أبرزت الأحداث والاضطرابات السياسية الأخيرة أهمية دور وموقف الممثلين الكورد في بغداد أكثر من أي وقت مضى، زتزامن مع زيادة التهديدات التي يواجهها إقليم كوردستان. بالرغم من رغبة الكورد بعد سقوط النظام عام 2003 في أن يكونوا لاعبًا رئيسيًا في العراق الجديد، إلا أنهم لم يتمكنوا أبدًا من الحفاظ على سلطتهم وهيمنتهم في بغداد. هذا يرجع إلى عوامل عدة، منها المشاكل الداخلية والتأثير الدولي، لكن انقسام الممثلين وسلوك الممثلين عن الكورد في بغداد سببا اخر ايضا. يوجد حاجة لمراجعة الماضي والنظر في نقاط الضعف التي واجهها الكورد في بغداد.
الكورد ورئاسة الجمهورية
فيما يتعلق بالكورد ومنصب رئيس الجمهورية، فهناك العديد من الباحثين والسياسيين والناس يعتقدون أن منصب رئيس الجمهورية هو بالأساس تشريفاتي ولا يمكن استخدامه مثل منصب رئيس البرلمان ورئيس الوزراء أو الاتفاقات السياسية لصالح الكورد. لكن الحقيقة هي أن المنصب لعب دورًا حاسمًا في تشكيل السياسة الخارجية والداخلية للعراق منذ ذلك الحين. مثلاً، عندما رفض الرئيس العراقي جلال طالباني التوقيع على أمر الإعدام بحق صدام حسين وغيره من القادة العراقيين السابقين وأجبر الشيعة على التوقيع عليه، كانت خطوة تاريخية أبعدت الكورد عن الصراع كان لإصرار مام جلال على توقيع الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة وإقناع إيران في عام 2008 تأثير عميق على السياسة العراقية الداخلية والخارجية. بعد مظاهرات تشرين الأول (أكتوبر) اجبر تحذيرات الدكتور برهم صالح بالاستقالة من رئاسة الجمهورية الأحزاب الشيعية على الامتناع عن ترشيح أيا كان.
لكن أدى نفس المنصب أيضًا إلى العديد من المشاكل للكورد وإقليم كوردستان. فقد بدأت هذه المشاكل عندما كان لدى الاتحاد والحزب الديمقراطي وجهات نظر مختلفة في بغداد. على سبيل المثال، عندما وافق الرئيس بارزاني وجلال طالباني والصدر على عزل المالكي في أربيل، لكن تراجع مام جلال لاحقًا من سحب الثقة من المالكي كانت بداية ازمة انتجت بعد أقل من عام قطع حصة إقليم كوردستان من الموازنة. كما أدى النزاع بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي حول رئاسة الجمهورية إلى استمرار المشاكل بين أربيل وبغداد، مما أثر على الحياة اليومية لشعب في إقليم كوردستان.
يمكن تأجيل التوقيع على الموازنة من قبل الرئيس العراقي الآن لمدة 45 يوماً لتعديلها، في الوقت الذي يحتاج فيه الساسة الشيعة وحكومة السوداني إليها بشكل ماسي. هذا سيمنح الكورد 45 يومًا إما لتعديل هذه البنود بواسطة رئيس الوزراء العراقي، كما أشار السوداني نفسه، أو ستكون فرصة جيدة لتعزيز اللوبي الكوردي في البرلمان العراقي. يأتي ذلك في الوقت الذي يقال فيه أن الديمقراطي يعتزم تقديم شكوى بشأن الفقرة الثامنة من المادة 14 في المحكمة الفيدرالية، وعدم التوقيع سيمنح بعض الوقت حتى تظهر نتيجة الشكوى. الآن، الكورد ليس لديهم مشكلة مع تأخير الموازنة أكثر من أي فئة أخرى، وأي تعطيل للموازنة سيزيد الضغط على الإطار التنسيقي.
الكورد في برلمان العراق
بعد انقسام الشيعة في البرلمان العراقي إلى جبهة الصدر والإطار التنسيقي، كان من المتوقع أن يصبح الكورد أقوى في البرلمان العراقي وأن يحققوا المزيد من الإنجازات، لكن لسببين رئيسيين فشل الكورد في ذلك. انقسام الكورد إلى عدة جبهات أدى إلى عدم وجود أي ضمانة بأن الموازنة للثلاث سنوات القادمة ستنفذ كما هي وضمان عدم تأثرها بالمشاكل السياسية، وبالنتيجة عرض هذا الانقسام إقليم كوردستان لخطر جسيم. والسبب الثاني هو أن معظم ممثلي الكورد في بغداد، وخاصة نواب الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني، لم يهتموا بكافة تفاصيل الموازنة مثل ما فعل مصطفى سند ويوسف الكلابي. إنهم فقط تنازعوا على المواد والبنود المتعلقة بإقليم كوردستان. هناك العديد من القضايا مثل المادة 16 من الموازنة، وضرائب الوقود، وال 3 مليارات دولار المخصصة كمساعدات إنسانية للصومال، وجزر القمر وفلسطين، وصندوق إعادة إعمار المحافظات المحررة من داعش، ونفقات الحشد الشعبي والمشاريع الخدمية. كان بإمكان الكورد استخدام هذه المواد والقضايا كورقة ضغط للعمل على تنفيذ المادة 140 وتعويض ضحايا الأنفال والمتضررين بالأسلحة الكيماوية.
الصراع الداخلي بين الاتحاد والديمقراطي له انعكاسات متزايدة داخل العراق وخارجه. قد أدى ذلك إلى تحركات سياسية وإصدار بيانات من كلا الحزبين بسرعة قصوى، حيث حذر الديمقراطي مرارًا وتكرارًا من انسحابه من ائتلاف إدارة الدولة وزاد الاتحاد من علاقاته ومصالحه بشكل خطير مع الجماعات الموالية لإيران والإطار التنسيقي. هذه نقطة خطيرة للغاية بالنسبة لإقليم كوردستان في الشرق الأوسط.