على رأس أجندتها. لكن هذا مستعبد على أجندة وتاريخ قوى الأطار التنسيقي التي اعتادت أكثر على أن تكون في نظام مجزأ وينظرون إلى غياب الصدر كفرصة لكسب المزيد من الامتيازات لأحزابهم. خصوصا بعد تحقيق واردات كبيرة نظراً لإرتفاع أسعار النفط بسبب الحرب الأوكرانية.
أياً كان السيناريو الذي سينجح ، فإن الإطار التنسيقي لن يفلت من شيئين, وهما كيفية إقناع الحزب الديمقراطي الكوردستاني والسنة بعد ثمانية أشهر من التخوين والصراع والتوترات الأمنية واللجوء الى المحاكم. ثانياً مخاوف لجوء الصدر الى الشارع. خاصة بعدما طلب من نوابه عدم “الأنقسام”. وقد يستغله الصدر هذا لرفع سقف مطالبه من “أصلاح” و “مراجعة” الى تغير النظام والأستفادة من الثغرات الموجودة في الهيكل السياسي العراقي. يمثل متبقي البرلمان الحالي رسمياً حوالي 30% من الناخبين ويعتقد بعض المحللين أن النسبة الحقيقية هي أقل من ذلك لأنخ من الأساس كان هنالك مبالغة في النسبة الرسمية وهذا ما يجعل الوضع أكثر تشويشاً.