تم تحديد محافظين ل13 محافظة عراقية من قبل مجالس المحافظات ما عدا كركوك وديالى، بعد عدة ايام من الإنتظار والصراعات السياسية والقانونية الحادة، اصدر رئيس الجمهورية مرسوماً لتعيين المرشحين ما عدا محافظ صلاح الدين، لكن بحسب المؤشرات لن توقف تسلم المحافظين مناصبهم الصراعت الداخلية على الحكومات المحلية، لأن نتيجة الإنتخابات وطريقة توزيع المناصب خلقت شروخات كبيرة بين المتنافسين.
المحافظين المحسومين وغير المحسومين
بالرغم من مشاركة اطراف الإطار التنسيقي بقوائم مختلفة، إلا انهم كانوا الرابح الاكبر في إنتخابات نهاية عام 2023، لكن في وسط وجنوب العراق كانوا قد واجهوا حواجز (اسعد العيداني في البصرة، نصيف الخطابي في كربلاء، محمد المياحي في واسط)، اصبح ذلك حاجزاً امام تبديل الشخص الأول في تلك المحافظات الثلاثة بشخص داخل الإطار التنسيقي الذي كان الفائز الأول في ظل غياب الصدر.
من ضمن تلك المحافظات البصرة هي العاصمة الإقتصادية للعراق وكربلاء محافظة مقدسة ووجهة للزائرين ولديها رمزية معنوية بالنسبة للشارع الشيعي، وواسط هي محافظة زراعية حدودية على ضفاف دجلى. احد اسباب فوز هؤلاء المحافظين في اللعبة الإنتخابية داخل المجالس هو النزاع الداخلي للإطار الشيعي بخصوص كيفية التعامل مع منصب المحافظ ورؤساء المجالس وبالتحديد الثلاثة محافظات التي اشير إليهم. النزاعات داخل الإطار التنسيقي عميقة الى حد التخوين وإتهام الأطراف لبعضهم، وفي بعض المحافظات (واسط) اصبح هناك إشتقاقات (تيار العصائب). وفي موقف غير مسبق احد قادة الجماعات المسلحة (شبل الزبيدي) حول نزاعات الإطار التنسيقي استخدم تعبير ان بعض الأطراف اذا كانوا قد خدموا "فتيات الملاهي لكانت النتيجة قد تكون افضل"، وهذا دليل واضح على وجود شرخ كبير داخل الإطار الشيعي، حدث كل ذلك في حين ان هذا الإطار من الأساس يعاني من الإنقسامات بشأن حرب غزة وكيفية التعامل مع الهجمات الأمريكية، ولهذا السبب لم يستطيعوا الحصول على المركز الأول في ديالى ووصل الإنقسامات الى مرحلة إتهام العصائب بدعم الجماعات السنية ضد حليفهم البدر.
الخلافات الشيعية الداخلية على المحافظات
في خارطة توزيع الحافظات، بغداد والمثنى كانوا من نصيب قائمة المالكي. في النجف إستلم منصب المحافظ احد شخصيات تيار الحكمة (مكي كناوي) بدلاً من محافظها الصدري (ماجد الوائلي)، وفي ذي قار ايضاً فاز تيار الحكمة بمنصب المحافظ (مرتضى الإبراهيمي). والمحافظات الأخرى التي كانت من نصيب الإطار، الديوانية لبدر (عباس الزاملي)، وميسان (حبيب الفرطوسي) الذي كان من نصيب الصدريين من قبل وكان محافظاً شهيراً (علي دواي).
وفي بابل إستلم المنصب احد قادة العصائب (عدنان فيحان) والذي هو ضمن قائمة الإرهاب في امريكا ومتهم بقتل 5 من جنود الولايات المتحدة. بالرغم من كل تلك التقسيمات إلا ان مازال ملف كيفية توزيع المحافظات على الأطراف الشيعية مفتوحاً،"شبل الزبيدي" احد قادة تحالف "نبني" وصف طريقة تقسيم الحصص داخل المحافظات الشيعية بحصة الأسد وحصة الذئب، كإشارة الى حالة تحالف بدر، الذي ما عدا حصوله على المحافظتين (ميسان والديوانية) ايضا يطمح بالحصول على محافظة ديالى، وما عدا بدر والعصائب ايضاً القوى الأخرى داخل التحالف لم يحصلوا على اية محافظة.
مصير المحافظين المتمردين
القوى الشيعية التي لم تحقق اهدافها داخل الإطار، تحاول الآن بشتى الطرق إلغاء تسلم المحافظين لمناصبهم بالأخص الذين يدعون "المتمردون" والطرق اغلبها عبارة عن: الإلتجاء لجمع توقيعات اعضاء مجلس النواب العراقي وتأجيج سلطة صناعة القوانين، تسجيل الشكاوي في الدوائر القضائية مع الضغط السياسي. هذه الحرب القانونية والسياسية في محافظة واسط، بين "يوسف الكلابي" والمحافظ المنتخب " محمد المياحي" المشتق من تيار الحكمة، بعيداً عن هؤلاء ايضاً من الواضح ان الحرب شاعلة في كربلاء والبصرة لأنهم ايضاً كان قد تم إختيارهم دون رغبة الإطار الشيعي ومعتمدين على قوائهم الفائزة.
كثير من المؤشرات ووجهات النظر هي حول ان الإطار الحاكم لن يدع المحافضون المتمردون للبصرة وكربلاء ان يقوموا بمهامهم من دون إشكال وبحرية، بالأخص في ظل غياب الدعم الصدري الذي كان سباباً في صنع التوازن بين الشيعة. سبب قوة الإطار الشيعي في تلك المحافظات هو سلطة الإطار على الحكومة ومجلس النواب وللسبب نفسه بإمكانهم عرقلة المحافظين المنافسين لهم بطرق متعددة، احدى تلك الآليات التي يتبعوها بعيداً عن الضغط القانوني والبرلماني، يمكنها ان تكون من خلال التأثير على اعضاء القوائم الفائزة في مجالس المحافظات بمساعدة المحافظين المتمردين، سواء كان بمقابل او تحت ضغط. السبب الآخر وراء هذا الصراع والإصرار على إسترداد تجربة الإطار على تلك المحافظات الثلاثة (البصرة، كربلاء وواسط) ماعدا انه إنتقام من المحافظين المنشقين له اسباب مالية ايضاً، لأن المحافظات وميزانية المشاريع هي احدى المصادر المالية المهمة للقوى السياسية ولا يمكن إهماله بالأخص ان جميع الأطراف هيئت نفسها من الآن لإنتخابات 2025 وحملتها الإعلانية.