تحليل

ايران واربيل، وحدة الساحات وهجوم ايران المتهور

18-01-2024


ايران واربيل

بعد هجمات غزة وكرمان والبحر الاحمر، إيران تعاني من ضغط. كان من المفترض التعامل مع تلك الضغوطات من قبل اصحاب السلطة الإيرانية،لإيجاد الذريعة لأنفسهم ولأتباعهم في المنطقة. وبالرغم من إستمرار إيران في هجماتها على العراق من خلال اتباعه ، لكن عندما تقوم بالهجمة بنفسها وتعترف بها وتعلن صورها، اذا هدفها ان يعلم الجميع ان إيران هي من تقوم بالهجمات وهي صاحبة تلك الصواريخ البالستية وتستطيع إستخدامها.

تخشى ايران من الوقوع تحت ضغط اكبر او تقع تحت التهديد بعد حرب غزة، لذا فهي تبحث عن مخرج لإستعراض قوتها. اربيل بالنسبة لهم هي المكان الانسب لأنها تضمن انه لن يكون هناك اي رد على هجماتها هناك. إذا هجمات إيران على اربيل هي نتيجة خوف وضعف من هؤلاء الذين ترغب بشن الهجمات عليهم، وعلى رأسهم امريكا وثم إسرائيل. وهذا جزء من جهود إيران في الردع.

الأكراد هم الضحايا في المقام الأول، ويتم استخدام هذا الوضع لترهيب الشعب الكوردي ودفعه إلى الخضوع لإيران. تعقيد هذا الوضع هو أنه عندما تخلق أربيل، بإعتبارها مكانا لاستعراض القوة ومسرحاً للردع، وضعا يصعب التعامل معه، لأنه من الاساس المسألة ليست علاقة الكورد مع إيران، وبدلاً من ذلك، تم استغلال الضعف الكوردي في لعبة أوسع نطاقاً. إن القمع المفرط للضعفاء والركوع أمام الأقوياء هو جزء أساسي من الثقافة والسلوك الإيراني.

في المرة الماضية عندما استهدفت اربيل، كان الجواب السريع للامريكان هو انهم لم يكونوا هم المستهدفين.ذلك التصريح كان خاطئا، وإعترفت وزارة الخارجية الامريكية بذلك الخطأ بعيداً عن الإعلام. لأن الامريكان يعلمون ان هم المستهدفون،  ولكن بما أن هذا الجهد وقائي، فإن الوقت والظروف ليست مواتية بعد. الآن ايران تعاني من الخوف والضغط لتحقيق اهدافها، ايضا سيكون هناك فرصة ضئيلة. لذا على الاكراد ان يستعدوا لمرحلة ما بعد امريكا في المنطقة والعالم، عصر مختلف تماما عن العصر الحالي.

 وحدة الساحات

الإنفجار الدموي في كرمان وإستهداف مجموعة من القياديين من الجيش الإيراني في سوريا في الآونة الاخيرة من قبل إسرائيل تسبب بإحراج كبير للنظام الامني الإيراني امام الرأي العام وحتى امام مؤيدي النظام،وهذا جعل الرد على النظام الأمني ​​الإيراني أولوية. في السنوات الأخيرة، كانت هناك حملة إعلامية وحتى بحثية كبيرة داخل إيران تصور إقليم كوردستان على أنه تهديد وانه مقر لإسرائيل، وهي تستهدف الآن المزيد من الترويج للذات والرد على الرأي العام الإيراني وتلك المراكز والأشخاص الإيرانيين الذين يؤمنون بشدة بنظريات المؤامرة والذين استقبلوا قصة "إسرائيل الثانية" على أنها حقيقية.

وفي الحرب الحالية في غزة، طورت الأجنحة الإيرانية مفهوماً جديداً: "وحدة الساحات"، وهو ما يعني أن إيران سمحت لنفسها بخوض حرب غير معلنة في لبنان واليمن وسوريا والعراق، وان يكون لها ردود امام امريكا وإسرائيل في تلك البلدان وتعتبر تلك الكيانات والقوى كمكمل للمشروع الغربي، لم تنجح في سوريا في تحريك جبهة جولان والتي من الظاهر ان نظام الاسد ومنذ اكثر من 30 عام مصر ان يكون يتعامل بهدوء مع إسرائيل، في لبنان مواجهات حزب الله المحدودة مقابل إسرائيل شكلت نوعا من الإحراج، ما تبقى هو اليمن والعراق، وفي اليمن يقاتل الحوثيين فقط لنفسم وليست كل إنجازاتهم محسوبة لإيران، وعلى هذا الاساس الساحة المتوفرة هي في العراق والذي لا يوجد فيها دولة مركزية قوية ومن السهل استهدافه.

وبعيدا عن خلق الحكايات والمبررات على الصعيد الداخلي، تحرج ايران امريكا ودول الغرب عن طريق تلك الهجمات على اربيل بإظهار عدم قدرتهم على حماية حلفائهم، ايضا تدعو القوى المؤثرة للتوافق معها لكي يكونوا محميين والسعودية والإمارات هما نموذجان بارزان التاني كانا في محل اربيل قبل بضعة اعوام والآن ورغم كل التشنجات مستقرتان للغاية.

هجوم ايران المتهور

اذا تمعننا من مكان وعلامات تلك الهجمات الصاروخية من قبل الجيش الايراني والتي استهدفت إقليم كوردستان، سنرى انها ليست منافسة او إحتجاج جديد من قبل طهران مقابل اربيل، بل هي إجابة للغرب من خلال اربيل وإقليم كوردستان. ويأتي هذا السلوك وسط تطورات الجديدة في طهران والموالين لإيران والتي اجبرتهم على عدم التجاوز على اي مكان بإستثناء إقليم كوردستان.

السؤال هنا: لماذا تستهدف طهران أربيل بعد تصاعد تداعيات أحداث غزة واحتمال ضرب حزب الله (مثل الحوثيين) في المنطقة؟ للإجابة على هذا السؤال سنركز على مستويين:

الاول: على المستوى الخارجي والإقليمي

وخلافاً لما كان عليه الحال في الماضي، عندما كانت تشدد  واشنطن أو أحد حلفائها العقوبات أو عند إنتهاك مصالحها، كانت خيارات إيران للانتقام والهجوم على مصالحها أوسع وكان لديها العديد من النقاط المثيرة للاهتمام على الجغرافيا السياسية للهجوم من جانب إلى آخر، لذلك كان ينتقم على الفور في أفريقيا وآسيا وحتى أمريكا اللاتينية، او كان ينفذ الهجمات في المملكة العربية السعودية اوالمياه القريبة من الإمارات، ولبنان ووسط العراق (السني) وسوريا، لكن الآن لا تستطيع إيران الهجوم على السعودية والإمارات بسبب اتفاقياتها الأخيرة معهما. واي تعدٍ على سوريا او لبنان سيكون ثمنه باهض جداً عليها، وأي نشاط في حدود حزب الله سيثير إسرائيل وليس من البعيد ان تسبب التشنجات في جنوب لبنان وحرب غزة حرباً جدية لطهران.اما بالنسبة للمناطق السنية، هم الآن تم قمعهم وقادتهم على عكس الكورد، خاضعين للاجندة الإيرانية وهم بالنهاية محسوبون على الموالين لإيران وليسوا محسوبين على الغرب. وأيضاً، على الرغم من أن الهجوم على الحوثيين كان بمثابة فشل لسياسة إيران الخارجية وعدم قدرتها على حماية عملائها، لكن الهجوم يبعث أيضًا برسالة مفادها أن إيران لا تريد حربًا ساخنة، ولكن لا ينبغي مهاجمة حزب الله اللبناني (مثل الحوثيين)، لأن في معادلة رتم جغرافيا العمق السياسي، تعتبر ايرانمساحة ومكانة إقليم كوردستان مقابل مكانة حزب الله نقطة مصلحة لكل من إسرائيل وامريكا.

ثانيا على مستوى إيران الداخلي:

 هناك اسباب داخلية ليست اقل تأثيرا من الاسباب الخارجية، إذا تمعننا قليلا في البيانات والتغطية الإعلامية من قبل الجيش الايراني على اربيل في 16-01-2024 سنرى بوضوح انهم اعتبروا ذلك إنتقاما للتفجير الذي حدث في كرمان في سنوية ذكرى مقتل قاسم السليماني. لكن السبب الحقيقي هو خوف ايران من إحتمالية ظهور المظاهرات مجدداً والإضراب عن المشاركة في الإنتخابات من قبل اكراد ايران وتشجيع إقليم كوردستان لإثارة المسألة الكوردية وحقوقهم المدنية والسياسية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والمكان الوحيد الذي يمكنه تحريك تلك الاوراق هو اربيل، ومن هذا المنظور يذكر ذلك طهران بقساوة ومرارة الماضي.

سبب داخلي آخر، ولم تتخذ إيران أي خطوات عملية لإرضاء مؤيديها خلال الشهرين الماضيين بعد حادث كرمان  كرمان وقصف الحوثيين وقتل قيادات حزب الله وقياداته في سوريا ولم تتطابق تصرفاتهم مع تهديداتهم، لذلك، من أجل الاستهلاك الداخلي ووجود قصة داخلية، كان يحتاج الامر إلى هذا الأداء والسلوك حتى لا يتلاشى سوق الخطاب وظل تهديداته. ومن الواضح أن ذريعة طهران لوجود مركز نشاط إسرائيلي هي للرأي العام الإيراني، وإلا فمن هو أقرب إلى إسرائيل من أذربيجان واكثر وجودا للإسرائيلين منها؟

ولذلك فإن إقليم كوردستان هو المكان الوحيد الذي، رغم أن علاقاته مع إيران لا تقل عن علاقاته مع الغرب ودول الجوار،لكن بالنسبة لإيران، إحدى النقاط الأقرب إليها وأقل تكلفة ويمكنهما إظهار المناورة السياسية للاستهلاك المحلي ويبعثان برسالة إلى الولايات المتحدة وحلفائها بعدم التدخل في لبنان واليمن والا تجبرها على التصرف بطرق إلزامية، حتى لو لم تكن مربحة للغاية. لذلك، فإن الصواريخ والطائرات بدون طيار التي تم إرسالها إلى أربيل كانت جزئيًا للقضاء على التهديد والاستهلاك المحلي، وجزئيًا خطوة إجبارية لطهران، التي كانت مقيدة في أماكن أخرى(ما عدا إقليم كوردستان) ولا يمكنها اتخاذ خطوة دون دفع ثمن حرب أك

Share this Post

تحليل