RRC |
علي البيدر|
يقال ان الاوطان تمرض ولكنها لا تموت , قد تصدق تلك المقولة في احيان كثيرة ,الا انها غير ذلك اذا كان المرض عضال لا يرجى شفائه , هذا ما يحصل في العراق اليوم الذي اصابته مجموعة امراض فتاكة, ما ان يبدأ في معالجة احداهن حتى ينشط الاخر , تلك الامراض التي نخرت جسد الدولة لا يمكن حصرها بدءً من الولاء لغير الوطن وصولًا الى الفساد المستشري وليس انتهاءً بظاهرة الجماعات المسلحة وسلاحها المنفلت . الداء الاخير هو السلاح المنفلت الاشد خطورة على البلاد كونه يتعلق بمستقبل حياتها التي تقف على حافة التلاشي . ما ان تغادر اخر نقطة تفتيش تفصل بين حدود إقليم كوردستان ومناطق البلاد الاخرى حتى يبدو حضور الدولة شكليًا برغم وجود عشرات المظاهر التي تدل عليها , تلك المظاهر تعمل وفق امزجة المشرفين عليها وليس وفق نظام مؤسساتي لا يمكن قفزه مهما كان الفاعل قريبًا من رأس السلطة مثلما هو موجود في إلاقليم اخر الامكنة التي يمكنك فيها الشعوربوجود الدولة التي يحلم فيها اي عراقي اكتوى بنيران سوء الادارة بعد اول تجربة ديمقراطية عاشها العراقيون في العام 2003 ولم يحسنوا استخدامها والاستفادة من مزاياها حتى اليوم .
الفوضى الخلاقة
تحاول جهات عديدة وبمساعدة دول إقليمية خلق حالة سياسية وامنية معينة في العراق واطالة امدها واستثمار مخرجاتها بما يضمن زيادة امكانيتها واتساع رقعة نفوذها على حساب قوة الدولة التي اخذت تضعف كلما طالت مدة تلك الحالة التي تستنزف امكانيات الدولة وتقلل من قدرتها على النهوض من جديد امام التحديات القائمة . دول اقليمية لها اليد الطول في التخطيط لذلك والاستفادة منها على اكمل وجه والتنفيذ يجري عبر اذرعها في العراق وهي المجاميع المسلحة بجميع مسمياتها, ابرز تلك الجهات التي تعمل على تغذية مرتكزات الفوضى وتزويدها بالوقود عبر افتعال ازمات متواصلة لا يمكن معالجتها بشكل جذري وفق الامكانيات المتاحة . المتتبع للمشهد العراقي اليوم سيجد ان جميع مخرجات وثمر التقلبات السياسية والامنية في البلاد تؤول لصالح تلك الدول التي تبحث عن مصلحتها فحسب ولا شيء غير ذلك حتى جعلت من العراق حلبة لمنازلتها الدولية دون اي اكتراث لأي اعتبارات انسانية واخلاقية. ان تلك الدول سخرت الجماعات المسلحة كي تحارب عنها بالإنابة والتي لم تكتفي بالعبث في الشؤون الداخلية للبلاد والتدخل في صناعة قرار الدولة الداخلي والخارجي وفرض ارادتها عليه , بل طالت ايديها السيادة العراقية بشكل مباشر عبر استهداف بعثات دبلوماسية يجب ان تكون محمية وفق اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية , وضرب قواعد عسكرية اجنبية الهدف من وجودها توفير الحماية للبلاد وتدريب قوات الامن العراقية , اضافة الى تجاوزها الحدود والقتال في دول اقليمية رغمًا عن ارادة الدولة بناءً على توجيهات ذات دوافع عقائدية . كما عملت تلك الجماعات المسلحة على تطبيق احكام عرفية في اماكن نفوذها ومضايقة المواطنين عبر فرض الاتاوات على اموالهم الخاصة ومشاريعهم التجارية ,اضافة الى حصولها على نسب معينة من مؤسسات الدولة خصوصا فيما يتعلق بمشاريع الفساد الممنهجة , حيث ترسل حصة الاسد في نهاية المطاف لدول اقليمة تقبع تحت حصار خانق , ممولة جميع انشطتها التوسعية مما تجنيه تلك الجماعات التي تسير بالبلاد الى عمق النفق المظلم دون وجود اي رادع داخلي وخارجي يحد من نفوذها التوسعي .
السلاح المنفلت
بدأ هذا المصطلح بالتداول بشكل كبير مؤخرًا كونه اصبح جزء من الصراع الحاصل وعمليات فرض الارادة المتبادلة بين قوى الدولة ونقيضتها , حيث تسعى الاخيرة الى استثمار حالة شبه الفوضى التي يعيشها العراق لتوسيع نفوذها وزيادة مكاسبها على المستوى السياسي والمالي وحتى الوظيفي . مصطلح السلاح المنفلت هو تعبير قد يكون مجازي اكثر منه اصطلاحي يستخدم للتغطية والتمويه عن جهات تحاول استخدام هذا السلاح وتوجيهه لتحقيق اهداف محددة خارج اطار القانون وبعيدًا عن عمل مؤسسات الدولة . اصطلاحًا لا يعد هذا السلاح منفلتًا كون هناك جهات تتحكم به وتوجهه صوب من تريد وتفرض به ارادتها لتحقيق مكاسب سياسية وحكومية , اضافة الى النفوذ المجتمعي الذي تحصل عليه نتيجة تخويف الشارع به . ان العراق اليوم وبفعل وجود كميات كبيرة من الاسلحة المنتشرة خارج اطار الدولة والتي تقدر بملايين القطع مختلفة الحجم , بات يمثل ساحة دولية وإقليمية لتصفية الحسابات وزيادة النفوذ بين جميع المتصارعين للحصول على موطأ قدم في هذه البقعة من العالم . وبرغم إعلان جميع رؤوساء الحكومات المتعاقبة على ادارة البلاد عن تنفيذهم خطة لجمع هذا السلاح , إلا ان اي منهم لم يقدم على تنفيذها لأسباب مختلفة وهذا ما يجعل البعض يفكر بألاستعانة بدور دولي للقيام بهذه المهمة التي لا تحتاج سوى الى إرادة حقيقية لتطبيقها .
السلاح الاخطر على الدولة
ينتشر السلاح الفوضوي في العراق بشكل ملحوظ دون وجود اي خطط حكومية لجمعه ومحاسبة ممتلكيه . لدى المواطنين والعشائر والتيارات السياسية هناك سلاح خارج اطار الدولة ومؤسساتها الامنية يستخدم لتحقيق مصالح خاصة او حتى لتوفير الحماية الذاتية للمواطنين كما يرون, بعد ان عجزت مؤسسات الدولة الامنية عن ذلك برغم ان اعداد منتسبيها تفوق مليون وربع عنصر امن يتقاضون مليارات الدولارات دون ان يجعلوا المواطن يلمس الامن في طول البلاد وعرضها . وبرغم انتشار السلاح بشكل ملفت لدى جهات عديدة الا ان مساحات استخدامه محدودة اضافة الى ضعف امكانياته قياسًا مع ما تمتلكه مجاميع مسلحة منظمة, مدربة , مجهزة بالكثير من الامكانيات ولديها القدرة على خوض حرب مع مؤسسات الدولة الرسمية وقد تكسبها اذا توفرت بعض الظروف , هذا الامر يجعلنا نقلق على مستقبل الدولة إزاء وجود هكذا ظاهرة ممكن ان تشعل فتيل حرب لا تتوقع نتائجها . وبرغم ان بعض تلك الجماعات تتمتع بالصفة المعنوية كونها ترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة عبر مؤسسة رسمية محمية بقانون ينظم عملها , إلا ان هذا الارتباط اصبح شكليًا بعد رفضها الانصياع لأوامر القيادات العليا التي باتت تغض الطرف عن سلوكياتها او نستطيع القول انها تخشى الاحتكاك بها مخافة من الاحراج الذي قد تتعرض له والذي قد يجعل المواطنين يفقدون الثقة تمامًا بمؤسسات الدولة الامنية الاكثر انضباطًا , مثلما حصل في مناسبات سابقة تراجعت فيها تلك المؤسسات عن تنفيذ الاوامر بحق عناصر تلك الجماعات خوفًا من ردات فعلها , وطمعًا بالحصول على رضاها والتودد لها . حقًا ان قوات الامن العراقية عاجزة على مجابهة سلاح تلك الجماعات التي تمتلك ترسانة كبيرة من الاسلحة تعلن انها تستخدمها ضد القوات الاميركية الموجدة على الاراضي العراقية بطلب رسمي لحماية البلاد من الاخطار الحقيقية , إلا انها لا تتوانى في استخدامه ضد جميع العراقيين اذا شعرت ان هناك اي محاولة تهدف لكبح جماحها . ولم تكتفي تلك الجماعات بما تمتلكه من اسلحة دفاعية , بل عززت ذلك بالكثير من امكانيات التسلح بعد دخولها في سباق تسلح واضح ولاسيما بعد ان تم منح بعضها اموالًا ضخمة من موازنة الدولة ضمن فقرة تطوير وتعزيز امكانياتها , حيث عمدت على تطوير قدرتها في التسلح عبر شراء الاسلحة بالمباشر والاستعانة بخبرات عراقية واجنبية لتطوير ما بيدها من قدرات قتالية على المستويين الفني والتقني . ان القدرات العسكرية والامكانيات القتالية لدى بعض الجماعات المسلحة في العراق لم تعد تشكل خطرًا حقيقيًا على البلاد فحسب , بل باتت تقلق دول المنطقة بعد ان اصبحت تملتلك صورايخ بالستية متوسطة وطويلة المدى قادرة على تجاوز الحدود , مع منظومة دفاع جوي ومدافع ومنصات لاطلاق مقذوفات الهاون , اضافة الى طائرات مسيرة ثابتة الجناح ودبابات هجومية, فيما لديها مواقع تدريب في اماكن صحراوية جنوب غربي البلاد لا يمكن لأحد الوصول اليها الا بموافقتها . علاوة على ذلك فهي تسعى لتأسيس جامعة امنية تضم كليات عسكرية وكلية للقيادة والاركان واخرى للقوة الجوية والبحرية . كل ذلك يدخل في اطار اضعاف مؤسسات الدولة الرسمية خصوصا الجيش العراق لتتربع على عرش الجهات القتالية في البلاد بعد توظيف سلاحها لهذه المهمة .
ابرز الاسلحة الخطيرة المهددة لمستقبل الدولة والتي تمتلكها الجماعات المسلحة في العراق
تمتلك الجماعات المسلحة في العراق ترسانة ضخمة لا يمكن حصرها على المستويين الكمي والنوعي , الا ان ابرز ما تم التعرف عليه بعد عملية بحث مضنية تم من خلالها الاستعانة بالعديد من الخبرات الامنية والمواقع الرسمية لنخلصها بالأتي :
( الطائرات المسيرة)
طائرة مهاجر 6
طائرة شاهد – ايكس (درون)
جاموش او چمروش
وهي طائرة ايرانية مستنسخة عن اخرى صينية تستطيع التحليق لمدة ساعتين وعلى بعد 35 كم من محطة التحكم
طائرة شبيهة بالمسيرة الايرانية faraz
طائرة سفير المسيرة
الطائرة الإيرانية المسيرة التي لا اسم ثابت لها ولكن يطلق عليها في إيران ” پهپاد شاهد X”
(منظومات المراقبة)
منظومة المراقبة والرصد سداد
منظومة الاتصالات التكتيكية سپهر ١١٠
منظومة عاشوراء للمراقبة
(المدافع والدبابات )
T-72S دبابة طراز
T-72M دبابة طراز
HM-20 Hadidراجمة
راجمة البتار
راجمة الاشتر
راجمات الرعد 24
صاروخ ذو الفقار
M40مدافع
عيار 122ملم D-30مدفع
عيار 130ملم D-30مدفع
عيار 152 ملم D-20مدفع
عيار105 ملم M-101Aمدافع
صواريخ كورنيت ودهلاوية
صواريخ طوفان
(انواع القنابل)
قنابل قائم-1 ، قائم-5 و قائم-9 ، هذه القنابل الذكية مصممة للطائرات المسيرة لأنواع: شاهد-129 ، مهاجر-6 ، فطرس ، أبابيل-3
عائلة القنابل العمودية تتراوح مدياتها من 12 إلى 40 كيلو متراً ويمكن توجيهها والتحكم في إتجاهها حتى لحظة الإصابة ، وهي من القنابل المضادة للحروب الإلكترونية
(المركبات المدرعة والحربية )
مركبة آرس حاملة للسلاح الثقيل
لنقل الجند M-577مدرعة
لنقل الجند buragمدرعة
مدرعات رخش لنقل الجند
لنقل المشاة bmp-2مدرعة
لنقل المشاة LT-79مدرعة تاريير
ناقلة الجند طوفان
ATVالدراجات النارية التكتيكية رباعية الدفع
المستخدمة للتنقل في التضاريس الوعرة الصعبة
علاوة على ذلك , فأن هناك العشرات من الاسلحة الثقيلة والمتوسطة, اضافة الى الخفيفة منها , لم يتم التأكد من امتلاك تلك الجماعات لها , الا انها تظهر ضمن انشطة تلك الجماعات وهي اكثر بكثير من ما نعلمه عنها .
الخلاصة
ان الدولة العراقية اليوم تعيش تحديات جسيمة امام خطورة السلاح المنتشر في ربوع البلاد والذي قد يوجه ضدها في اي وقت ترى فيه جماعات مسلحة انها في دائرة الخطر مع غياب مفهوم حصر السلاح بيد الدولة الذي اصبح خارج اطار التداول بعد عجز جميع المؤسسات الحكومية عن ذلك . يمثل تنامي نفوذ تلك الجماعات المسلحة اكثر مما هي عليه الآن البداية الحقيقية لأنهيار الدولة العراقية بشكل كامل امام قوة سلاحها الذي قد يقدم على ابتلاع الدولة في اي توقيت تراه مناسبًا لذلك بعد ان تدرك نية احد الاطراف بمهاجمتها , وهذا ما يقودنا الى سيناريو مشابه لما حصل في اليمن بعد ان احكمت جماعات مسلحة قبضتها على ارجاء واسعة من البلاد وحكمها وفق ايدلوجية خاصة , او قد نجد انفسنا امام تجربة اخرى تشبه تجربة سيطرة تنظيم داعش على مساحات شاسعة من العراق . فيما يبقى السيناريو الاخير هو ان تتصارع تلك الفصائل فيما بينها وبالتالي تحدث حربًا شبه اهلية في وسط وجنوب العراق . جميع السيناريوهات المحتلمة لخطورة انتشار السلاح وامتلاك مجاميع معينة له كمًا ونوعًا يزيد من خطر انهيار الدولة العراقية امام تلك الترسانة التي تمثل برميل بارود مرمي قرب نيران لا يمكن توقع اتجاهها في الوقت الحالي . ان بقاء الحكومة العراقية مكتوفة الايدي امام ما يحدث يلزم ان يقابل هذا الصمت تحركًا دوليًا عاجلًا لأنتشال الدولة من حافة الانهيار بعد ان كان هذا المجتمع احد اسباب إزاحة نظام سابق وتسليم البلاد على طبق من ذهب لاكثر من طرف ومنها تلك الجماعات التي لم يكن لبعضها وجود يذكر قبل ذلك إطلاقًا . ان الترسانة المعروضة في هذا المقال وحدها كافية لأبتلاع الدولة بكل امكانياتها , فكيف اذا كان هناك سلاح اخر غير معلوم مع وجود مخططات اقليمية لاحراق البلاد من اجل ان تبقى انظمة معينة ضمن المنطقة قائمة على جراح الشعوب ومعاناتهم ؟