تحليل

دخل واحد ورقمين مختلفين؛ ارقام عائدات النفط في العراق

05-02-2024


تمهيد

هناك إختلاف بمليارات الدولارات بين تقرير وزارة المالية وتقارير سومو ووزارة النفط العراقية في ارقام الإيرادات النفطية، حيث وصل ذلك الإختلاف في عام 2023 إلى اكثر من 4 مليارات دولار، ويأتي هذا على الرغم من وجود فرق قدره 48 مليون دولار بين البيانات البدائية والنهائية الخاصة بشركة سومو حول إيرادات تصدير النفط.

في يوم 28 من كانون الثاني 2024 قامت وزارة النفط  بنشر بيانات نهاية شهر كانون الأول لعام 2023 للنفط المصدر وعائداته، بذلك مجموع النفط المصدر وإيراداته دون إقليم كوردستان كان مليار و 232 مليون و 170 الف و 321 برميل، والذي كان مجموع عائداته 97 مليار و 569 مليون دولار، وبلغ إجمالي إيرادات النفط والموارد الطبيعية 121 تريليون دينار أي 93 مليار و 416 مليون دولار، وبلغ الفارق بين الوزارتين في إيرادات النفط 4 مليارات 153 مليون دولار.

هذا الإختلاف إذا حسبناه بالدينار ايضاً، إذاً بحسب وزارة النفط مجموع ارباح النفط في السنة الماضية كانت أكثر من 126 تريليون دينار (إذا كان سعر الدولار الواحد 1300 دينار عراقي)، إذاً هناك ايضاً إختلاف اكثر من 5 تريليون دينار.

النفط يشكل نسبة 95% من إجمالي واردات العراق، وبحسب التقارير الرسمية للحكومة الفيدرالية، هناك إختلافات كبيرة بين الأرقام التي تعلنها وزارة المالية العراقية للنفط شهرياً. فمثلاً بحسب تقرير وزارة المالية العراقية لشهر ايلول 2023، الإيرادات النفطية كانت اكثر بمبلغ 6 مليار دولار من التقرير الذي اعلنت عنه وزارة النفط العراقية.

إختلاف ارقام سومو مع ارقام وزارة المالية العراقية

 تقوم شركة (سومو) لتسويق نفط العراق، بنشر إيرادات النفط وكمية النفط المصدر وسعره لكل برميل  في بداية ووسط كل شهر (للشهر المسبق). فمثلاً بحسب بيانات وزارة النفط العراقية و(سومو) وفي تقرير بداية الشهر، مجموع النفط المصدر هو مليار و 232 مليون و 170 الف و 321 برميل، وكانت الإيرادات 97 مليار و 521 مليون دولار، لكن في التقرير النهائي مجموع النفط المصدر قل بنسبة 195 برميل، وقل المبلغ بنسبة 48 مليون دولار، مثل ما هو مذكور في الجدول رقم(1).

الجدول رقم (1) : كمية النفط المصدر وإيراداته بحسب تقرير سومو البدائي والنهائي لعام 2023

المصدر: وزارة النفط 20-01-2024

نقطة أخرى من البيانات هي الفرق بين وزارتي المالية والنفط في أرقام الإيرادات النفطية، رغم إختلاف الإيرادات إذا كانت بالدولار أو الدينار. على سبيل المثال، كما يوضح الرسم البياني أدناه، فإن الفرق يتراوح بين 500 مليون دولار و 2 مليار دولار كل شهر.

ما يتضح من الأرقام هو أن إيرادات وزارة النفط العراقية كانت دائما أعلى من إيرادات وزارة المالية، لكن في شهر سبتمبر الماضي، وبحسب وزارة المالية، ارتفعت إيرادات النفط إلى 15.11 مليار دولار في حين ان في نفس الشهر بحسب وزارة النفط العراقية كانت إيرادات النفط 9.4 مليار دولار.

الرسم البياني (1): إيرادات النفط بين وزارة المالية وبيانات سومو ووزارة النفط العراقية في 2023

المصدر: وزارة النفط ، 27-01-2024

الملاحظة الأولى: سعر الدولار الواحد هو 1300 دينار عراقي في جميع أشهر 2023 لكن في عام 2024 تم تسعير الدولار الواحد ب1450 دينار كسعر البنك المركزي.

الملاحظة الثانية: تقديرات إيرادات النفط والموارد الطبيعية لشهر كانون الأول مبنية على بيانات وزارة المالية العراقية، كون وزارة المالية العراقية لم تنشر بعد تقرير الإيرادات والنفقات لشهر كانون الأول من 2023.

النهاية

ورغم أن البيانات متوفرة في العراق، إلا أنها صعبة التفسير، لأن تضاعف إيرادات النفط والموارد الطبيعية في سبتمبر 2023، بحسب تقرير وزارة المالية العراقية، لم يكن خطأ وتم تصحيحه او ان يكون قد تم حساب شهرين بدلاً من شهر واحد بل اعيد نفس الخطأ بشكل متكرر في أكتوبر وتشرين الأول 2023. لكن من غير المعروف ما هي أرقام النفقات والإيرادات التي ستكون في تقرير شهر ديسمبر.

هنا قد تم حساب الدولار الواحد ب1300 دينار عراقي كبنك المركزي وتمت مقارنته مع البيانات الأخرى. إذا قيل إن وزارة النفط تقتطع نفقات شركات ثم تعيد ما تعيده وزارة المالية إلى خزنة الدولة صافياً من إيرادات النفط، ألا ينبغي أن يدخل ذلك الإنفاق في تقرير نفقات وزارة المالية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فأين ذهبت الـ 2.3 تريليون دينار التي أنفقت على وزارة النفط نهاية نوفمبر 2023؟

الرسم البياني(2): الفرق بين بيانات الإيرادات النفطية بين وزارة النفط (سومو) ووزارة المالية لعام 2022 و 2023

المصدر:وزارة النفط والمالية العراقية، 31-01-2024

ملاحظة: تم تقدير إيرادات النفط والموارد الطبيعية لشهر كانون الأول/ديسمبر من وزارة المالية العراقية

الفرق ليس فقط في عدد الوزارات والسنة الماضية فقط، بل كان الفرق في عام 2022 اكثر من 9.62 مليار دولار وفي عام 2023 نزل الى 4.4 مليار دولار.

في الواقع يجب على وزارة المالية العراقية تفسير تلك الإختلافات ويجب على اللجنة المالية في مجلس النواب متابعة الموضوع، وذلك على الرغم من تصحيح إيرادات النفط والموارد الطبيعية في تقارير وزارة المالية. يجب ألا تكون الأرقام للنشر فقط، ويجب أن تتضمن الاختلافات في بالأصفار والعشرات والمئات والآلاف.

إذا كانت الأرقام خاطئة فإن وزارة المالية العراقية ليست فقط مخطئة في الإيرادات والنفقات، بل أيضا في موازنة 2023 كان بها فرق تريليونات الدنانير. وعلى الرغم من طرحها، إلا أنها لم تتم متابعتها أو تصحيحها. اذا مر اختلاف الموازنة على تعديل هذا العام في وزارة المالية والبرلمان فإن القول بأن الموازنة العراقية على الورق فقط سيكون صحيحاً،لأنه كان من المفترض أن تنفق أكثر من 199 تريليون دينار في 2023، لكن بعد 11 شهراً أصبحت 109 تريليون دينار.  وأخيرا، مهما كان سبب هذا الفارق، فإنه ينبغي ذكره في تقارير وزارة النفط أو المالية العراقية، لأن الفارق ليس بضع مئات من الدنانير والدولارات، بل مليارات الدولارات وتريليونات الدنانير.

Share this Post

تحليل