تحليل

نمو الناتج المحلي العراقي من صفر الى 4.1% في 2025

29-10-2024


المقدمة

خلال تقريره السنوي تحت عنوان"افق إقتصاد العالم"[1] اعلن صندوق النقد الدوليIMF عن توقعاته حول 195 دولة خلال عام 2025 والذي حسب النمو الإقتصادي العالمي بنفس نسبة هذا العام سيكون بمستوى 3.2%، لكن النمو الإقتصادي للدول النامية ومن بينهم العراق سيزداد بنسبة 0.1% الى 4.1%، وبالرغم من ان ذلك ليس سوى توقع، لكن السؤال الأهم هو ان ماذا فعل العراق لكي يكون صندوق النقد الدولي متفائلا بنمو إقتصاده؟

وهنا بالإعتماد على الأسس الأربعة لتحديد نمو الناتج المحلي الإجمالي، سنركز على أسباب توقعات صندوق النقد الدولي وتفاؤله بنمو الناتج المحلي الإجمالي للعراق في العام المقبل ونريد أن نعرف هل سينمو بالفعل أو العكس، قد يكون أقل من الصفر في 2025؟

المصاريف الفردية والحكومية: شراء السلع، الخدمات وبناء البنية التحتية

ترتفع  النفقات سنة تلو الأخرى، التشغيلية منها والإستثمارية، إرتفاع تلك النفقات تعني إرتفاع دخل الفرد لأن 23% من سكان العراق اي 9.5[2]  مليون شخص يتلقون رواتبهم الشهرية مباشرة من الدولة وذلك ما عدا إقليم كوردستان، وهي اعلى نسبة في العالم، يتم تخصيص 75% من الدخل السنوي لذلك.

وإذا قارننا مجموع نفقات وزارة المالية العراقية  للسبعة اشهر الأولى للعام الماضي والسبعة اشهر الأولى من السنة الجارية سنرى اختلافا بمبلغ 19 تريليون دينار، ومن المنتظر ان يزيد الفرق اكثر خلال السنة القادمة لأنه من الممكن ان تثبت الميزانية مبكراً وحاليا هناك نقاشات بخصوص ذلك. إرتفاع النفقات لهذه السنة شملت النفقات التشغيلية والإستثمارية.

النقطة البارزة ضمن الأسباب التي ادت الى ارتفاع النفقات كانت إرتفاع المبلغ المخصص من قبل الحكومة لعدد 9.5 مليون موظف. فمثلا وصل المبلغ في السبعة اشهر الأولى من السنة الى 33.53 تريليون دينار في حين ان خلال نفس الفترة في العام الماضي كان المبلغ 25.21 تريليون دينار اي انه ارتفع هذه السنة بنسبة 24.8%، والذي سيأثر بشكل مباشر على ارتفاع مصاريف الفرد على المستوى الداخلي والخارجي لإستراد السلع والخدمات.

الرسم البياني(1):  نفقات الحكومة التشغيلية منها والإستثمارية في السبعة أشهر الأولى من عامي 2023 و 2024


                                                                                                                                                              المصدر: وزارة المالية العراقية 25-10-2024

الإستثمار ونتيجة الإستيراد والتصدير

هناك عامل آخر في تحديد نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلد يتعلق بالاستثمار، سواء كان محليا أو أجنبيا. على الرغم من انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر في العراق في السنوات الأخيرة، والاستثمار المحلي زاد كما هو مبين في الرسم البياني(1).

منذ العام الماضي وإعلان الجولة الخامسة التكميلية والسادسة للعقود النفطية وفوز الشركات الصينية بعقود نفطية، ارتفعت نسبة الإستثمارات الخارجية لكنها لا تزال ناقصة.

بحسب البنك المركزي العراقي من حيث إجمالي الواردات من التصدير تضاعفت الواردات من الإستيراد، مثل ما هو موضح في الرسم البياني(2) حيث ان مجموع العائدات من تصدير السلع والخدمات في 2023 بلغغ 99.14 مليار دولار، لكن مجموع الإستيراد بلغ 43.7 مليار دولار خلال العام نفسه.

الرسم البياني(2): رأسمال واردات وصادرات العراق من السلع والخدمات من عام 2013 الى عام 2023 /مليون دولار.

المصدر: البنك المركزي العراقي، 26-10-2024

الخاتمة

 بحسب صندوق النقد الدولي IMF [1]  العراق يعد من الدول التي تأثرت إقتصادها بشكل مباشر او غير مباشر بسبب تبعات الحرب في الشرق الأوسط،   على سبيل المثال، عانى لبنان الذي مزقته الحرب من ضربة قوية لعائدات السياحة، في حين تضرر الاقتصاد المصري بسبب انخفاض عائدات قناة السويس.

والحقيقة أن تفاؤل صندوق النقد الدولي يستند إلى ميزانية العراق المعتمدة والجهود التي تبذلها حكومة محمد شياع السوداني لإصلاح وبناء البنية الأساسية الاقتصادية. على سبيل المثال، من بينها رقمنة النظام المالي والاستثمار المحلي. وقد شارك العراق في نظام سويفت وحاول رقمنة النظام المصرفي. كما أنها وضعت مسألة توفير الوقود المحلي[2] على جدول أعمالها، بحيث لن يتم استيراد أي كمية من الغاز والكيروسين إلى العراق في النصف الأول من عام 2024.وتبلغ كمية البنزين المستوردة أقل من 800 مليون دولار، بينما في عام 2022 ستتجاوز التكلفة الإجمالية لواردات الوقود إلى العراق 5.2 مليار دولار، وهي خطوة مهمة على صعيد زيادة نمو الإنتاج المحلي وتعني عودة مليارات الدولارات إلى العراق.

وأخيرا، ما قاله صندوق النقد الدولي هو مجرد توقعات، على أساس بقاء العراق خارج حرب الشرق الأوسط، وتنفيذ ميزانيته لثلاث سنوات، وتنفيذ إصلاحات فعالة، والانفتاح على الاستثمار الأجنبي، واستكمال مشاريع البنية التحتية، وخلق فرص عمل خارج المؤسسات الحكومية.


[1] International Monetary Fund. 2024. World Economic Outlook: Policy Pivot, Rising Threats. Washington, DC. October.

[2] ئەحمەد دەباخ، 23-11-2022 العراق الأعلى عالميا في عدد موظفي القطاع العام

[3] Jihad Azour, Director, Middle East and Central Asia Department, IMF، 2024/10/24/regional-economic-outlook-middle-east-central-asia-october-2024

[4] شركة تسويق النفط حقوق النشر محفوظة لصالح شركة تسويق النفط لسنة 2024

[5] International Monetary Fund. 2022. World Economic Outlook: Countering the Cost-of-Living Crisis. Washington, DC. October

[6] : International Monetary Fund. 2024. World Economic Outlook: Policy Pivot, Rising Threats. Washington, DC. October.

Share this Post

تحليل