التوسع في مصافي النفط الخام الرسمية وغير الرسمية في العراق وإقليم كوردستان
25-12-2023
العراق لديه خطة لرفع قدرة المصافي النفطية الى 1.5 مليون برميل نفط خام في السنوات المقبلة، وإقليم كوردستان ما عدا المصافي الخمس الرسمية لديه مصافي غير رسمية بأحجام صغيرة ومتوسطة في كل من اربيل والسليمانية ودهوك وحاليا مجموع المصافي الرسمية وغير الرسمية لتصفية النفط الخام هو حوالي اكثر من 286 الف برميل يوميا، وتصدر الى الاسواق المحلية.
العراق خطط للسنة القادمة ان يقلل اصدار منتجات النفط، بالاخص البنزين من الخارج الى اقل نسبة وان يصل في عام 2026 الى صفر. ذلك في حالة تحقيق وعد السوداني ووزارة النفط العراقية بإطلاق مصفى بيجي وفتح الخط الرابع لمصفى البصرة، والديوانية والدورة والا يكون مصيرها مثل مشروع مصفى كربلاء، التي كانت تحتاج الى صيانة منذ إفتتاحها.
ايضا خلال 18 شهرا الماضية في العراق وبإستسناء إقليم كوردستان تم استيراد 3 منتجات نفطية بمبلغ اكثر من 7.4 مليار دولار والذي كان البنزين وحده بمبلغ 5.5 مليار دولار. ذلك في حين انه يباع في السوق بالسعر المدعوم ومجموع الضرر الذي يسببه يصل سنويا الى اكثر من 14 مليار دولار.
وبالرغم من حفاظ العراق على توازن من الناحية المالية لإستيراد وتصدير المنتجات النفطية وبالرغم من توسع هذا القطاع إلا انه لم يتمكن من انتاج الإحتياج الداخلي، في حين انه يستورد يوميا من الخارج المنتجات النفطية المتعددة مثل تصدير الزيت الاسود وإستيراد زيت المحرك للسيارات. بعد ايقاف تصدير نفط إقليم كوردستان للاسواق العالمية، ومنذ البداية، بعض المصافي والآن جميعها قد بدأت بإنتاج النفط للسوق المحلية وذلك صب في مصلحة المصافي الصغيرة والمتوسطة غير الرسمية. تزيد يوميا ابراج حرق النفط الخام وإنتاج البنزين والزيت الاسود والاسفلت. صحيح ان ذلك مكسب قصير المدى من الناحية المادية وحل لا محال منه لإنتاج النفط داخليا، لكن إستمراره سيضر إقليم كوردستان والعراق بشكل كبير من الناحية المادية، لأن البرميل الواحد يباع بحوالي 30-38 دولار بالإضافة الى ضرر طويل المدى من الناحية البيئية في تلك المناطق ومناخ إقليم كوردستان.
إستيراد وتصدير المنتجات النفطية في العراق
اذا نظرنا بدقة الى المنتجات النفطية المصدرة والمستوردة سنرى بشكل واضح مجموعة نقاط بارزة حول عدم وجود صناعة متقدمة لتصفية منتجات النفط، ليس فقط للبنزين بل ايضا زيت المحرك Engine Fuel Oil والتي في السنة الماضية وحدها خرج بسببها مبلغ 1.2مليار دولار من العراق الى الخارج. ايضا النقطة الاخرى هي عدم وجود صناعة متقدمة لتصفية النفط الخام في الداخل، لذا بحسب البيانات المنتج النفطي الاكثر تصديرا في العراق كان النفط الاسود وبحسب المعلومات التي تم جمعها هذا صحيح بالنسبة لكوردستان ايضا.
على مستوى العراق وبحسب البيانات التي تم نشرها من قبل شركة سومو، في النصف الاول من عام 2023 استورد العراق بمبلغ 2.26 مليار دولار 3 انواع من المنتجات النفطية، النفط الابيض بمقدار 90.7 مليون دولار زيت المحرك بمبلغ 2.26 مليار دولار والبنزين بمبلغ 1.65 مليار دولار. وفي نفس الوقت صدر منتجات نفطية بمقدار 2.3 مليار دولار.
ايضا العراق في السنة الماضية استورد المنتجات النفطية بقيمة 5.29 مليار دولار كان منها 3.8 مليارات دولار للبنزين بالمقابل صدر المنتجات النفطية بقيمة 5 مليار والذي كان اكثر من 4 مليار منه النفط الاسود او الزيت الاسود.
بحسب بيانات الوكالة الدولية للطاقة فقط في عام 2022 وفر العراق مبلغ 22 مليار دولار كمصاريف دعمية للطاقة والذي تقريبا يشكل 8% من مجموع نمو الإنتاج الداخلي GDP وكان فوق 14 مليار دولار فقط للنفط.
الجدول رقم (1) : كمية وقيمة تصدير النفط واستيراده في العراق خلال 18 اشهر الماضية
المصدر: وزارة النفط العراقية، شركة سومو 3-12-2023.
قدرة المصافي في العراق وإقليم كوردستان وإحتمالية توفير البنزين داخليا
في ربيع هذا العام تم إفتتاح مصفى كربلاء من قبل رئيس الوزراء وبالرغم من الملاحظات وتوقفه عن العمل الا انه تتم تصفية 140 الف برميل من النفط الخام في ذلك المصفى بحسب التصريحات الرسمية. ايضا هذه السنة من خلال زيارته لمصفى بيجي اشار إلى الإحتياج للإنتاج الداخلي من ناحية المنتجات النفطية.
كلفت وزارة النفط العراقية شركة نفط الشمال للعمل على إصلاح مصفى نفط بيجي بقدرة تصفية 150 الف برميل نفط في اليوم في حين ان مصفى البيجي هو اكبر مصافي العراق وقد تم بناؤه في عام 1978 واذا تم إستخدام كامل قوته من الممكن رفع الإنتاج الى 293 الف برميل نفط في اليوم الواحد.
اذا كانت التطبيقات مثل ما هي مقررة ،اذن خلال السنتين القادمتين سترتفع قدرة المصافي النفطية في العراق من تصفية 896 الف برميل يوميا إلى 1 مليون و 256 الف برميلا من النفط الخام يومياً.
نصف هذه الزيادة هي بسبب مصفى البيجي والذي من المقرر ان تعمل للإنتاج الداخلي السنة المقبلة.
الرسم(1): قدرة تصفية المصافي النفطية في العراق في المدة ما بين 2020 و 2026
المصدر:وزارة النفط العراقية، 3-12-2023 اوبيك وميس 2-12-2023
على مستوى إقليم كوردستان وبالرغم من عدم نشر بيانات حول تصفية النفط الخام في المصافي الرسمية وغير الرسمية، لكن هناك 5 مصافي نفطية كبيرة في إقليم كوردستان ويمكنهم يوميا تصفية 333 الف برميل من النفط الخام، لكن الان بحسب البيانات المتوفرة تعمل بقدرة 227 الف برميل من النفط الخام. في اربيل مصفى لاناز ومصفى كار بمقدار إنتاج 170 الف برميل من النفط الخام يوميا، في محافظة السليمانية مصفى بازيان ودوكان بمقدار51 الف برميل تقريبا وفي دهوك مصفى دي ان او بمقدار 6 الاف برميل من النفط الخام يوميا.
الان وبسبب عدم تصدير نفط إقليم كوردستان لميناء جيهان والاسواق العالمية، يتم بيع النفط المنتج داخليا، وبحسب آخر تقرير للشركات مجموع النفط المنتج في إقليم كوردستان وصل الى اكثر من 286 الف برميل نفط يوميا، ذلك بعد زيادة كمية النفط المنتج من قبل دي ان او في حقل نفط طاوكي وبيشخابور لتسعين الف برميل يوميا، و البدء بالعمل مجددا في حقل اتروش والذي كانت قدرته في البداية 15-20 الف برميل والان 10 الف برميل نفط يوميا للاسواق الداخلية.
هذه الزيادة الإنتاجية للنفط الخام جعل المصافي الصغيرة والوسط غير الرسمة والذين لديهم وجود من قبل وتم إغلاقهم ان يباشروا بالعمل مجددا لتصفية النفط الخام لسوق إقليم كوردستان ومستوى إنتاجهم بحسب المعلومات هي بين 500 الى 1000 برميل نفط يوميا في المحافظات الثللاث في إقليم كوردستان.
ايضا هذه الزيادة في الإنتاج الداخلي قللت من استيراد البنزين من الخارج مقارنة ببداية هذه السنة لملء الإحتياج الداخلي، وذلك في حين ان بحسب إحصائية وزارة الموارد الطبيعية يحتاج إقليم كوردستان يوميا الى 4-5 ملايين ليتر من البنزين.
نقطة ملفتة في مصافي النفط العراقية متعلقة بتصفية النفط الخام. لان النفط الابيض، البنزين وزيت المحرك هم ثلاثة إحتياجات يومية ملحة للعراقين، لكن هذه المنتوجات لا تنتج في المصافي بل تأتي بعد البنزين كمية كبيرة منها هي الزيت الاسود والاسفلت ومنتجات اخرى. لذلك في السنة الماضية الإحتياج اليومي للبنزين في العراق وصل الى 165 الف برميل والذي تم استيراد نصف الكمية تقريبا من الخارج وهو 86 الف برميل من البنزين.
بحسب بيانات ميس ومبادرة المؤسسات المشتركة JODI في العقد الماضي زاد استيراد البزين من الخارج الضعف، ففي عام 2013 كان العراق يستورد يوميا 48 الف برميل ووصل في عام 2022 الى 82 الف برميل يوميا وفي الاشهر الثمانية الاولى من هذا العام كان 82 الف برميل يوميا.
احد الاسباب الرئيسية في هذه الزيادة هو زيادة السيارات الشخصية في العراق، ففي بداية هذا العام اعلنت وزارة التخطيط العراقية ان في عام 2023 تم تسجيل 7 ملايين و 460 الف سيارة في عموم العراق وكوردستان وبالمقارنة مع العام الماضي زادت 433 الف سيارة. ولو فسرنا النسب سيكون لكل 5 اشخاص في العراق سيارة.
وتزيد تلك التجارة عام تلو العام، وبالاخص السيارات الكبيرة وذات المحركات الكبيرة، ففي عام 2021 استورد العراق السيارات بمبلع 2.2 مليار دولار وتأتي السيارات في المرتبة الثالثة بين اكثر السلع إستيرادا في العراق.
هذه الزيادة السريعة خلال سنة واحدة بين عامي 2021 و 2022 زادت الطلب على البنزين بمقدار 25 الف برميل او 3.9 مليون ليتر، والتي تخطت اضراره حدود البيئة والمناخ واصبح سببا لزيادة الإصابة بمرض السرطان.
الرسم(2): استيراد البنزين خلال 2013 لحين 2023
المصدر: بيانات جودي JODI 3-11-2023 وميس ، وزارة النفط العراقية.
النهاية
هذه الزيادة السريعة في المصافي الرسمية في العراق وعمل المصافي الرسمية وإعادة عشرات المصافي غير الرسمية الى العمل في عموم إقليم كوردستان هذه السنة، ووجود خطة للطرفين لزيادة مستوى التصفية اليومي للنفط الخام في المصافي الرسمية تجذب انتباهنا الى 3 نقاط مهمة:
الاولى: مثل ما تظهر البيانات في العراق، لم يتمكن ذلك من تقليل الإحتياج اليومي للعراقيين والذي مصدره هو النفط الخام ، مثل البنزين وزيت المحرك وايضا مع زيادة الطلب الداخلي لتلك المنتجات زاد ايضا استيرادهم من الخارج.
ثانيا: هذا التوسع لملء الإحتياج الداخلي للمنتجات النفطية في العراق وإقليم كوردستان في حين ان في الايام الماضية وفي كوب 28 وعدت 18 دولة في العالم بزيادة مستوى الإنتاج لثلاثة اضعاف ورفع الطاقات المستجدة وعشرات مليارات الدولارات لمواجهة التغييرات المناخية والذي قد ظهر تأثيره بشكل واضح في إقليم كوردستان والعراق. بإختصار العالم الى اين والعراق الى اين؟
ثالثا: هذا الإتساع في المصافي النفطية المحلية لتلبية الإحتياجات الداخلية اذا كانت للناحية المادية إسترجاع الاموال للدخل العام ونمو الإنتاج الداخلي GDP، اذن سيكون هناك ضرر كبير من الناحية البيئية والصحية في المستقبل، بالرغم من انه وبعكس التوجه العالمي للإبتعاد عن مصادر الطاقة المألوفة وإستثمار وإستخدام مصادر الطاقة الجديدة.