تحليل

التبادل التجاري وإستثمارات الصين في العراق، فرصة ام خطر؟

20-02-2024


تزداد نسبة التبادل التجاري بين العراق والصين سنة تلو الأخرى ووصلت في الآونة الأخيرة إلى ما يقارب 50 مليار دولار، وكان اكثر من ثلث المبلغ صادرات  العراق للصين. بالمقابل في العقدين الماضيين بالمقارنة مع دول جوار العراق كان اعلى نسبة إستثمار في قطاع الطاقة والإعمار في العراق.

من ناحية التبادل التجاري بين دول شرق الأوسط وشمال إفريقيا وحتى الدول العربية في المنطقة، كان العراق في نهاية القائمة، لكن في الآونة الأخيرة اصبح العراق أول المستوردين وثالث المصدرين الى الصين.

الصين هي اكبر المستثمرين في العراق وفازت على دول الشرق الأوسط والدول العربية وتركيا وإيران. من ناحية المشاريع ورأس المال استثمرت الصين بأكثر من 34.2 مليار دولار.

هذا التوسع في التبادل التجاري وإرتفاع نسبة إستثمار الصين في قطاع الطاقة والقطاع العقاري في العراق جعل الحكومة آن ذاك في عام 2019 ان توقع 8 إتفاقيات ومذكرات مع الصين، بالأخص في مجال العلاقات التجارية وإنشاء البنية التحتية، والتي تم البدأ بتنفيذها في الآونة الأخيرة.

والآن، تمثل هذه العلاقة فرصًا ومخاطر اقتصادية للعراق، حيث يعتمد  الاقتصاد العالمي على الإقتصاد الصيني، ناهيك عن اقتصاد يعتمد على عائدات النفط والأجور مثل العراق. وبالتالي اي تغير في هذا الإقتصاد يخلق تغيرات كبيرة وايضًا سيأثر بشكل كبير على التبادل التجاري والإستثمار الصيني في العراق.

التبادل التجاري والإستثمار الصيني في العراق

بحسب بيانات المركز التجاري الدولي ITC عام 2023 التبادل التجاري بين العراق والصين كان 49.7 مليار دولار، 14.3 مليار منه كان صادرات الصين للعراق و 35.4 مليار كان صادرات العراق للصين.

ايضًا الأمر الملفت خلال خمس سنوات مضت بالنظر إلى بيانات التبادل التجاري بين الصين والعراق هو ان صادرات الصين للعراق تزداد سنة تلو الأخرى من ناحية السلع ورأس المال ووصلت إلى اكثر من 100 نوع من السلع، لكن صادرات العراق للصين شهدت تصاعدا وتنازلاً كبيراً، لأن الصادرات لم تكن متنوعة وكانت فوق 95% من الصادرات من النفط ومشتقاته.

الرسم البياني(1): حجم التبادل التجاري بين العراق والصين 2019- 2023

المصدر: إحصائية مديرية الجمارك الصينية CGACS  و ITC

ايضًا من ناحية الإستثمارات، الشركات الصينية والتي اغلبها تابعة للحكومة، يوسعون موطأ قدمهم في قطاع الطاقة والقطاع العقاري في العراق. 41 مشروع من المشاريع الصينية في العراق كانت في قطاع الطاقة والتي كانت 31 منها في القطاع النفطي، آخره كان بديل شركة اكسون موبيل احدى أكبر الحقول النفطية في العراق (ويست قورنة-1).

خلال العقدين الماضيين، النمة الإقتصادي السريع للصين والإستثمار الصيني في العالم كان بشكل انه وصل إلى اكثر من 2.4 تريليون دولار وذلك يعادل نصف إقتصاد المانيا الذي كان احد اكبر 4 إقتصادات العالم لعام 2023.  هذه الإرتفاع في الإستثمارات الخارجية للصين في الشرق الأوسط وصلت في نفس الوقت إلى 250.3 مليار دولار وكانت 13.6% منها او 34.2 مليار دولار في العراق.

الحقيقة الأخرى هي ان إستثمارات الصين في العراق لم تتأثر بالوضع الداخلي العراقي مثل ما هو موضح من خلال الأرقام، بل انها كانت تزداد بشكل مستمر خلال العقدين الماضيين لم تكن اقل من نصف مليار دولار سنويًا وحتى كان اكثر من ذلك وفي بعض السنوات وصلت إلى اكثر من 8.5 مليار دولار.

الإستثمارات الصينية في العراق بالمقارنة مع دول جوار العراق وبالرغم من ان الصين كانت قد بدأت بالإستثمار في العراق سنتين بعد تلك الدوا إلا ان من ناحية رأس المال وعدد المشاريع سبقت جميع تلك الدول مثل ما هو موضح في الرسم البياني (2).

المصدر: تعقب الإستثمار العالمي الصيني CGIT  10-02-2024

النهاية

توسع علاقات الإستثمار الصيني في العراق في الآونة الأخيرة تعود غالبا الى زيارة عادل عبدالمهدي والوفد العراقي والتي تمت من خلالها التوقيع على 8 إتفاقيات ومذكرات مع الصين، وتم التأشير آن ذاك الى تخصيص 10 مليار دولار او إعطاء 100 الف برميل من النفط يوميا الى الصين لتنفيذها. ايضًا، رئيس الوزراء العراقي آن ذاك في رجوعه قال ان الإتفاقية مع الصين هي حول الأمور المالية، التجارية، إعادة البناء، العلاقات والتكنلوجيا، التربية والأمور الخارجية.

بالرغم من ان احداث 2019 والسنوات التي بعدها في العراق عرقلت تنفيذ الإتفاقيات مع الصين لكن بعد تسلم لاسوداني الحكومة تم الإعلان عن البدأ بتنفيذ بناء 100 مدرسة من قبل الصين وفي هذه السنة تم إفتتاح اول مدرسة بشكل رسمي في الناصرية من تلك المدارس ال1000 المتفق عليها.

في الواقع هذه العلاقة الإقتصادية ذات ال80 مليار دولار كان 50 مليار منها التبادل التجاري و 30 مليار دولار إستثمارات الصين في العراق، ذلك ما عدا توفير عشرات الانواع من الخدمات الأخرى من قبل الشركات الصينية في العراق بالأخص في قطاع النفط، من المتوقع ان تشكل خطرين وفرصة للعراق:

الخطر الأول: عدم تعدد السلع المصدرة من العراق للصين حيث لا يصدر غير النفط الخام لذلك في حال وجود بديل ارخص ستتوجه الصين اليه مثل ما حدث العام الماضي حيث انخفض صادرات النفط الى الصين بنسبة 9.4%، لكن الصين تصدر مآت الأنواع من السلع الى العراق ولا تزال مستمرة في تعديد انواع السلع.

الخطر الثاني: الإحتياج والتبادل التجاري مع دولة كبيرة مثل الصين له تأثير كبير على العالم، لذلك اي تباطؤ في النمو الإقتصادي سسيكون له تأثيرا مباشراً على العراق بسبب الإستراد. مثلا من المتوقع ان هذه السنة والسنوات المقبلة يشهد الإقتصاد الصيني إنكماشاً وفي عام 2024 تكون النسبة 4.6% وفي 2028 تصبح 3.5%.

ايضاً الفرص لثلاثة هي:

الأولى: ستفتح باباً جديدا للعراق للتعامل بعملة اجنبية غير الدولار، ويصبح منقذاً لدخل ثلث نفط العراق باليان الصيني، وسيخفف ذلك لضغط الأمريكي لإستعادة الإيرادات العراقية.

الثانية: يستطيع العراق الإستفادة من التجربة الصينية من ناحية النمو الإقتصادي لسريع ونمو الإنتاج الداخلي GDP ورفع دخل الفرد.

الثالثة: لدى الصين ايدي عاملة منخفضة التكاليف وتكنلوجيا عالية حيث يمكن للعراق الإستفادة منها لإنشاء البنية التحتية للقطاعات المختلفة وبالأخص النقل، بناء الطرق والجسور، إنشاء العمارات والمستشفيات والمدارس والى آخره، فالعراق ليس فقط بحاجة الى تلك الخدمات بل ايضا يعاني من عدم توفرها.

Share this Post

تحليل