بعد العديد من الاجتماعات الاستشارية والتخطيطية في مركز دراسات رووداو، وبجهود زملائنا وإشراف الزميل محمود بابان، جاء هذا البحث مشفوعاً باستبيان شمل عدداً من الفاعلين في قطاع العقارات، كمشروعين يكمل أحدهما الآخر، ليعرض بيانات دقيقة عن التغير في الأسعار في سوق العقارات. ساعد ذلك في إثارة العديد من التساؤلات المتنوعة حول هذا القطاع المهم، من قبيل هل هناك توازن في حجم تشغيل الأموال والاستثمار بين قطاع العقارات والقطاعات الأخرى؟ إذ رأى أغلب المشاركين في الاستبيان أن القسم الأكبر من عمليات البيع والشراء في هذا القطاع يجري بين فئة محددة من التجار وبين العرب، وبهذا ليس هناك رأي قوي بأن مشاريع هذا القطاع أدت إلى حل مشاكل السكن في إقليم كوردستان. هذا البحث يكشف عن وجود تفاوت عجيب في الأسعار بين أحياء مدينة واحدة، يبعد بعضها أحياناً عن البعض الآخر بعض مئات من الأمتار فقط. هذا يمكن أن يكون أيضاً علامة واضحة على الاختلافات في نسب النمو ومستويات الرفاهية بين المواطنين. من هذا المنطلق يمكن أن يتجاوز هذا الأمر كونه مسألة اقتصادية ليكسب أبعاداً اجتماعية وسياسية أيضاً.
قطاع العقارات واحد من القطاعات التي تتبوأ مكانة مهمة في اقتصاد أي بلد. فبإمكان هذا القطاع أن يولد زخماً لحركة رأس المال وعمل البنوك، البلديات وسائر المؤسسات الحكومية مع علاقة طردية مع قوى العمل البسيطة والخبيرة، وقطاعات الصناعة والخدمات، وله دور لا يمكن إغفاله في فرص تشغيل رؤوس الأموال وإنتاج الثروة والمال، وهذا يعد عنصراً مهماً في النمو الاقتصادي وزيادة الناتج المحلي الإجمالي. هذا بلا شك، شأنه شأن غالبية الأنشطة الاقتصادية والمالية الأخرى، له علاقة بالسياسة وبالوضع العام. من هنا، يجب أن يحتل مكانة مهمة في صياغة السياسة والتخطيط الحكوميين. لا شك أن التفريط في القطاعات الأخرى وإهمالها مقارنة بهذا القطاع، والتخبط في مخططات قطاع العقارات وضآلة رقابة الدولة، يمكن لها أن تعكس تأثيرات هذا القطاع.
ربما تقود قراءة هذا البحث، قارئها في النهاية إلى التساؤل: هل أن تعدد المنافذ الحكومية التي تمنح إجازات الاستثمار جيد أم سيء؟ خلا ذلك، إلى أي مدى يرقى اتباع نظام التخمين في تحديد ضريبة قطاع العقارات إلى المستوى المنشود؟ وإن لم تكن الإجابة على هذا التساؤل واضحة، فإن عدم اطلاع نحو نصف المشاركين في الاستبيان الذي ضمه هذا المشروع، على قانون الاستثمار، في حين أنهم يعملون في هذا المجال، علامة واضحة على أن القسم الأكبر من الفاعلين في هذا القطاع على الأقل، غافلون عن الحكومة. غياب نظام حديث لتحديد الضرائب والرسوم والعمل بنظام التخمين، يمثلان مخرجاً يمهد للوصول إلى طرق التهرب من دفع الضرائب في هذا القطاع المهم. من هنا، يمكن لهذا البحث الذي أجراه مركز دراسات رووداو أن يكون بداية للتمعن في كل أبعاد هذا القطاع، ما سيساهم في عرض صورة أوضح للقراء وللمسؤولين.
تحميل التقرير الكامل (الكردية)