تحليل

قراءة في توقيت الهجمات: لماذا يُستهدف كورمور أثناء الأزمات؟

30-11-2025


تعرض حقل كورمور للغاز 11 هجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ خلال الفترة الممتدة من صيف 2022 وحتى اليوم، ويبدو أن الهجوم الأخير كان الأكثر تأثيراً من بين الهجمات السابقة، حيث جعل الظلام يلف جزءاً من إقليم كوردستان هذه الليلة. في الواقع، إن استمرار الهجمات منذ 2022 وحتى الآن، رغم التغيير التكتيكي، يبيّن أن هذه القضية أكبر من أزمة محلية أو داخلية في إقليم كوردستان، وربما إلى وجود ستراتيجية أكبر تقف وراءها. لكن اللافت هو أن هذه الهجمات تحدث غالباً عندما تتعاظم الخلافات بين بغداد وأربيل من جهة، والخلافات بين الحزبين الرئيسين في إقليم كوردستان من جهة أخرى.

تعرضت مناطق محافظة السليمانية إلى 151 هجوماً بطائرات مسيّرة وصواريخ في الفترة 2022-2025، منها على 11 هجمات الأقل استهدفت حقل كورمور. بفضل احتياطياته البالغة 75 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي و7 مليارات برميل من النفط. تتمتع هذه المنطقة الصغيرة، التي تبلغ مساحتها حوالي 140كم، بأهمية كبيرة جداً بالنسبة لإقليم كوردستان.

تصاعدت الخلافات بين بغداد وأربيل حول الطاقة في العام 2022، عندما أصدرت المحكمة الاتحادية قراراً بعدم قانونية قانون النفط والغاز في إقليم كوردستان. في صيف نفس العام، وبالتزامن مع مشروع تطوير كورمور (KM 250)، تعرض كورمور للهجوم بالصواريخ ثلاث مرات على الأقل. ثم في العام 2023، عندما كانت الأطراف تستعد لانتخابات مجالس المحافظات وتصاعدت الخلافات بين أطراف إقليم كوردستان، تعرض كورمور مرة أخرى لهجوم بصاروخين.

حدث تغييران مهمان في نوع الهجمات منذ 2024، وهما استبدال الصواريخ التي يسهل الحصول عليها حتى من قبل جماعة مسلحة محلية، بالطائرات المسيّرة التي توسع استخدامها، رغم أن الهجوم الأخير جمع بين طائرات مسيّرة استطلاعية وهجوم صاروخي. في هجمات (2022-2023) كان الاستهداف يتركز في محيط الآبار والمواقع المهمة، لكن الهجمات بالطائرات المسيّرة في 2024 و2025، استهدفت الآبار والخزانات مباشرة، مما يؤثر مباشر على الحياة اليومية لسكان إقليم كوردستان ومشروع كهرباء (روناكي) الحكومي وإمدادات الطاقة لبعض مناطق العراق أيضاً.

الآن، وبعد عمليتين انتخابيتين متتاليتين، وبينما  يقف إقليم كوردستان على أعتاب تشكيل حكومتين، واحدة في أربيل والثانية في بغداد، ومع وجود خلافات بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني من جهة، وخلافات بغداد وأربيل حول الموازنة من جهة أخرى، تعرض كورمور مرة أخرى لهجوم بطائرات مسيّرة.

ويبدو أن؛

عامل استمرار الهجمات وتزامنها مع الأزمات الداخلية يمكن أن يكون مؤشراً على أن هذه الهجمات ليست من عمل جماعة محلية تقوم بها بسبب تقاطع تكتيكي لمصالحها، بل أن تزامنها مع الأزمات الداخلية بين أربيل وبغداد، الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني، يركز الانتباه على أن العقل الستراتيجي الذي يقف وراء الهجمات ربما يرمي إلى إشعال نار الخلافات بغاز كورمور! هذا بالإضافة إلى الهدف الستراتيجي المتمثل في وضع إقليم كوردستان في معضلة من حيث الطاقة وإبقائه تابعاً.

تعرض قطاع الطاقة في إقليم كوردستان، بالتزامن مع الهجمات بالصواريخ والمسيّرات، وبسبب قرار المحكمة الاتحادية ومحكمة التحكيم الدولية في باريس والتزام تركيا بقرار المحكمة، وبسبب الخلافات حول الموازنة ورواتب موظفي إقليم كوردستان، واستئناف تصدير نفط إقليم كوردستان بعد توقفه لأكثر من 30 شهراً، وحدوث تحولات كبيرة في بعض حصص روسنفت في أنابيب نفط كوردستان بسبب العقوبات الأمريكية. فإن المشكلة الأساس ليست في النتائج الاقتصادية، بل في الحسابات الستراتيجية التي تقف وراء هجمات كورمور!

Share this Post

تحليل