في وقت لم نتعدى شهراً بعد لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة ، من الطبيعي أن تكون زيارة رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني إلى بغداد لتأكيد دعمه لرئيس الوزراء الجديد والذي لربما كان له دورًا نشطًا في قدومها وكان هذا عن طريق تحفيز الأطراف الى الاتفاق مع الإطار التنسيقي على مسألة تشكيل الحكومة. وبغض النظر عن قضايا العلاقات الثنائية فإن الحدث الأحدث الذي يمكن أن يعكس مفاوضات واجتماعات بارزاني في بغداد هو العراقيل الأمنية التي نشأت مؤخرًا بسبب الهجمات الإيرانية المستمرة في عمق إقليم كوردستان. وذلك بعد ازدياد التظاهرات الداخلية في إيران.
زيارة البارزاني والهجمات الإيرانية
وفقًا للمعلومات المتاحة ، هناك ضمان غير رسمي بأن الجماعات المسلحة الشيعية لن تهاجم أربيل لمدة عام على الأقل لكن لا يزال من غير الواضح مدى نجاح السوداني في حماية أربيل من هجمات الطائرات المسيرة والصواريخ من داخل العراق من كتائب حزب الله التي هية خارج الحكومة حالياً. لكن القضية الرئيسية الآن هي تلك الهجمات التي تنطلق من إيران وتركيا. تقصف تركيا حدود إقليم كوردستان ، لكن تأثيرها على استقرار أربيل أقل من تأثير القصف الإيراني المباشر على مدنها. شنت إيران ثلاث هجمات على أراضي إقليم كوردستان في أقل من 10 أيام في أعقاب هجوم أوسع في 28 من أيلول هذا العام.
زادت الحكومة الإيرانية من التوترات في السياسة الداخلية والخارجية على حد سواء عقب توسع المظاهرات واسعة النطاق في كوردستان الشرقية. على المستور الخارجي ايضا، أجرت إيران تدريبات عسكرية على الحدود الأرمنية الأذربيجانية ، مما أدى إلى تصعيد التوتر مع الرئيس الاذربيجاني إلهام علييف. وبالمثل هدد المسؤولون الإيرانيون أيضا مرارًا السعودية ودولًا أخرى وخاصة بريطانيا. وفي هذا السياق ، استخدموا وجود احزاب كوردستان الشرقية كذريعة لموجة من الضربات الجوية على إقليم كوردستان كانت قد انطلقت منذ ما يقرب من ثلاثة عقود مع بقاءها في إقليم كوردستان.
وتزامنت زيارة بارزاني لبغداد مع قرار من البرلمان العراقي لبحث انتهاكات السيادة والتوافق كوردستاني على حل القضيا العالقة. منذ عهد حكومة عادل عبد المهدي ، أصبحت قضية وجود القوات الكوردية المعارضة في إقليم كوردستان على أجندة الحكومة العراقية وفي اقل من شهر قال السوداني في ثلاث مرات بأن "لا يجوز ان تكون ارضنا مصدر للهجوم على البلدان الأخر. من الواضح أن وزير الخارجية العراقي يتحدث بنفس الطريقة ويعزز عبارة "لا ينبغي تهديد دول الجوار من الأراضي العراقية”. قد يكون هذا تعبيرا عن قبولهم على الأقل لبعض أعذار إيران وهذا على الرغم من وجود وجهة نظر مختلفة في إقليم كوردستان. لأكثر من ثلاثة عقود ، أوقفت قوات شرق كوردستان الصراع المسلح ضد إيران ، وقال رئيس إقليم كوردستان
"لا نرى أي عذر لإطلاق تاصواريخ والطائرات المسيرة على إقليم كوردستان".
نيجيرفان بارزاني
وهذا من جانب يعني رفض الذرائع التي تستخدمها إيران لتبرير هجماتها. على الأرجح ، سيحاول بارزاني إيجاد نقطة مع قادة بغداد لحل المشكلة التي يمكن أن تعرض أمن أربيل للخطر ولها تأثير سلبي على الوضع الاقتصادي واستقرار إقليم كوردستان.
البعد الآخر من الزيارة
بصرف النظر عن تفسيرها بزيارة بروتوكولية بمناسبة بدأ عمل حكومة السوداني ، قد تكون الخطوة الأولى المتعلقة بزيارة البرزاني هي حل المناصب الكورد العالقة في الحكومة والتي لم يتم شغلها نتيجة الخلافات بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الكوردستاني. النقطة الثانية قد تكون متابعة الوعود التي قُطعت للكورد قبيل تشكيل الحكومة. تشير تصريحات المسؤولين الكورد إلى أنهم متفائلون بأن السوداني سوف يفي بوعوده. لكن في أقل من أسبوع ، ستكون حكومة السوداني في اختبارها الأول في الوعود التي اعطوها للكورد. وبحسب المادة 15 من البنود العملية من جدول الأعمال الوزاري للسوداني يجب إعادة تفعيل اللجنة العليا للمادة 140 خلال شهر من تشكيل الحكومة وصرف المستحقات المالية لمن تشملهم قرارات اللجنة العليا.
وبحسب الأجندة الوزارية ، ستمتنع الحكومة عن اتخاذ أي إجراءات بخصوص عمل الشركات النفطية في اقليم كوردستان حتى سن قانون النفط والغاز خلال 6 اشهر وذلك لمنع توتر العلاقات بين الجانبين. لكن في الوقت نفسه ، تتجه الأنظار إلى موقف حكومة السوداني من شكوى العراق ضد تركيا في محكمة دولية في فرنسا وهذا الأمر الذي قد يؤدي إلى توتر العلاقات بين أربيل وبغداد.
كما يمكن أن تكون مسألة الموازنة قضية راهنة ، لأنه بحسب الأجندة قد يكون هناك تنسيق مع إقليم كوردستان لإعداد الموازنة ، وإلا فإن معظم المسائل والوعود الاخرى حدد لها ستة أشهر لكي تحل وذلك كونها تحتاج وقتاً.
على الرغم من أن زيارة رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني قد تبدو طبيعية وخاصة انها اتت بعد تشكيل الحكومة الجديدة ، إلا أن هذه الزيارة تمت في ظل الضربات الجوية الإيرانية الأخيرة. مما يشير إلى قضية أمنية وسياسية مهمة يمكن أن تكون أساسية والتي قد يكون لها دور رئيسي في جد\ول المفاوضات في بغداد. قد يرغب إقليم كوردستان في حل القضية من خلال الوسائل القانونية والتي ان تم الاتفاق عليها قد تشمل وجود جميع الاحزاب الكوردية الأخرى ايضا والتي طمت له بغداد في عام 2018.
البعد الآخر لزيارة البارزاني قد تكون مرتبطة بالحكومة ووعود السوداني للكورد التي ينوي على تنفيذها. ومع ذلك وبحسب الوضع في العراق ، من الصعب تحقيق كل تلك الوعود. ولعل وضع أجندة زيارته بطريقة التقى فيها بأغلب القادة الرئيسيين في الإطار التنسيقي تكمن بسبب عدم استطاعة رئيس الوزراء في العراق بتنفيذ كل القرارات بمفرده.