تحليل

الرسالة التي حملتها رسالة بايدن

31-03-2022


 

RRC | 

زريان روجهلاتي

تقديم

رسالة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى رئيس إقليم كوردستان في خضم الأزمات المتراكمة الداخلية والخارجية التي تواجه إقليم كوردستان، مساندة مهمة، لكنها ليست خاصة بإقليم كوردستان وحده بل تأتي ضمن مسعى أميركي شامل لطمأنة حلفائها في العالم، والذين تقلقهم سياسات واشنطن في مقارعة القوى الكبيرة، كما في حرب أوكرانيا ومحادثات فيينا… إلخ.

زار بايدن أوروبا بنفسه لطمأنة حلفائه الأوروبيين، وبعث وزير خارجيته إلى الشرق الأوسط لتبديد قلق إسرائيل والدول العربية، وكتب رسالة بتعبيره إلى رئيس إقليم كوردستان لطمأنته.

تبديد المخاوف الأمنية

بعد مرور نحو تسعة أيام على أول أيام نوروز و17 يوماً على الهجوم الصاروخي الإيراني على أربيل، أدان الرئيس بايدن في رسالة حملها سفير بلاده في العراق إلى الرئيس نيجيرفان بارزاني، الهجوم الذي طال أربيل وقدم تهانيه بعيد نوروز.

تأكيد بايدن على “الالتزام طويل الأمد” الأميركي بأمن وأمان إقليم كوردستان والعراق، من خلال رسالته، نقطة لافتة واضح أنها مرتبطة مباشرة بأن أميركا عادت لتلتفت إلى حلفائها، وخاصة بعد الحرب الأوكرانية. فكرة تقليص الاهتمام بالشرق الأوسط، والاهتمام عوضاً عنه بصراع القوى الكبرى في أماكن أخرى، تبين أنها خاطئة، لأن تلك القوى الكبرى التي تضع العقبات في طريق أميركا متواجدة هنا في الشرق الأوسط أيضاً.

يمكن النظر إلى التأكيد على “الالتزام طويل الأمد” الأميركي بأمن وأمان إقليم كوردستان والعراق، والأحداث الأخرى من قبيل قرار شركة لوكهيد مارتن استثمار أكثر من مليار دولار في الصناعة العسكرية بالسعودية[1]، ومشاركة بلينكن في اجتماع النقب الفريد بإسرائيل، و وتعهده بلينكن للإمارات بالمساعدة في مواجهة هجمات الحوثيين[2]، وكذلك اتصالات بلينكن مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان بشأن التعاون في مجال الأمن الإقليمي، على أنها تأتي جميعاً في إطار سياسة واحدة، ألا وهي طمأنة حلفاء أميركا. وربما دلت رسالة بايدن على أن أميركا تنظر إلى إقليم كوردستان بنفس مستوى نظرها لحلفائها الآخرين في المنطقة، وتعلم أنه أصبح ضرورياً أن تزيد من اهتمامها بمخاوف أربيل الأمنية.

دعم الحوار محلياً وخارجياً

تهديدات الإرهاب، تهديدات الفصائل المسلحة التي تستهدف إقليم كوردستان بين الفينة والفينة بذريعة الوجود الأميركي، وتهديدات إيران التي تهدد كل مرة بحجة مختلفة، أظهرت حاجة إقليم كوردستان إلى الطائرات المسيرة وأنظمة الدفاع الصاروخي أكثر من أي وقت مضى. وبوجود الموانع السياسية والبيروقراطية في طريق تسليح البيشمركة بالمسيّرات، ليس معلوماً بعد الطريقة التي يمكن أن يساعد بها الرئيس بايدن إقليم كوردستان عملياً في مجال توفير أمن طويل الأمد لا شك أن نظام الدفاع الصاروخي واحد من مقوماته. هنا يتبين بوضوح الجزء الثاني من الرسالة التي ضمتها رسالة بايدن. خاصة عندما يؤكد على أنه ينظر إلى أمن واستقرار إقليم كوردستان كجزء من أمن واستقرار العراق.

وهذا يعني بتعبير غير مباشر أنه يدعم الحوار بين أربيل وبغداد حول المشاكل المتراكمة. ففي هذا الوقت، تضغط بغداد على إقليم كوردستان كثيراً في ملف النفط والغاز، وأوضاع العراق غير مستقرة، والعملية السياسية بعد الانتخابات تشوبها مشاكل كثيرة، تعد الرسالة بحد ذاتها دعماً سياسياً قوياً لإقليم كوردستان يمكن أن يعزز موقفه، على أن تكون بغداد هي وجهة أربيل.[3]

ولمزيد من الفهم هنا، لا بد من الالتفات إلى المواضيع التي بحثها السفير الأميركي في العراق، ماثيو تولر مع رئيس إقليم كوردستان، على هامش تسليمه رسالة بايدن له. إذ يمكن أن نجمع المواضيع التي بحثاها تحت ستة عناوين مهمة محلية وخارجية.

العملية السياسية بعد الانتخابات وجلسات البرلمان، وهذه تمثل الموضوع الساخن. حيث أكد تولر على أهمية حوار إقليم كوردستان – بغداد حول المسائل التي بينهما، أهمية وحدة الكورد في بغداد ومسألة انتخابات برلمان كوردستان القادمة، والتي يوجد سجال حولها. وكانت مسألة علاقات الكورد مع دول المنطقة موضوعاً آخر من المواضيع التي تناولتها الجلسة. إضافة إلى كل ذلك، جرى الحديث عن حرب أوكرانيا ومحادثات فيينا أيضاً.

خاتمة

الرسالة التي ضمتها “رسالة بايدن” وأميركا، تقول وباختصار: إقليم كوردستان حليف لنا، ونحن ندعمه. لن نقاتل من أجله، لكننا سنساعده. وبالتأكيد تطلب من إقليم كوردستان الاتفاق داخلياً في إشارة إلى الخلافات بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني. كما تطالب بالحوار مع بغداد والدول المجاورة وخلق توازن في الداخل وفي الخارج. وتماماً مثلما تريد رؤية مشهد “اتفاق بارد” بين خصوم الماضي في الشرق الأوسط والذي تحدث عنه أوباما في حينه، تريد لإقليم كوردستان في الداخل والخارج، وبالأخص للاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني، ولأربيل وبغداد، المضي باتجاه اتفاق بارد على الأقل. إرسال هذه الرسالة إلى رئيس إقليم كوردستان المعروف في الداخل والخارج بأنه رجل المفاوضات والاتفاق، يأتي في سياق هذه السياسة.

مصدر

[1] [1] -https://www.reuters.com/business/aerospace-defense/lockheed-martin-invest-1-bln-military-manufacturing-s-arabia-2022-03-08/

[2] -https://www.reuters.com/world/us-blinken-meet-uae-leader-morocco-shore-up-ties-2022-03-29/

[3] – https://presidency.gov.krd/en/president-nechirvan-barzani-receives-us-ambassador-to-iraq/

 

Share this Post

تحليل