نشاط

السلام الصعب في تركيا: نزع سلاح PKK ونقاط التحول السياسي في وضع جيوسياسي غير مستقر

09-09-2025


نظم مركز رووداو للدراسات، يوم الاثنين (1 أيلول 2025) في إطار مؤتمر ليوم واحد، مائدة مستديرة مغلقة بطريقة تشاتمهاوس لعدد من أعضاء البرلمان وأعضاء من مختلف الأحزاب في تركيا وشمال كوردستان، والسياسيين والباحثين والصحفيين والمشاركين في عملية السلام في تركيا من الجانبين الكوردي والتركي تحت عنوان "السلام الصعب في تركيا: نزع سلاح PKK ونقاط التحول السياسي في وضع جيوسياسي غير مستقر".

تُعدّ عملية نزع سلاح PKK اختباراً تاريخياً صعباً للسلام في تركيا. تتضمن هذه العملية إعادة تشكيل وضع السياسة الداخلية في تركيا رأساً على عقب، لكن لها في نفس الوقت لها تأثيراً مهماً على المنطقة، خاصة وأن العالم يمر بوضع جيوسياسي غير مستقر.

في المائدة المستديرة المغلقة، جرت مناقشة آليات نزع سلاح PKK بشكل عام، وتغييرات السياسة الداخلية التركية، وتأثيرات هذه العملية على التغييرات المفترضة في توازن القوى الإقليمي، وكانت محاور النقاش كالآتي:

البعد الإقليمي لمحادثات السلام ونزع سلاح PKK

- كيف تنظر دول المنطقة والقوى المؤثرة في المنطقة إلى عملية نزع سلاح PKK؟

- ما هو دور وتأثير إقليم كوردستان والعراق في هذه العملية؟

- تأثير الوضع في روجآفا وسوريا وكذلك قضية شنگال؛ هل تصبح عامل تيسير أم سبباً لخلق عقبات؟

البعد الداخلي: سبل تأكيد الاستقرار وبناء الثقة في تركيا المستقبل

- النقاشات الداخلية حول مواصلة أو إيقاف الحرب المسلحة بين الدولة وPKK

- الإصلاحات والتغييرات اللازمة لاستئناف عملية نزع السلاح

- قدرة النظام السياسي التركي على استيعاب مطالب الكورد

- الدروس والتجارب من الجهود السابقة للحل بين PKK والدولة

كان هذا الاجتماع مهماً جداً في هذا الوقت، وكان منصة مفتوحة لعدد من الشخصيات السياسية والمشاركين في العملية لإجراء حوار شامل حول العملية والوقوف على جميع الملفات. تمت الإشارة إلى نقاط مهمة إلى جانب رسالة عبدالله أوجلان التي وجهها لهذا النشاط، حول المحاور الرئيسة للنشاط، سواء الجوانب الداخلية أو الجوانب الإقليمية لهذه العملية وتم التطرق إليها ومناقشتها.

من ناحية الجوانب الإقليمية، أشار جميع المشاركين في الاجتماع تقريباً إلى أن المحرك الأساس لهذه العملية هو التطورات الإقليمية. ازدياد هيمنة إسرائيل كقوة مهيمنة في المنطقة بعد هجمات حماس، تغيير النظام في سوريا، ضرب حزب الله في لبنان، وكذلك الهجمات على إيران، وسقوط الأسد في سوريا ومجيء أحمد الشرع إلى الحكم، وبصورة خاصة مستقبل كورد سوريا. اتفق غالبية آراء المشاركين تقريباً بشأن هذه النقطة.

نقطة أخرى تمت الإشارة إليها كثيراً هي أن تركيا جعلت الأمور أكثر صعوبة بموقفها تجاه سوريا. المقلق كان أن عملية السلام في تركيا اتخذت خطوات جيدة جداً في البداية وشهدت تقدماً مهماً، ولكن تغييرات سوريا لها تأثير مباشر أو غير مباشر على هذه العملية، خاصة أن ما حدث في سوريا كان استيلاء مجموعة جهادية على السلطة وإقامة حكومة وإصدار دستور مؤقت يؤكد على المركزية في السلطة، الأمر الذي يثير قلق الأقليات الأخرى في سوريا، بينهم الكورد الذين تمثل قوات سوريا الديمقراطية، قسد، جزءاً كبيراً منهم.

الآن، يطالب الكورد في سوريا باللامركزية وحكومة اتحادية وبطريقة ما إدارة شؤونهم بأنفسهم، وهذا يثير قلق تركيا خاصة وأنه يشاع أن هيئة تحرير الشام الممسكة بالسلطة حالياً هي طرف قريب جداً من تركيا. الدولة التركية ترى هذا المطلب الكوردي، الذي تطالب به قسد التي تعدّها تركيا جزءاً من PKK، محاولة لإقامة إقليم ذي ذاتي مشابه لما في جنوب كوردستان وهذا غير مقبول عندها. لذلك، فإن ارتباط هذه المسائل والقضايا وتشابكها يصبح عقبة كبيرة أمام نجاح العملية وتباطؤ مسار تقدمها. لذلك رأى المشاركون في المائدة المستديرة أن أي تغيير في وضع سوريا أو أي تقدم في عملية السلام وقضية الكورد في تركيا سيؤثر بعضه على البعض الآخر بسبب الترابط بينهما.

من النقاط الأخرى المهمة إقليمياً والتي جرت مناقشتها، دور الجهات الفاعلة الإقليمية في هذه المسألة، حيث تحدثوا بشكل مختلف عن الدور الإيجابي والسلبي لبعض الجهات الفاعلة الإقليمية. تحدثوا عن أن العديد من الأطراف كان لها دور إيجابي ومؤثر وجهد مكثف وجيد جداً، خاصة سلطات إقليم كوردستان في أربيل والسليمانية؛ وكان للسياسيين أيضاً دور مؤثر وفي المستقبل أيضاً سيكون لهم دور بارز ومهم بنفس الطريقة. لكن في نفس الوقت جرى الحديث عن الدور السلبي لبعض الأطراف، حيث هناك أشخاص ومجموعات مختلفة لها مصالح سياسية وفئوية وشخصية، وبمجيء السلام والديمقراطية، تختفي مصالحهم. بعض تلك المجموعات والأشخاص تضطرب أحلامهم ويصيبهم القلق عندما يسمعون كلمة السلام وعملية الحل. هذه المجموعات تفعل كل شيء لتحريف العملية وإفشالها. لكي ننتصر على كل هذه العقبات يجب ألا نيأس، بل يجب العمل بجد بالاعتماد على النفس لإنجاح العملية وإظهار الموقف.

من النقاط الرئيسة والمهمة داخلياً والتي كانت موضع نقاش وجدل المشاركين في المائدة المستديرة، أن نسبة الدعم لعملية السلام في تركيا عالية، لكن الثقة والإرادة منخفضتان جداً. مؤيدو الحركة الكوردية ليس لديهم ثقة بالدولة، والذين هم في خط الدولة ليس لديهم ثقة بالحركة الكوردية؛ أما المعارضون فليس لديهم ثقة بأي طرف. قسم منهم عزا السبب الأساس لفشل جهود السلام في الماضي إلى "عدم وجود الإرادة". انعدام الثقة هذا يعود في جزء أساسي منه إلى أن الطرفين، الجمهورية التركية وPKK، ما زالا ينظران إلى بعضهما البعض كأنهما عدوان قديمان كانا في خنادق ضد بعضهما البعض، وبعد إعلان الهدنة ما زال كل منهما مشككاً وخائفاً من الآخر، مثل عدوين يلتقيان بعضهما البعض في مكان ما ينظران إلى بعضهما بعين الشك، لذلك يجب العمل على هذا النوع من التفكير والنظرة حتى تتقدم العملية أكثر وتؤتي ثمارها. جزء آخر من انعدام الثقة يعود إلى ضعف الثقة في العملية، رغم أن عملية السلام هذه لعام 2024 التي بدأها دولت باخجلي اتخذت عدة خطوات مهمة، ولكن ما زال موضوع الشك وانعدام الثقة في نجاح العملية مهيمناً، وسبب هذا يعود إلى التجارب السابقة لعدم نجاح عملية السلام بين الطرفين. فإذا التفتنا إلى الماضي نرى أنه كان هناك عدة محاولات مماثلة في أوقات وأزمنة مختلفة ولكنها لم تصل إلى نتيجة، على سبيل المثال في العام 1990 كانت هناك محاولة مماثلة توسطت فيها دول أوروبية؛ ومن 2009 إلى 2011 بنفس الطريقة في أوسلو بدأت محاولة مماثلة، ولكن هذه أيضاً لم تكن لها نتيجة تذكر. حتى اليوم، جرت عدة محاولات أخرى لإنجاح هذه العملية، ولكن لم تحقق أي منها نجاحاً أساسياً. هذه التجارب المرة السابقة أضعفت ثقتهم في العملية.

مع كل هذا، كان لقسم آخر من الحاضرين رأي مختلف واعتقدوا أن عملية السلام هذه المرة مختلفة وقد شهدت تقدماً جيداً وينظرون إليها بعين الأمل لعدة أسباب:

أولاً، من ناحية أن العملية بدأتها شخصية رئيسة لحزب قومي تركي، وهذا يشير إلى تغيير في نظرة تركيا تجاه العملية، وأن الطريق الوحيد لحل هذه المشكلة هو الحوار والاتفاق والحل السلمي، وليس السلاح والعنف الذي لا يؤدي إلا إلى زيادة عدد الضحايا من الجانبين، كما أن رسالة أوجلان للمؤتمر تدعم هذا الرأي، إذ يعتقد أن هذه العملية التي يديرونها هذه المرة مختلفة وهناك أمل في نجاحها. سواء من ناحية أن PKK وقائدهم المسجون، عبد الله أوجلان، أظهروا حسن نيتهم من خلال مطالبته PKK بوضع أسلحتهم واتخاذ طريق السلام، وفي هذا الإطار تخلص جزء من عناصر PKK في منطقة السليمانية من أسلحتهم، وهذا رغم أنه مفرح ولكنه إلى حد ما كان مثيراً لقلق الدولة التركية التي تقول إن PKK تملك أسلحة أكثر تطوراً وليس بضعة بندقيات كلاشينكوف أحرقوها.

ثانياً، هناك اختلاف آخر في العملية هذه المرة عن العمليات السابقة يتمثل في تشكيل "لجنة الدعم الوطني والأخوة والديمقراطية" في البرلمان، التي جرت أعمالها حتى الآن بتنظيم واتفاق جميع الأطراف.

النقطة الثالثة والأهم، والتي كانت محل انتباه الحاضرين كانت الطريقة التي تستخدمها الدولة التركية في تعبيراتها تجاه العملية. هذه العملية حساسة ومهمة جداً، حيث قد يؤدي أصغر سبب إلى إيقاف العملية والعودة إلى الوراء بدلاً من التقدم، لذلك يجب التعامل مع العملية بحذر شديد وعدم استخدام التعبيرات التي تضر بالعملية. على سبيل المثال، الدولة التركية من جانب تمدح هذه العملية وتصفها بأنها عملية سلام مهمة وفي مصلحة الطرفين، حيث أشار رئيس الجمهورية التركية، رجب طيب أردوغان، في هذا الإطار عدة مرات إلى أن الترك والكورد إخوة وسيبقون إخوة، ولكن من جانب آخر تتحدث الدولة التركية عن هذه العملية كأنها قضاء على الإرهاب والإرهابيين. هذا النوع من التعبيرات عن النظرة وبالكلمات مثير للقلق ولا يصب في مصلحة العملية إذا كانت الدولة التركية تريد حقاً نجاح هذه العملية. لذلك رأى المشاركون أنه يجب على الدولة التركية إعادة النظر في خطابها وتعبيراتها تجاه العملية واعتماد خطاب مختلف يظهر حسن نية الدولة تجاه العملية لإزالة الشك تجاه العملية عند جميع الأطراف.

من جانب آخر، كان هناك رأي في المائدة المستديرة بأن المهم هو العملية نفسها، والآن نحن نمر بعملية مهمة جداً، ليس فقط في الشرق الأوسط، بل في مناطق البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط التي هي جزء من جغرافيتنا وتستمر فيها الحروب والاضطرابات. لذلك، في وسط آلام ومعاناة المنطقة هناك تطور إيجابي في تركيا يفرح الجميع ويزيد الأمل والتفاؤل، إذن [لا فرق] سواء أطلقوا عليها تركيا بلا إرهاب أو عملية السلام.

واحدة أخرى من النقاط الجوهرية التي تم التأكيد عليها كثيراً وكان هناك إجماع عام عليها كانت أهمية هذه العملية لأنهم اعتقدوا أن هذه العملية ليست مرتبطة فقط بالدولة التركية ومصير الكورد في ذلك الجزء من كوردستان، بل يمكن أن تصبح أي نتيجة من هذه العملية نموذجاً لتغيير أكبر في المنطقة وخاصة مصير الكورد في دول المنطقة الأخرى.

نزع سلاح PKK، إلى جانب كونه قضية داخلية تركية، فيه عامل وارتباط إقليمي لأنه عندما كان PKK يقاتل، كان ذلك يؤثر على جميع أجزاء كوردستان الأربعة، والآن أيضاً إذا وضع السلاح، سيكون له تأثير إيجابي. أيضاً، ما تم التأكيد عليه أكثر هو أن عملية السلام تحتاج إلى خطوة أكبر وأهم؛ صحيح أن نزع السلاح جزء من تقدم عملية السلام ولكنه وحده ليس كافياً لحل قضية الكورد الأساس، بل الأهم هو الديمقراطية والسير نحو الديمقراطية لأنه عندما تهيمن عقلية غير ديمقراطية على السلطة، تخلق رأياً عاماً غير ديمقراطي. إيجاد بديل ديمقراطي لذلك الرأي العام قد يكون صعباً إلى حد ما ولكن ليس مستحيلاً. إذا بحثت دول المنطقة جميعاً في أسباب حمل الكورد أو أي قومية أخرى للسلاح، فإنها ستعرف أنه إذا منحت الديمقراطية والحرية وحق تقرير المصير لأي قومية، فإنها لن تلجأ إلى السلاح. لذلك، تستطيع تركيا ديمقراطية توفير جميع الحقوق الأساس للكورد وهذا سيكون نموذجاً جيداً لكامل المنطقة ولوضع الكورد في جميع الدول المحيطة، كما يقول أوجلان أيضاً في رسالته الخاصة للمؤتمر، إذا تغيرت تركيا وتقدم وضع الكورد من الناحية الديمقراطية، فإن المنطقة ستتغير.

قائمة المشاركين في المائدة المستديرة المغلقة:

محمد مهدي أكر، وزير الغذاء والزراعة السابق- حزب العدالة والتنمية

ملا بختيار: سياسي ومسؤول سابق للهيئة العاملة للمكتب السياسي للاتحاد الوطني الكوردستاني

مدحت سَنجَر، عضو البرلمان التركي، وفد إمرالي- دام بارتي

فلاح مصطفى: معاون رئيس إقليم كوردستان لشؤون السياسة الخارجية

بولنت كايا بار، عضو البرلمان وعضو لجنة الوحدة الوطنية والأخوة والديمقراطية- حزب سعادت

آكو محمد، المدير العام لشبكة رووداو الإعلامية

أوغوز كاءان صالجي، عضو البرلمان، حزب الشعب الجمهوري

جنكيز جاندار، عضو البرلمان التركي، وفد إمرالي- دام بارتي (كخبير بشؤون الشرق الأوسط)

زريان روجهلاتي، مدير مركز رووداو للدراسات

روج غيرسون: مدير مركز راوست للأبحاث

محمد أمين پنجويني، مثقف وسياسي

بايرام بوزيل: رئيس الحزب الاشتراكي الكوردستاني - تركيا

مصطفى شفيق، مراقب سياسي

سركان رامانلي، عضو برلمان، ونائب الرئيس لشؤون العلاقات العامة والتطوير في حزب هودا بار

د. عمر نور الديني، أستاذ جامعي

كاني تورون، عضو سابق بالبرلمان التركي

نور الدين ياشار، عضو سابق بالبرلمان التركي - حزب العدالة والتنمية

حسين إيمير، نائب رئيس هودابار ورئيس قسم العلاقات

قادر تميز، مدير مركز أورسام للأبحاث

د. طارق جوهر، باحث ومراقب سياسي

سرحان أفاجان، رئيس مركز إيرام للأبحاث

سامي أركوشي، مراقب سياسي

رها روهافي أوغلو، مدير مركز الدراسات الكوردية

أحمد كوردو، أستاذ جامعي

برفين جوشكون، مركز الدراسات الكوردية

علي رضا جليك، مركز بايتاف للأبحاث

كبرى صغير، مركز الدراسات الكوردية وطالبة دكتوراه

شيروان يوسف، باحث ومراقب سياسي

تونا أيغون، مركز أورسام للأبحاث

روشن جاكر- صحفي

ديدم أوزيل تومر، صحفي

سرتيب جوهر، صحفي

يلدراي أوغور، صحفي

ريحان آكار أوكتاي، رجل أعمال

هيڤيدار زانا، شبكة رووداو الإعلامية

September - 2025
Monday
01
10:00 AM
-
05:00 PM
Share this Post

نشاط