في الانتخابات المنتظرة في 18 من ديسيمبر 2023 سكان المدن السنية سيشاركون لاول مرة في الانتخابات منذ انتخابات 2013، بعيدا عن هيمنة الجماعات المسلحة المتمردة وشبح الارهاب يتجهون الى صناديق الاقتراع. هذه الانتخابات تأخرت 6 اعوام عن موعدها وتتم ضمن وضع سياسي جديد والذي يتضمن احتمالين رئيسيين متوقعين للمحافظات السنية، الاولى ظهور ائتلاف جديد مع نفس المضمون القديم، والثانية انتشار اكبر للتحالفات الشيعية في تلك المناطق والتي تحمل اكثر من احتمالية وتحليل.
المنافسين الجدد في المحافظات السنية
في انتخابات مجلس المحافظات اسس ائتلاف جديد لاول مرة تحت اسم "الحسم الوطني" من اكبر الجبهات السياسية في العراق، تتنافس على كراسي المحافظات السنية مع ثلاث جبهات اخرى والتي على رأسهم قائمة محمد الحلبوسي رئيس البرلمان "التقدم". رئيس جبهة "الحسم" تركماني سني من تلعفر وهو وزير الدفاع في حكومة السوداني المدعي(ثابت العباسي)، في حين ان في اخر انتخابات البرلمان عام 2021 "اتحاد الحسم الوطني" حصل على 3 مقاعد فقط وكان ضمن اطار "تحالف العزم" والذي حسم لصالح مثنى السامرائي واصبحوا منافسي تحالف رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وخميس خنجر رئيس"السيادة".
جبهة "الحسم الوطني" اصبحت مظلة لجمع اغلبية النسور السنية والشخصيات المعروفة في المراحل السابقة من بينهم اسامة النجيفي الرئيس الاسبق للبرلمان، رافع العيسوي نائب رئيس الوزراء الاسبق ووزير المالية، جمال كربولي رئيس حزب الحل وصاحب الفضل الاول في تقدم الحلبوسي قبل ان يصبح عدو ومنافس، مع باقة من وزراء وبرلمانيين سابقين سنة.
التحالف هو من ضمن احد اربع تحالفات رئيسية متنافسة في المناطق السنية ويحاولون من خلال اصوات الناخبين ان يمثلوا المكون السني الذي يعاني الان من التشرد وعدم وجود مشروع موحد شامل. التحالفات الاخرى عبارة عن "التقدم" برئاسة محمد الحلبوسي رئيس البرلمان الذي وصلت جميع الجهود السياسية والمحاولات البرلمانية لاقالته من منصبه الى طريق مسدود، مع "السيادة" لخميس خنجر ومنافس الطرفين منهم هو "العزم" لمثنى السامرائي والذي متحالف وقريب من الاطار الشيعي.
كل من التحالف الجديد والقديم"العزم" هدفهم الرئيسي مسابقة رئيس البرلمان الذي بالاعتماد على منصبه كان مسيطرا على الشارع السني في الانتخابات السابقة، رافضا بتاتا مشاركة الجيل السياسي القديم من السنة في القرار والانجاز، لكنه الان يواجه منافسة جديدة بسبب المكانة والمقدرة المادية لوزير الدفاع ورئيس الكتلة الجديدة (ثابت العباسي). ولا يخفي العديد من النخب السنية ان المرجع الاعلى لهذه الطائفة هو السلطة، بمعنى ان كل قوى وشخصية سنية ذات سلطة عالية له الاحتمالية الاكبر لجمع عدد جماهير اكبر خاصة اذا كان لديه علاقات قوية مع القوى الشيعية وتركيا في ان واحد والذي هو جزء من حملة انطلاق "الحسم" لوزيرالدفاع.
ورغم محاولات اضعافه، الا ان جبهة رئيس البرلمان لاتزال تبدو قوية بالاخص في موقعه في محافظة الانبار حيث خسر مقعدا واحدا فقط من مجموع 15 مقدا للمحافظة في الانتخابات النيابية في 2021.
ايضا امتد الى المحافظات السنية الاخرى لحد نينوى ورفع رصيده الى 37 مقعد من مجموع 71 مقعد للمكون السني عموما. بالمشاركة الاستراتيجية مع "السيادة" لخميس خنجر المقرب من تركيا وقطر،وله مكانته الخاصة في العملية السياسية العراقية، لكن بسبب شدة التنافس في هذه الانتخابات وبالاختلاف مع المرات الماضية ركزت على الانبار والعاصمة بغداد وفي نينوى اعتمدت على التحالف مع الحشد العشائري.
تمدد القوى الشيعية في المناطق السنية
ماعدا التنافس الداخلي للاطراف السنية هناك توقعات جديدة لتمدد القوى الشيعية في المحافظات ذات الاغلبية السنية.
فمثلا في صلاح الدين وكركوك الاطار الشيعي ينافس الاطراف السنية والكوردية من خلال قائمة موحدة، في حين انهم مفترقين في المحافظات الاخرى. بحسب بعض التحليلات والتوقعات الائتلاف الشيعي يطمح بالوصول الى 3 مقاعد من اصل 15 في محافظة صلاح الدين.
وفي الانبار (15 كرسي) والتي هي احدى مناطق السنة، قائمة "العقد الوطني" لفالح فياض رئيس الحشد الشعبي و"تحالف الخدمات" لاحمد الاسدي وزير العمل ورئيس مجموعة "جند الامام" متحدة مع "كتائب الامام علي" مشتركون معا وليس من المعلن ماهي هويات المرشحين وماذا سيكون خطابهم السياسي لهذه المنطقة العشائرية السنية.
وفي محافظة نينوى (29 كرسي) مشاركة الاحزاب الشيعية مكثفة بشكل اكبر وتقريبا كل القوى الشيعية لديهم قوائم في هذه المحافظة مكونة من "الحدباء" للمالكي، "نصحح" للمجلس الاعلى الاسلامي، "الصفوة" لقيس خزعلي "الحكمة" لعمار الحكيم، "الخدمات" لاحمد الاسدي، "العقد الوطني" لفالح فياض رئيس الحشد الشعبي.
وفي ديالى( 15 كرسي) والتي عبارة عن محافظة مختلطة تشارك فيها ثلاث جبهات شيعية "ديالتنا الوطنية" لدولة القانون وبدر والعقد لفالح فياض، تحالف "الصفوة" لقيس الخزعلي مع "خدمات" لاحمد الاسدي وتيار الحكمة مشتركة بقائمة منفصلة.
بالرغم من عدم وجود اي نص في الدستور يسمح بالتمييز على اساس الهوية في المشاركة الانتخابية، وسبق ان حاولت القوائم الشيعية في اقليم كوردستان تجربة حظها، ايضا هذا التمدد للمحافظات السنية محل شك وتحليلات مختلفة واحداها محاولة السيطرة على المناطق السنية او سحب البساط من تحت اقدام السنة، واذا لم يتم تحقيق ذلك فهي محاولة لتشتيت الناخبين، والذي هو عكس العرف السياسي القائم في البلاد من بعد عام 2003 والحكم على اساس المثلث السياسي شيعة_سنة_كورد كل منهم في مكانه ومنطقته.
احد المخاطر الاخرى لحظور القوائم الشيعية بقوة في المحافظات السنية، هي هيمنة السلاح ونفوذ الحشد الشعبي لان جزء من هذه القوى متواجدة لحد الان في تلك المناطق منذ حرب داعش بالاخص في الموصل وديالى وصلاح الدين ومتهمون بخلق الخوف والقلق وفي السنوات الماضية وجهت اصابع الاتهام لهم في بعض التشنجات الامنية بالاخص في ديالى وصلاح الدين.
بشكل عام اذا كانت هذه الانتخابات في الاوساط الشيعية هي بهدف توزيع النفوذ والصلاحيات بين اطراف الاطار الشيعي في غياب الصدر، فالمحافظات السنية تواجه نوعين من المنافسة الشرسة الاولى بين القوى الشيعية والقوى السنية من طرف والتنافس القوي الداخلي للسنة من طرف اخر.