تحليل

الصراعات الخفية ما بين الإطار والتيار

03-08-2022


بعد انسحاب الصدر من البرلمان في حزيران 2022 تصرف الإطار التنسيقي الشيعي وكأن خصمهم الرئيسي قد استسلم وترك لهم الميدان. بعد ذلك رشحوا محمد شياع السوداني الذي كان الصدر قد استخدم حق النقض ضده عشية مظاهرات أكتوبر 2020 وهذا ما أغضب الصدر وبعدها وصل مظاهريه الى البرلمان

بالنسبة للصدر فإن أي تقدم للإطار الشيعي في العملية السياسية  في ظل غياب تياره يشكل أيضًا تهديدًا كبيرًا لمستقبل مشروعه السياسي. لأنه حسب التجربة السابقة فإن الكثير من النفوذ في العراق يتحقق من خلال المشاركة في السلطة وملء مفاصل الدولة وليس من خلال التحول إلى معارضة. كما أنه مازال مصدوماً من العراقيل التي وضعت أمام حكومة “الأغلبية الوطنية” وترشيح جعفر الصدر وهو الآن ينتقم بتعطيل مشاريع الإطار التنسيقي الشيعي.

الأرجح أن حكومة الإطار التنسيقي الجديدة ستلجأ إلى قانون الانتخابات الذي أوصت به المحكمة الاتحادية بالفعل لتعديله مما قد يمنع الصدريين من أن يصبحوا الأوائل في الأوساط الشيعية مرة أخرى. وهو أمر مهم للغاية بالنسبة للتيار الصدري لأنه في الدورة الرابعة عمل التيار الصدري كثيراً على قانون الانتخابات وتقسيم الدوائر وتشكيل المفوضية. ومن المؤكد أن تعديل القانون وسط غياب التيار لن يصب في مصلحة الصدر أبداً. هذه إحدى أكثر الصراعات الخفية بين الصدر والإطار التنسيقي.

لا يمكن للتيار الصدري أن يتسامح مع خصومهم بتشكيل الحكومة والانتظار على مقاعد البدلاء حتى الموعد القانوني للانتخابات عام 2025  فلا خيار أمامهم سوى فرض فترة انتقالية تقصر الانتظار إلى عام أو أكثر ليسترجعوا القوة ويأتوا بخطابات جديدة الى البرلمان.

يعتبر محمد شياع السوداني ظلاً للمالكي, ولكن بعد ترشيحه من قبل الإطار التنسيقي وبعد أن عانى المالكي من تداعيات تسجيلاته الصوتية, بدأت العصائب  بالدرجة أولى حملتها الانتخابية لحكومته المنتظرة وأعلنت شروط أختيار الوزراء. في غضون ذلك قال الخزعلي إن أنفاس الزهراء كانت حاضرة في اجتماع ترشيح السوداني, الأمر الذي يثير قلقًا مضاعفًا للصدريين لانهم من جانب جناح انفصالي. وكان الصدر قد قال مراراً إن من ركب على كتفيه ثم غادر هم فاسدون. ومن جانب اخر كلا الجانبين يتقاتل على إرث محمد صادق الصدر والآن يريدون أن يأخذوا الحكايات المقدسة والدينية. في ذات الوقت يرى الصدريون بأن العصائب غير شرعيين ومتخلفين وخونة.

من خلال ملء مقاعد الصدر وتعيين مرشح لرئاسة الوزراء, تقدم الإطار التنسيقي خطوة إلى الأمام وسجل عدة نقاط على الصدر, لكنه بدوره عادل اللعبة باحتلاله المنطقة الخضراء والبرلمان. والآن يلوح الطرفان بأذرعهما بشأن القدرة على مواصلة الاحتجاجات واستخدام أوراق الضغط ضد بعضهما البعض.

لقد أثبت الصدر كل الآراء أنه بدونه لن تنجح أي لعبة سياسية في العراق لكن هناك الكثير من الغموض في مطالبه ورفع مستواها فيما بعد لدرجة أنه أبعد إمكانية التفاهم. ورداً على ذلك, حاول الإطار التنسيقي أستعمال الشارع وهذا ما يجعل الشيعة في خطر الصراع والتصادم. لذلك كان عليهم إنهاء الأمر بسرعة وبطريقة ما أعطوا إشارة قوية بأنهم لن يستسلموا بسهولة.

في المستقبل القريب ، لا يوجد حل معتدل لمشكلة الصدر وخصومه الشيعة, لكن احتمالية نشوب حرب أهلية شيعية ليست قوية جدًا لأنها تعادل خسارة إيران وتخفيف القبضة الشيعية على الحكم العراقي. علاوة على ذلك فإنهم جميعًا مسؤولين عن ما تعيشه الدولة العراقية هذه الايام  ويفهمون أن الحرب الأهلية ستحرق الكل وهذا الأمر مستبعد أيضاً بوجود المرجعيات. هذا بالإضافة إلى المؤثرات الخارجية المتعلقة بالوضع في العراق.

هناك بعض الحلول للأزمة الشيعية الحالية وكلها تلوح الى تقصير فترة الولاية الخامسة وذلك حتى لا يتم تهميش الصدريين لكن مطالب الصدر بقلب اللعبة تعتبر صعبة جداً وأن اخر محاولة للسيطرة على القرار في العراق أنتهت بسقوط ثلث العراق بيد داعش ، وأي شخص آخر يحاول الشيء نفسه قد يؤدي إلى كارثة لأن العراق قطعة أكبر من كل الشخصيات في البلاد ولا توجد قوة أو حزب شيعي يملك الأغلبية الكافية لفرض سيادتهم.

Share this Post

تحليل