تحليل

التغير المناخي في إقليم کوردستان والعراق؛ فناء الأشجار ووقوع الحرائق واشتعال الأعشاب والمراعي

20-08-2023


مقدمة

إن فناء الأشجار وأفول الغطاء الأخضر في العراق وإقليم كوردستان بلغ درجة تحول 100 كيلومتر مربع من الأرض إلى صحراء في كل عام، بينما 40٪ من مساحته هي صحراء أصلاً. هذا التصحر والقضاء على المساحات الخضراء والحرائق، بالإضافة إلى تداعياته سيؤدي على المدى الطويل إلى تقليص مساحة الأراضي الزراعية في العراق من 12.2٪ إلى 8.3٪، وزيادة في تبخر المياه وتدمير الجداول والأنهار والمجاري المائية، وكل هذا يضع العراق في حالة مناخية جديدة.

تشير بيانات مراقبة الغابات العالمية (GFW) إلى أن العراق فقد 137 هكتاراً (1 هكتار = 10000 متر مربع) من الأراضي المغطاة بالأشجار في الفترة بين العامين 2000 و 2022، 22 هكتاراً بسبب الحرائق و 115 هكتاراً لأسباب مختلفة. العام الذي شهد أكبر خسارة في الأشجار والمساحات الخضراء كان 2003، عندما دمرت الحرائق سبعة هكتارات من الأراضي المغطاة بالأشجار.

وحسب وزارة الزراعة والموارد المائية، احترق في محافظات إقليم كوردستان خلال الفترة بين العامين 2009 و 2022 حرق 1.244 مليون دونم من الغابات بسبب ارتفاع درجات الحرارة واستمرار الحرب ونقص الوعي والحرائق المتعمدة.

من جانب آخر، تشير دراسة علمية أجريت في العام 2000، إلى أنه كان لدى العراق 9800 كيلومتر مربع من الأراضي المتصحرة، لكن بعد 14 عاماً ارتفعت تلك المساحة إلى أكثر من 14400 كيلومتر مربع، وفي العقد الأخير ازداد فناء الغابات وحرائق الغابات وارتفاع درجات الحرارة ودخلت مرحلة جديدة.

في الواقع، يرتبط فناء المساحات الخضراء ارتباطاً مباشراً بارتفاع درجات الحرارة، لذلك يسجل في المدن العراقية هذه الأيام أعلى درجات الحرارة في العالم، بينما تشير بيانات وكالة تغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي C3S إلى أن الشهر الماضي كان الشهر الأكثر سخونة حتى الآن، حيث كان الشهر أكثر حرارة بمعدل 0.72 درجة مقارنة بالمعدل المسجل في الفترة ​​ 1991-2020 وأعلى بمقدار 1.5 ​​من معدل الحرارة في الفترة 1850-1900 وإذا قارنا ارتفاع درجة الحرارة في العراق مع الفترتين، نجد أنه ضعف ما حدث في العالم.

في الجزء الثاني من سلسلة التقييمات هذه، نقف على التغيرات البيئية مثل فناء الغابات والمساحات الخضراء وعدد الحرائق وتأثير الحروب المستمرة والتصحر على مستوى محافظات العراق وإقليم كوردستان.

فناء الأشجار والغطاء الأخضر في العراق وإقليم كوردستان

يمتلك العراق 28600 هكتار من الأراضي المغطاة بالأشجار، واللافت هو أن الزيادة في الأراضي المغطاة بالأشجار خلال العدين الأخيرين كانت 9460 هكتاراً فقط، أو 0.1% من الإجمالي العالمي. أنظر في الرسم البياني 1 حول الأشجار والغابات المستقرة والمكتسبة في جميع أنحاء العراق.

الرسم البياني 1: الأشجار والغابات المستقرة والمكتسبة في جميع أنحاء العراق/ هکتار

ملاحظة، هذه البيانات تشمل الفترة (2000-2020) فقد حدث المزيد من التغير في السنوات الثلاث الأخيرات

تشير بيانات GFW للفترة بين العامين 2001 و 2019، إلى فناء 0.78% أو 137 هكتاراً من الأشجار والأراضي المغطاة بالأشجار في العراق، ولكن اللافت هو أنه رغم من زيادة عدد الحرائق، تراجع فناء الأشجار عاماً بعد عام، وخاصة من العام 2008 إلى العام الماضي. أنظر في الرسم البياني 2.

الرسم البياني 2: فناء الأشجار في العراق خلال الفترة 2001 -2019/ هكتار

وعلى مستوى محافظات العراق وكوردستان، كانت أربيل افضل من كل المحافظات من حيث الغابات المستقرة والمكتسبة فيما كانت كركوك الأسوأ من كل المحافظات، حيث تمتلك أربيل أكبر مساحة خضراء مستقرة وتأتي بعدها دهوك، في المقابل تأتي كركوك صاحبة 3.14 هكتار من الأشجار والأراضي المغطاة بالأشجار المستقرة و2.2 هكتار من المساحات الخضراء المكتسبة وهو الاقل على مستوى العراق وإقليم كوردستان.

الرسم البياني 3: الأراضي المغطاة بالأشجار والمساحات الخضراء المستقرة والمكتسبة في محافظات العراق/ هكتار

الحرائق في محافظات العراق وإقليم کوردستان

تشير بيانات ونظام VIIRS، إلى أن موسم الحرائق في العراق يبدأ في أواخر شباط ويستمر لمدة 40 أسبوعاً، بحيث أنه في الفترة المحصورة بين 8 آب 2022 و 7 آب 2023، سُجّل 18442 حريقاً في جميع المحافظات العراقية، بزيادة كبير جداً عن السنوات السابقة.

وفي الفترة بين العامين 2001 و 2022، احترق حوالي 22 هكتاراً من الأراضي المغطاة بالأشجار وتم تدمير 115 هكتاراً أخرى لأسباب أخرى في العراق، وكانت أعلى نسبة فناء بسبب الحرائق قد سجلت سنة 2003 حيث بلغت سبعة هكتارات.

هاوینی ئەمساڵ، بەتایبەتیش لەکۆتاییەکانی مانگی حوزەێران تاوەکو هەفتەی یەکەمی مانگی ئاب ژمارەی ئاگرکەوتنەوەکان لە عێراق  دوو هێندە و بگرە زیاتریش بووە، بەشێوەیەک کە لەساڵی 2012 تاوەکو 2022 هەفتانە نەگەیشتووەتە سەروو پێنج هەزار، بەڵام لەئەمساڵدا سەروو 25 هەزار رووداوی ئاگرکەوتنەوەی تێپەڕاندووە، بڕوانە گرافیکی 4 لەبارەی رووداوەکانی ئاگرکەوتنەوە لە عێراق.

في الصيف الحالي، وتحديداً من أواخر حزيران إلى الأسبوع الأول من آب، تضاعف عدد الحرائق في العراق، ففي الفترة من 2012 إلى 2022 لم تكن تتجاوز 5000 حريق أسبوعياً، لكن عدد الحرائق في هذا العام تجاوز 25 ألف حريق في العراق. أنظر في الرسم البياني 4 للاطلاع على الحرائق في العراق.

الرسم البياني 4: عدد الحرائق في العراق حسب أسابيع السنوات من 2012 إلى 2023

احتراق الأشجار والكلأ والمراعي في إقليم کوردستان

الحرائق في المناطق المختلفة وفي المناطق الجبلية الوعرة من إقليم كوردستان كانت بحيث أن الشهرين الماضيين شهدا حرائق أسبوعية في الأشجار والغابات والمراعي، والتي تنتشر بسرعة، ليس فقط في إقليم كوردستان، ولكن في معظم البلدان خاصة في البلدان ذات الغابات الكثيفة بسبب ارتفاع درجات الحرارة وتداعيات التغير المناخي.

أدى انخفاض هطول الأمطار وزيادة الأيام الحارة في إقليم كوردستان إلى حرق أكثر من 1.224 مليون دونم من الغابات خلال 13 سنة الماضية، وتشير إحصائيات مديرية الغابات في وزارة الزراعة إلى أن سنة 2015 شهدت أكثر الحرائق في المساحات المغطاة بالأشجار والمراعي يحث تعرض 314 ألف دونم لحرائق في ذلك العام.

البيانات المتوفرة تشير إلى أن أقل عدد لحرائق الأشجار والمراعي في إقليم كوردستان كان لأسباب طبيعية، وأن العوامل التي تسببت في تدمير الأشجار والمساحات الخضراء خلال العقد الماضي كانت في الأساس أنشطة عسكرية وبشرية، وأبرزها القصف والهجمات العسكرية التي تشنها دول الجوار على المناطق الحدودية الجبلية. وعن آثار الحروب وعمليات القصف، يذكر تقرير لمنظمة (باكس) إلى أنه تم تدمير 49568 دونماً من المساحات الخضراء في المناطق الجبلية وحدها بسبب القصف التركي وحربها مع PKK، ويقع 22659 دونماً من هذه الأراضي ضمن محميات طبيعية. وخلال الفترة من أيار إلى أيلول 2020 فقط، تم حرق 298750 دونماً من المراعي.

 لە ئاستی نێوخۆیشدا، کەوتنەوەی ئاگر و نەبوونی هۆشیاری، هەبوونی کانە خەڵۆز و بڕینەوەی دار لە زستان لە ئەو هۆکارە مرۆییانەن کە لە پشت سووتان و لەنێوچوونی دارستانەکانی هەرێمی کوردستان. بەتەنیاش لە رووداوی ئاگرەکەی قەزای چۆمان لە پارێزگای هەولێر (ناوچەی باڵەکایەتی)  (16ی ئاب 2023) 6 هەزار دار و نزیکەی 4 هەزار دۆنم پووش و پاوان سووتاوە و لەنێوچووە. ئەمە لەکاتێکدا بەپێی ئامارەکانی بەڕێوەبەرایەتی دارستان لە وەزارەتی کشتووکاڵ و سەرچاوەکانی ئاوی هەرێمی کوردستان، زۆرترین رووداوەکانی ئاگرکەوتنەوە و سووتانی دار، پووش و پاوان لە پارێزگای سلێمانی بووە، وەک لە گرافیکی دووەم دا هاتووە.

على المستوى المحلي، تعد الحرائق وقلة الوعي ووجود مناجم الفحم وقطع الأشجار في الشتاء من العوامل البشرية المتسببة في حرق وتدمير الغابات في إقليم كوردستان. ففي حادث الحريق في منطقة جومان بمحافظة أربيل (منطقة بالكايتي) (16 آب 2023)، تم حرق وتدمير 6000 شجرة وحوالي 4000 دونم من المراعي. وبحسب إحصاءات مديرية الغابات في وزارة الزراعة والموارد المائية لإقليم كوردستان، فإن أكثر حرائق الأشجار والكلأ والمراعي وقع في محافظة السليمانية، كما هو مبين في الرسم البياني 5.

الرسم البياني 5: حرائق الأشجار والكلأ والمراعي في إقليم كودستان للفترة (2010-2022)

خاتمة

أعلن رئيس الوزراء العراقي، في آذار من هذا العام، خلال مؤتمر المناخ المنعقد في البصرة، عن خطة لزراعة خمسة ملايين شجرة، لكن نفقات وزارة المالية العراقية للأشهر الخمسة الأولى من هذا العام لا تشير حتى إلى إنفاق دينار واحد على مشاريع وزارة البيئة للاستثمار في هذا المجال.

التغير المناخي وفناء الأشجار والغابات في إقليم كوردستان والأهوار في وسط وجنوب العراق، والتي تشكل جزءاً مهماً من هذه الأرض، ظهرت تأثيراتها بالفعل ويعاني ما يقرب من سبعة ملايين عراقي من تداعياتها.

التغييرات ليست مقتصرة على الطبيعية منها، بل أن الإنسان واستمرار الحروب والصراعات، خاصة في المناطق الجبلية، تسبب في تقلص الأشجار والمساحات الخضراء والمناطق المغطاة بالأشجار، لدرجة أن إحصائيات تشير إلى أنه خلال عقدين (1999-2018) انخفضت نسبة المناطق الخضراء في إقليم كودستان من 23.46% إلى 12.44%.

عدد الحرائق في تموز من هذا العام بلغ أعلى رقم منذ عقد، فقد تجاوز 18000 حريق مسجل عبر الأقمار الصناعية في جميع أنحاء العراق، ولا تقتصر آثارها على الآثار قصيرة المدى مثل حرق الأشجار وتدمير الأشجار المعمرة والحياة البرية وتشريد الحيوانات البرية. بل ستسفر على المدى البعيد عن تأثير عميق على كل السنوات اللاحقة من حيث هطول الأمطار والاحترار في المنطقة، والمعروف باسم (لا نينا) كما حدثت في أستراليا في السنوات الأخيرة.

أخيراً، إذا لم يتم تتحول النوايا إلى أفعال ولم يتم تقليل النزاعات وظلت مستمرة، فسنقول وداعاً للمناطق الطبيعية الخضراء في العراق وإقليم كوردستان في وقت قريب. وفي الجزء التالي والثالث من هذه السلسلة، سوف نلقي نظرة على تلوث الهواء وانبعاث ثنائي أكسيد الكربون في العراق وعواقبها.

المصادر:

Othman, A.A., Al-Saady, Y.I., Shihab, A.T., Al-Maamar, A.F. (2020). The Aeolian Sand Dunes in Iraq: A New Insight. In: Al-Quraishi, A., Negm, A. (eds) Environmental Remote Sensing and GIS in Iraq. Springer Water. Springer, Cham. https://doi.org/10.1007/978-3-030-21344-2_12

Hansen, M. C., P. V. Potapov, R. Moore, M. Hancher, S. A. Turubanova, A. Tyukavina, D. Thau, S. V. Stehman, S. J. Goetz, T. R. Loveland, A. Kommareddy, A. Egorov, L. Chini, C. O. Justice, and J. R. G. Townshend. 2013. “High-Resolution Global Maps of 21st-Century Forest Cover Change.” Science 342 (15 November): 850–53. Data available on-line from: http://earthenginepartners.appspot.com/science-2013-global-forest

Share this Post

تحليل