تحليل

محتوى واحد وتفسيران؛ عقود النفط والغاز الجديدة في العراق ومصير العقود في إقليم كوردستان

15-12-2023


من المقرر ان تعلن وزارة النفط العراقية في شباط 2024 اسماء الرابحين في الجولة الخامسة بلص والسادسة من العقود النفطية والغازية لثلاثين حقل، وبالرغم من ان الشركات الكبيرة وبالاخص الامريكية والبريطانية ليست فقط غير راغبة بالمشاركة بل انسحبوا، لكن الشركات الصينية والروسية يرغبون بتوسيع عملهم والفرنسيين اجروا اتفاقية تاريخية، ايضا الشركات الخليجية وبالاخص ارامكو السعودية يطالبون بتغيير صيغة العقد.

المقصود من الجولة الخامسة بلص الحقول النفطية والغازية التي لم تستطيع جذب الشركات في هذه الجولة وفي 2018 لإستثمار ثروتهم في الصناعة النفطية، لكن ما الذي تغير هذه المرة ومحتوى صيغة "عقد البحث، التطوير وانتاج" EDPC ما هو؟ او بدون بحث DPC ما هو؟ والذي من المنتظر ان تجلب مستثمرين لثلاثين حقل نفطي في العراق.

وقد جذب إطلاق عقد التطوير والإنتاج لشركة DPC Total Energy البالغة 60 ألف برميل يوميا في حقل ارطاوي اهتمام المستثمرين لهذا النوع الجديد من العقود في العراق. بالاخص بعد خفض " اقل نسبة إلتزام بالعمل واقل نفقات عمل من قبل شركات الإستثمار".

ايضا التقليل الملكي Royalty في عقود EPDC والتي وضع لها 25% من قبل لكن في هذه الجولة من المنتظر ان تقل بنسبة ملحوظة. ذلك وبالرغم من تغيير اسلوب العقود من حيث مشاركة الإنتاج، نسبة الإنتاج التجاري زاد اذا اخذنا النسبة المئوية كمعيار لمستوى انتاج النفط بدلا من نسبة 10 آلاف برميل والتي وضعت في العقود الماضية. في النهاية الشركات بعد طرح نفقات الإستثمار والنفقات التشغيلية الملكية، يستطيعون ان يستلموا مستحقات مختلفة من ارباح بيع النفط والغاز بالنسبة المئوية.

تلك السطور المقبلة تأخذنا مجددا الى العنوان وشكل عقود حكومي اقليم كوردستان مع الشركات النفط والغاز العالمية، لكن اذا كان هناك إختلاف ايضا في النسب  ذلك مرتبط بخطورة الإستثمار، وجود البيانات والمعلومات، وجود آبار محفورة والقدرة السياسية والإقتصادية للعراق كدولة وليس شيْ مختلف من إقليم كوردستان والذي فعلته منذ بداية العقدين الماضيين.

                                      30 حقل نفطي وغازي في العقود الجديدة للعراق

عمل العراق نحو 15 عاما مع الشركات المحلية ووقع عقود خدمية لكنه لم يفشل في تطوير وحل مشكلة هدر الغاز المصاحب فحسب، بل ايضا اكثر الآبار الآن بحاجة الى تطوير وإستعادة القدرة الإنتاجية Enhance Oil Recovery. بعد نحو 18 عاما من محاولات مشاركة الشركات النفطية الكبيرة للإستثمار في هذا القطاع في الجولة الخامسة من العقود تم تنفيذه بشكل من الاشكال، مثل عقود كريست بتروليوم وتوتال، لكن لم يكن بإمكان ذلك جلب الإستثمار لتلك الحقول التي هي جديدة وشركات وزارة النفط العراقية لا تعمل معها. لذلك شكل العقود تم تعديله بحيث تتمكن من جذب الإستثمار وتأخذ شكل عقد تقاسم الإنتاج PCS.

الآن تم تعديل العقد النفطي والغازي لسنة 2018 بشكل كامل ويريد العراق ان يجذب الشركات العالمية للنفط والغاز للإستثمار في 11 حقول غازية و 3 حقول نفطية في الجولة السادسة و 11 حقول نفطية و 5 حقول غازية ونفطية في الجولة الخامسة بلص.

من خلال تعديل بنود وفقرات الشكلين الجديدين لإنتاج النفط "عقد البحث تطوير واستثمار" EPDC او "عقد التطوير والإنتاج" DPC ، في النوع الثاني الحقول التي تم فيها البحث  وتم تجهيز بيانات 2D Seismic ايضا تم حفر آبار تجريبية لها. مثلا في تلك الثلاثين عقدة والحقول النفطية الجاهزة للإستثمار 7 منها فقط بحاجة الى بحث، في حين ان إقليم كوردستان في السنوات بين 2004-2012 حيث كانت توقع العقود النفطية والغازية لم يكن فقط لا يوجد 2D Seismic  لكن ايضا لم تكن هناك حقول تجريبية ايضا بل كان يتم توقيع العقود استنادا على معلومات حول المنطقة واحتمالية وجود النفط فيها،

لذلك الايرادات الآن 48% منها هي لحكومة إقليم كوردستان و 52% لنفقات الإستثمار والنفقات التشغيلية والارباح من اجمالي الواردات. الشيء الملحوظ الآن في القطاع النفطي هو ان حكومة السوداني تعمل على تسهيل توقيع العقود النفطية ومن هذه الناحية فإته قد اخطى خطوتين الى الامام مقارنة بالحكومتين السابقتين. بالاخص العقود المتعلقة بالطاقة والتي من ناحية التوقيع عليها تقدمت كثيرا، ان كان من ناحية توقيع عقد توتال ، كرست بتروليوم او تثبيت  الغاء عقد اكسن موبيل وتوسيع عمل الشركات الروسية، لكن بالنظر الى المشهد كاملا سنرى ان عقد توتال وبعد عامين من توقيعه بعد اجتماعات ومفاوضات عدة لديها مشروع واحد فقط قيد التنفيذ رسميا.

ايضا بالنظر الى بيانات الجدول الاول سنرى بوظوح ان الحقول المجهزة للجولة السادسة تقع في محافظات الوسط وشمال العراق، بعض تلك المناطق وبحسب المادة 140 من الدستور العراقي هي مناطق متنازع عليها، لكن بغداد تعتبرها مناطق عراقية ومثل ما صرح به وزير النفط العراقي" العقود التي تم التوقيع عليها اغلبها في المناطق التي ليست متنازع عليها".

الوجه الآخر لتلك العقود مرتبط بالوقت للتوقيع والتنفيذ، اي ان تلك العقود اذا سبقت إتفاقية بغداد مع اربيل بخصوص مسألة الطاقة وحسم قانون النفط والغاز في العراق فذلك بالتأكيد سيكون له اثر على النقاشات، والعكس صحيح ايضا.

الجدول(1): العقود الغازية والنفطية للجولة الخامسة بلص والجولة السادسة حسب المحافظات ونوعها

المصدر: مجلة ميس، العدد 40، 6 اكتوبر 2023 والعقود المقترحة للجولة الخامسة، الخامسة بلص والجولة السادسة.

مصير العقود النفطية لاقليم كوردستان بين طلبات بغداد والشركات

في اليوم الخامس من هذا الشهر شركات الصناعة النفطية في كوردستان (ابيكور) ذكروا مجددا في بيانهم

"الحفاظ على حقوق عقودهم" ويرددون ذلك الطلب بشكل رسمي وغير رسمي، هذا التوقع في حين ان بعد زيارة السوداني لأربيل واستمرار المفاوضات لمدة يومين ووزير النفط العراقي اكد " نحن قريبين من الاتفاق ونأكد على تصدير نفط  اقليم كوردستان عن طريق جيهان، لكن هناك بعض الامور تحتاج الى تغير وبالاخص العقود وسوف نعالج ذلك الامر ايضا قريبا"

مر ثمانية اشهر واكثر من 10 ايام ولم تحل المشاكل ايضا بدأت الشركات ببيع النفط داخليا وبنصف السعر العالمي للنفط، وأثر ذلك سلبا على الميزانية العامة للعراق  والدولة والشركات التركية ومواطني اقليم كوردستان.

من الناحية الدستورية،هناك مادتين في الدستور العراقي مخصصتين لمسألة النفط والغاز، المادة 111 والمادة 112 والتي لم تذكر فيهما إدارة وصياغة سياسة البلاد المتعلقة بالنفط والموارد الطبيعية، بل ترك الامر لاخراج قانون النفط والغاز والذي ليس من المعروف ومنذ عقدين متى سيتم اخراج القانون. على الاغلب سوف يتم اخراج القانون في حين انه سيكون سببا لزيادة نفوذاحد الاطراف ويتم تحقيق اهدافه بالكامل من خلال ذلك القانون.

كل الاعين الآن تترقب قرار الحكومة المركزية ووزارة النفط بخصوص كيفية تعديل الاتفاقيات النفطية بين الشركات وحكومة اقليم كوردستان، في حين ان حسب اتفاقية نيسان 2023 بين اربيل وبغداد، كان من المفترض ان تأجل تلك المسألة الى حين بعد البدأ بتصدير النفط مجددا وليس قبله. وقع اقليم كوردستان العقود النفطية والغازية على ضوء قانون النفط والغاز الذي تم التوقيع عليه في برلمان كوردستان في السادس من آب عام 2007 والذي اعتبرته المحكمة الفيدرالية غير دستورية في 6 شباط ، اذا تم التعديل على تلك الاتفاقيات اذا سنواجه امرين ملفتين:

اولا هل الاتفاقيات قانونية وسوف يتم التعديل عليها ام انها غير قانونية وسوف يتم عقد اتفاقيات جديدة؟ اذا كانت قانونية وسوف يتم تعديلها اذا ماذا عن قرار المحكمة الفيدرالية التي اعتبرت تلك الاتفاقيات غير قانونية وغير دستورية؟

ثانيا هل توقيع اتفاقية وعمل وزارة النفط العراقية مع شركة كرست بتروليوم للإستثمار في 3 حقول نفطية وغازية في محافظة ديالى ومحافظة البصرة ودخولها في مرحلة التنفيذ في 15 من نوفمبر 2023  وماذا يعني ذلك؟ لأن تلك الشركة تعمل في اقليم كوردستان ولديها عقد، وقبل قرارات المحكمة الفيدرالية ومحكمة تحكيم باريس كان يتم ابلاغهم بعدم العمل مع حكومة إقليم كوردستان. ام ان عقود النفط والغاز مختلفة؟ لان كريست وفي ضل نفس قانون النفط والغاز لإقليم كوردستان وطريقة عقد المشاركة PSC جائت الى إقليم كوردستان ومستمرة في توسيع اعمالها ورفع انتاج النفط والغاز وتصديره الى المناطق التي هي تحت سيطرة بغداد.

النهاية

توقيع ونشر الإتفاقيات الجديدة للجولة الخامسة بلص والجولة السادسة اذا لم تجذب الشركات النفطية والغازية العالمية للإستثمار للعراق اذا ما الذي يجب تغييره لجذب الشركات العالمية للإستثمار في العراق. تصل اضرار ايقاف تصدير نفط كوردستان للتسعة اشهر الماضية الى 9 مليار لجميع الاطراف، ولكن ذلك يثير بعض التساؤلات مثلا الحكومة العراقية لماذا غير مستعدة ان تأخذ نصف تلك الثمانون دولار الذي حتى اذا تم اتباع الطريقة القديمة او تشرف الحكومة على عملية البيع تستطيع الحصول عليه، في حين ان الان ومنذ اكثر من 8 اشهر و 10 ايام تم ايقاف تصديريه ولم يدخل على حساب الحكومة دينار من ذلك والذي من المفترض ان تكون ايراداته اليومية 28 مليون دولار حسب قانون الموازنة العراقية لعام 2023.

السؤال الثاني متعلق بالشركات النفطية، لماذا الشركات النفطية راضية ان تبيع البرميل بسعر 33- 39 دولار ومعترضين  على بيعه بسعر البرنت الذي وصل الى 80 دولار مؤخرا، هل تلك الاربعين دولار تجلب لهم ارباحا اكبر من خلال البيع الداخلي اكثر من 80 دولار والتصدير من خلال ميناء جيهان ام ما هي الحقيقة؟

السؤال الثالث متعلق بتركيا، لما تركيا وبحجة الزلازل اوقفت عملية التصدير، وها هي الآن صرحت بأنهم قد ابلغوا الحكومة العراقية بشكل رسمي عن طلب تعويض يومي للاضرار التي التحقت بها جراء قرار ايقاف تصدير نفط كوردستان، هل تم إعفاء تركيا من فبل الحكومة المركزية  حول التعويض الذي ذكر في قرار محكمة باريس؟ ام ان اللعبة هي ان يتم ايقاف تصدير نفط كوردستان بحجج ومبررات جديدة في كل مرة.

في النهاية مضمون العقود قد تغير في العراق لذلك يستثمر الآن كل من كرست وتوتال انرجي، بإمكاننا ان نقول العقود اصبحت مثل عقود إقليم كوردستان، لكن تحت مسميات مختلفة وارباح اقل للشركات المستثمرة، وذلك متعلق بالحقائق التي تم ذكرها في الاعلى وإلا عقود الجولتين الجديدتين من حيث المحتوى ومشاركة الإنتاج  PSC  هي نفسها مع عقود إقليم كوردستان، لكن العناوين تختلف.

Share this Post

تحليل