تحليل

إنتهاء جولة التراخيص الخامسة التكميلية والسادسة بنسبة تعدت 30% لصالح الشركات النفطية

19-05-2024


بعد ستة اعوام من تحضير جولة تراخيص جديدة للعقود النفطية والغازية في العراق وإجراء العديد من الورش للشركات ومراجعة نوعية العقود من خلال تغيير نسبة الملكية ونسبة الشركات من ارباح الإستثمارات في تلك الحقول، كنتيجة هناك 13 مشاريع جنذبت المستثمرين من اصل 29.

اطلقت الجولة الخامسة التكميلية والسادسة في 11-13 ايار العام الجاري في بغداد وبحضور رئيس الوزراء حيث تنافست 22 شركة من جميع انحاء العالم ما عدا امريكا لربح العقود، لكن فقط الشركات الصينية وايضا شركة عراقية كوردية استطاعت كسب عقود بنسب ربح مختلفة بعد النفقات الإستثمارية التي وصلت الى 30%.

لم يفشل العراق فقط في الوصول إلى مستوى إنتاج النفط الذي كان يطمح له فحسب، والذي يزيد عن 7 ملايين برميل يوميا على مدى السنوات العشرين الماضية، بل ايضا معضم الآبار تحتاج الآن إلى إعادة تأهيل، وهو ما يعرف باسم "Enhance Oil Recovery".

وفي السنوات الأخيرة، لم تكن شركات النفط العالمية غير مبادرة للإستثمار في العراق فحسب، بل انسحبت،  من بينهم شركة إكسون موبيل.تلك الإنسحابات في مرحلة حاجة الآبار الى التعمير وعدم وجود حقول جديدة للإستفادة من الغاز المصاحب في الإستثمارات النفطية شكل خطورة كبيرة على هذا القطاع والذي لن يكون بالإمكان الإستمرار فيه إذا لم تتبع طرق جديدة ، ففي عام 2022 شارك بنسبة 93% من مجموع إيرادات العراق.

لم يستطع العراق جذب الشركات في الجولتين الأخيرتين للإستثمار في 16 حقل نفطي، غازي وحقول غازية ونفطية ذلك بالرغم من ان 4 من تلك الحقول تمت فيها الجولات وبيانات 2D Seismic  جاهزة وايضا حقولها التجريبية جازة.

نسبة ارباح الشركات ودوافع الشركات الصينية والكوردية للإستثمار في تلك الحقول النفطية

بحسب البيانت المتداولة للعقود الممضية خلال الثلاثة ايام ارتفعت نسبة ارباح الشركات من 6.667% الى 32%، وذلك بعد مصاريف الإستثمار مثل ما هو مشار اليه في الجدول(1).

ورغم اهتمام محللي الطاقة في هاتين الجولتين بإعطاء أرباح عالية للشركات من الاستثمارات في الحقول التي وقعت العقود، إلا أن هيمنت الشركات الصينية على قطاع الطاقة العراقي، وخاصة النفط، واستحواذ شركة كار على ثلاثة حقول للنفط والغاز.

الاهتمام الصيني بقطاع الطاقة العراقي، سواء بشراء أسهم في شركات النفط أو توقيع 10 عقود لتطوير الاستثمار النفطي العراقي، متعلق بوصول  الصادرات النفطية العراقية إلى الصين إلى 1.18 مليون برميل يوميا في عام 2023، وهو ما يمثل 35% من إجمالي صادرات العراق النفطية. من الناحية الإقتصادية وفي عام 2022 استورد العراق بضائع بقيمة 14 مليار دولار من الصين، لكن الصادرات العراقية للصين كانت بقيمة 34 مليار دولار، وكانت قيمة النفط المصدر 33.8 مليار دولار.

الجدول(1):تفاصيل الشركات الرابحة في الجولة الخامسة التكميلية والسادسة

المصدر: وزارة النفط العراقية، قسم العقود 1-3 ايار 2024

وقعت شركة كار ، بإعتبارها الشركة العراقية المحلية الوحيدة، العقود الثلاثة في الجولتين الخامسة والسادسة من العقود، مما يدل على قدرة القطاع الخاص في إقليم كوردستان على الاستثمار بالأخص في قطاعي النفط والغاز ولأن اثنين من الحقول المستلمة مختلطان (النفط والغاز) والآخر غاز وحده، فإن ذلك يعكس خبرة الشركة في إنتاج النفط وعدم إهدار الغاز المصاحب.

والحقيقة الأخرى التي ظهرت من مشاريع هاتين الجولتين لحقول النفط والغاز والشركاء في الأيام الثلاثة الماضية هي المعلومات عن الحقول النفطية، واتضح أن تلك الحقول ليس لديها بيانات استكشافية وآبار .تجريبية ولم تكن الشركات راغبة في الاستثمار فيها، كما هو مبين في الجدول الثاني

كل ذلك في حين ان الحقول النفطية التي وقع عليها عقود من قبل الشركات الصينية وشركة كار كان من فيها منافسة بين 8 شركات من 22 ركة لربح العقود.

الجدول(2): تفاصيل الحقول التي لم تكن الشركات مستعدة للإستثمار فيها خلال الجولة الخامسة التكميلية والجولة السادسة

المصدر: وزارة النفط العراقية، قسم العقود 1-3 ايار 2024.

اسباب عدم مشاركة الشركات الأمريكية وعدم فوز الشركات الأوروبية، الخليجية، البريطانية والروسية

الجولة الخامسة التكميلية والسادسة كان من المفترض ان تجرى في نهاية شهر نيسان 2024، لكنها مددت لمدة اسبوعين آخرين بهدف مشاركة الشركات الأمريكية للإستثمار في هذا القطاع، لكن الشركات الأمريكية لم تكتفي بعدم المشاركة فحسب بل ايضا لم تهتم به على الإطلاق، ذلك لأن القادة العراقيون يتحدثون دائما وبالأخص الأطراف التي شكلت الحكومة، يتحدثون يوميا عن ضرورة خروج الأمريكان من العراق، كيف لهم ان يثقوا بالإستثمار بملايين الدولارات في حين انهم لا يعلمون ما إذا كانت تلك الثروات ستكون محفوظة ام لا، ناهيك عن ان الشركات الأمريكية التي تشستثمر في هذا المجال تواجه مشاكل مستمرة  في إقليم كوردستان.

كما أنه على الرغم من وجود شركتي شل الهولندية وبي بي البريطانية، فإن حتى الشركات الخليجية مثل قطر للطاقة وأدنوك الإماراتية لم تفز بأي عقود للمشاركة في هاتين الجولتين بالرغم من مشاركتها.

وفي الواقع، قد يكون هناك سببان رئيسيان وراء فشل هذه الشركات أو عدم قدرتها على المنافسة: الأول، القدرة على التنافس مع الشركات التي حصلت على العقود بسبب إنخفاض اجور الأيدي العاملة واستخدام المعدات والتكنولوجيا الرخيصة. ثانيا  بسبب الالتزام بالاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة وخطط حكوماتهم للانتقال إلى طاقات أنظف في المستقبل.

شارك في هاتين الجولتين كل من كازبروم ولوك اويل الروسية لكن لم يحصلوا على اية عقود، ذلك بالرغم من ان الشركات الروسية تعمل الآن في مجال الطاقة في جميع ارجاء العراق بما فيها إقليم كوردستان لكنهم يعانون من عدم إستلامهم مستحقاتهم فكيف سيخاطرون بإستثمارات جديدة.

الخاتمة

ما يحدث في قطاع النفط والغاز في العراق هو أن؛ حكومة محمد شياع السوداني تسهل توقيع العقود، حيث وصلت ارباح الشركات الى 30%، وبهذا تكون قد سبقت الحكومتين التي سبقتا الحكومة الحالية.

وقد تم توقيع عقود الطاقة في هذه الحكومة بشكل ملفت، بدءاً من توقيع توتال كريسنت بيتروليوم وحتى توقيع هذه العقود الـ 13 في الأيام القليلة الماضية، لكن السؤال المهم هو؛ ومع كل هذه الأجنحة السياسية والمصالح الاقتصادية المحلية والإقليمية، وحتى كل هذه الجماعات المسلحة التي تخلق الآن مشاكل لتطوير غاز كورمور، هل يستطيع العراق تنفيذ طرق الشركات التي وقعت وفازت بهذه العقود؟ مع ان مرحلة تنفيذ العقود تمتد إلى 20 إلى 25 سنة قادمة.

Share this Post

تحليل