اصدرت محكمة التحكيم الدولية بباريس العام الماضي قراراً صادماً بخصوص الصناعة النفطية في إقليم كوردستان القرار الذي تبعاته مستمرة حتى الآن واصبح إجمالي إنتاج النفط في عام 2023 ثلث عام 2022.
جاء قرار محكمة التحكيم الدولية بباريس بعد قرار المحكمة الإتحادية العراقية في عام 2022 والذي اثار قلقاً وخطراً قانونياً طويل المدى على صناعة النفط والغاز في إقليم كوردستان ونقل شركات النفط والغاز الى وضع جديد، لكن الصدمة الحقيقية كانت بعد قرار محكمة باريس وإغلاق القفل من قبل تركيا وإيقاف إنتاج النفط في اغلب الحقول النفطية.
لم يتخطى إجمالي إنتاج النفط في إقليم كوردستان العام الماضي 100 مليون برميل في حين ان في عام 2022 كان قد تم إنتاج 158 مليون برميل من النفط، كانت نسبة إنتاج عام 2023 مقارنة بعام 2022، 42% وإنخفضت العائدات بنسبة 67%.
الآن وبحسب بيانات الشركات وصل معدل إنتاج النفط الى اكثر من نصف الكمية التي كان يتم إنتجها قبل غلق القفل. وصلت نسبة الإنتاج في شهر كانون الأول من عام 2023 إلى 283 الف برميل نفط في اليوم، لكن بيعها داخليا وبسعر 30 الى 40 دولاراً للبرميل جعلت الشركات توقف جميع اعمالها الإستثمارية وان يقلصوا عدد موظفيهم بإستمرار.
إنتاج النفط في إقليم كوردستان عام 2023
التغير الذي مرت بيه شركات النفط في نيسان العام الماضي اجبرت الشركات على تقليص موظفيها إلى النصف، الآن وبالرغم من إرتفاع نسبة الإنتاج لم يتم إستعادة الموظفين وذلك نتيجة ان الشركات قلصت مصاريفها الإستثمارية CAPEX إلى اقل نسبة وبعض الشركات اوقفتها نهائيا وتعمل فقط بمصاريف الاوبيريشن OPEX.
وبحسب البيانات فإن مجموع إنتاج النفط في جميع الحقول السنة الماضية كان 93 مليون و 776 الف برميلاً نفط، اقل نسبة كانت في شهر حزيران واعلى نسبة في اشهر بداية السنة مثل ما هو موضح في الرسم البياني (1).
الرسم البياني(1): نسبة إنتاج النفط في 2023 حسب الأشهر/الف برميلاً في اليوم
يعتبر الربع الثاني من عام 2023 الأسوأ خلال ستة اعوام مضت في إقليم كوردستان من ناحية إنتاج النفط. ايضاً من ناحية معدل الإنتاج السنوي للنفط وبحسب بيانات ديلويت كان عام 2019 الأكثر إنتاجاً حيث وصلت نسبة الإنتاج إلى 170 برميل نفط واقل نسبة إنتاج كانت في عام 2019 والتي كانت 93.7 مليون برميل نفط كما هو موضح في الجدول (1).
الجدول(1): مجموع النفط المنتج في إقليم كوردستان 2018 الى 2023
المصدر: بيانات حكومة إقليم كوردستان، 06-02-2024
ملاحظة: بيانات 2018 ولغاية الربع الأول من عام 2023 تم اخذها من ديلويت، البيانات من الربع الثاني من عام 2023 مصدرها وزارة المالية العراقية وتقرير شركات النفط IOC وميس.
عودة صادرات النفط إلى الصفر عبر خطوط الأنابيب وخسائرها
الأضرار الناجمة عن تصدير نفط إقليم كوردستان عبر الأنابيب سواء بسعر برينت او نفط العراق المصدر للخارج تقدر بمليارات الدولارات، لأن هذا الفرق في سعر إقليم كوردستان منذ الربع الثاني من عام 2023 ولحد الآن هو اقل من نصف سعر نفط برينت والنفط العراقي الذي قد تم بيعه.
في حين ان قبل إيقاف تصدير نفط إقليم كوردستان للأسواق العالمية كان يباع نفط إقليم كوردستان بالمقارنة مع سعر برينت ارخص ب 13.5 دولار وبالمقارنة مع النفط العراقي المصدر ارخص ب 7.9 دولار.
بسبب عدم الإتفاق وبيع النفط داخلياً، وصل الإختلاف في الربع الرابع من عام 2023 لبرينت إلى 38 دولار والنفط العراقي المصدر إلى 47 دولار. الرسم البياني ادناه يوضح معدل سعر النفط في 2023.
الرسم البياني(2): سعر بيع نفط إقليم كوردستان داخلياً بالمقارنة مع برينت وسعر النفط المصدر في العراق عام 2023.
المصدر: EIA ، وزارة النفط العراقية وديلويت.
الملاحظة 1: سعر النفط المصدر ليس متوفر بالكامل في الربع الثاني والثالث والرابع من السنة الماضية لكن بحسب تقرير دي ان او كان 30 دولاراً، و 38 دولارا بحسب HKN اي انه كان مابين 30 و 40 دولاراً، تم تثبيت السعر هنا 35 دولار.
الملاحظة2: بحسب تقرير HKN في الربع الأول من 2023، كان قد تم البيع اقل من سعر برينت بمبلغ 14 دولار والفرق هنا هو 13.54 دولار.
النقطة الملفتة لأخرى هي ان بعد عقد من بيع نفط إقليم كوردستان في الأسواق العالمية عاد الرقم الى الصفر مثل ما هو موضح في الرسم البياني(3). وهنا يجب ان نقف عند نقطة ان العالم اجمع الآن يقوم بإنتاج النفط وبيعه.
ايضا إحتياج السوق العالمي الحالي للنفط والطاقة لم يسبق له مثيل، وعدم إستقرار سوق الطاقة ايضاً لم يسبق له مثيل من قبل، حتى إيران والدول التي عليها حصار مسموح لها ان تبيع النفط وتصدره الى الأسواق العالمية، لكن مصير نفط كوردستان هو غير معلوم لحد الآن وليس من المعروف متى سيبدأ البيع مجدداً عبر ميناء جيهان او حتى عبر حدود البصرة من خلال الشاحنات كما هو الوضع بالنسبة لنفط كركوك ايضاً.
الرسم البياني(3): تصدير نفط كوردستان من الصفر إلى الصفر
من سيتكفل بتعويض المليارات من الدولارات التي تمت خسارتها نتيجة إيقاف تصدير النفط؟
كانت قيمة النفط المنتج والمباع محلياً وخارجياً في إقليم كوردستان العام الماضي (2023) 4.06 مليار دولار، إذا قدرنا عائدات النفط مثل الربع الأول من عام 2023 بين الحكومة والشركات إذاً كانت العائدات الصافية 1.8 مليار.
خلال الستة اعوام الماضية وفي عصر كورونا الذي وصل فيه سعر النفط إلى تحت الصفر ايضا لم تكن اضرار إقليم كوردستان وصناعتها بقدر السنة الماضية، كانت العائدات ستكون الضعف لولا قرار محكمة باريس ولو كان قد تم البيع بسعر برينت الذي هو 80 دولار او بسعر الحكومة العراقية.
الرسم البياني(4): عائدات نفط إقليم كوردستان بين عام 2018 الى 2023
المصدر:البيانات المفتوحة وتقارير ديلويت
الملاحظة1: الأرقام من 2018 إلى الربع الأول من 2023 قد تم اخذها من تقارير ديلويت.
الملاحظة2: بيانات الربع الثاني من 2023 قد تم اخذها من تقرير وزارة المالية في حكومة إقليم كوردستان لمجلس النواب العراقي ووزارة المالية العراقية.
الملاحظة3: عائدات الربع الثالث والرابع هي عائدات بيع النفط الخام على المستوى المحلي وبمبلغ 35 دولار.
الملاحظة4: العائدات الصافية لنفط إقليم كوردستان للربع الثاني والثالث والرابع لعام 2023 مبنية على اساس الربع الأول، بالرغم من انه الآن يتم البيع داخليا فقط والشركات تستلم مستحقاتها مقدماً، لكن لا يوجد اي تقرير رسمي لديلويت بخصوص عائدات النفط وصافي حكومة كوردستان للربع الثاني والثالث والرابع وقد تم تقدير العائدات مثل الربع الأول من عام 2023.
النهاية
شهدت الصناعة النفطية في إقليم كوردستان عاماً عصيباً وليس من المتوقع ان تنتج النقاشات اي نتيجة في الأيام المقبلة ايضا بخصوص تصدير النفط لأن وبالرغم من مرور 11 شهراً إلا ان المفاوضات مستمرة لحد الآن في ذلك الشأن.
عرقل قرار المحكمة الإتحادية ومحكمة باريس إرسال ملف النفط من قبل حكومة السوداني الى مجلس النواب والذي كان من المقرر ان يتم حل ذلك الملف بعد 6 اشهر من تسلمه منصب رئيس الحكومة.
الاضرار التي تقدر بمليارات الدولارات بسبب ايقاف تصدير نفط كوردستان جعلت الوضع الإقتصادي متأزم جداً.
في النهاية إيقاف تصدير النفط اضر حكومة إقليم كوردستان وبنيتها التحتية وإقتصادها بشكل كبير وبمبالغ تقدر بمليارات الدولارات، وإستمراره ليس فيه سوى الضرر! اذا لماذا لا تصل الاطراف إلى إتفاق؟