RRC |
فواز الطيب|
بعد إقرار الدوائر الإنتخابية وتشكيل الكتل والتحالفات قبل الإنتخابات لإعلان الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة حسب الدستور ، هناك إرباك في التحالفات وطبيعة فرض الضمانات والشروط بعد تكرار نقض العهود والمواثيق وتغييرالمواقف من أغلب الاحزاب المشاركة في نظام الحكم بالعراق الجديد ، وربما التأجيل الثالث من قبل مفوضية الإنتخابات المحكومة من قادة الكتل المتنفذة ينبئنا بمدى الإرباك الذي يسود أروقة الأحزاب .
وبما أن نظام المحاصصة ما زال يفرض نفسه بضغط دولي فإن الأحزاب والجماعات السنية تشظت الى أكثر من فريق وكل يزعم أنه الأقوى فرئيس البرلمان الحالي “محمد الحلبوسي ” إنقلب على أغلب شركائه السنة ودخل باب جنون العظمة بسرعة فائقة دون مكابح مجتمعية وأخلاقية ، وأعتبر ذلك فهلوة سياسية يتطلبها الوقت في المنظومة السياسية العراقية ” وشكل حزب “تقدم” وأغدق الأموال على تابعيه ، ومع ذلك انسحب منه بعض النواب في الحزب ومن تحالف القوى انسحبت بعض الأحزاب بقيادة أحمد الجبوري أبو مازن وخميس الخنجر ( المشروع العربي ) ومحمد تميم وطلال الزوبعي وغيرهم . وعلى الأغلب سيراهن في الإنتخابات على دعم الأحزاب الشيعية الدينية كشركاء لتجديد الثقة به ، ولكن موقفه مهزوز وصعب بعد تجارب لم ينجح بها محلياً واقليمياً وبدا فيها عديم خبرة غير رصين .
أما جبهة الإنقاذ والتنمية بزعامة رئيس البرلمان الأسبق “أسامة النجيفي ” وبعض الأحزاب والشخصيات المنضوية تحت جبهته كسلمان الجميلي وأحمد المساري وعبدالكريم عبطان وعبدالكريم السامرائي ومشعان الجبوري وغيرهم من الجيل القديم يراهنون على الوقت لكشف ضعف الجهات المدعومة من شركائهم الشيعة والكرد ، وعلى ثباتهم بالمواقف وعدم مجاملة الآخر لكسب ثقة الجمهور السني من جديد وهم يعلنون التصدي بشكل واضح للمشروع الإيراني الذي أكل مناطقهم بالظلم واللصوصية والاعتداءات .
تحالف النصر بزعامة “حيدر العبادي ” كان قد كسب مجموعة من شخصيات السنة وخاصة في الموصل وصلاح الدين والانبار ولكن سرعان ما انسحبوا منه بعد انتهاء نشوة النصر الهلامية ضد داعش وعدم تقديم ما هو جديد كمواقف في الوضع السياسي غير الكلام المكرر ، فانسحب ” خالد العبيدي ” وأصبح راعي ( مشروع حزب التصدي ) برفقة محمد العبد ربه ، وعبدالرحيم الشمري المنضوي تحت راية “جمال الضاري ” مع منصور المرعيد ممثل عطاء / فالح الفياض في الجماعات السنية.
ويظهر اسم جديد في الخارطة السنية هو “جمال الضاري” القادم من هيئة العلماء المسلمين للعمل السياسي من داخل العراق كمنافس للخنجر نهجاً وطريقة ، وله تحركات قريبة من الأحزاب الشيعية ، ودعمهم من خلف الكواليس لم يعد خافٍ على المتابعين للحراك السياسي .
وبعد إنسحاب “اياد علاوي” كمعارض للعملية السياسية توزع رفاقه بعدة جبهات أهمهم حامد المطلك وفلاح النقيب وعبدالكريم عبطان وميسون الدملوجي ، ومن الموصل فلاح الزيدان ولطيف الورشان الحديدي معلقين ما بين الحلبوسي والكرابلة والخنجر ، والمقربين من الكرابلة كثابت محمد سعيد الهلاي بك ، ومحمد اقبال الصيدلي ، ومحاسن حمدون الدلي ، ونلاحظ هنا انسحابات من الطبقة الأولى الذين انتهى دورهم تماماً وان كان لهم ظهور خجول أحياناً كمحمود المشهداني ، وصالح المطلك ، وسليم الجبوري .
الحزب الإسلامي العراقي من جهته يبدو أنه حازم أمره بالتحالف مع الجهات المقربة من ايران على اعتبار اصطفافي مع جبهة المقاومة الإسلامية ضد المشروع الامريكي واتباعهم في المنطقة كما يتبنون ذلك فكرياً ونهجاً في ادبياتهم السياسية ، وهم الأقرب لتحالف النصر (ظل حزب الدعوة ) كحراك سياسي في المرحلة الحالية ويوزعون عناصرهم على باقي القوائم بتخطيط متقن ولكل محافظة اسلوبها في التعامل مع ملف الإنتخابات .
- الكرد المنكوبين بنقض العهود والمواثيق والاستهداف الممنهج وخاصة من شركائهم الأحزاب الدينية الشيعية في المهجر ( حزب الدعوة / نوري المالكي – حيدر العبادي ، والفتح / هادي العامري ابو مهدي المهندس ) وتلقوا أكثر من ضربة موجعة منهم ، هم اليوم كذلك في ارباك التحالفات ولا سيما أنها أقرت قبل الإنتخابات وبمواعيد محددة ، وربما الصدريين وتيار الحكمة الأقرب اليهم في هذه المرحلة كخيار لا بد منه فيما إذا كان موقفهم موحد كالسابق ونحن نشهد مخاصمات بين الديمقراطي والاتحاد وتراشق في الكلام والمواقف ، غير محمود .
وللكرد خاصية هنا قد تمكنهم من جمع جميع الأطراف العربية السنية او غالبيتهم لو أحسنوا التدبير والتنسيق بمواقف سياسية ومجتمعية ، وهو ما يجعلهم أقوى بالمواقف مع بغداد بالمناورات السياسية .
وأخيراً هي جبهة “مصطفى الكاظمي ” رئيس الوزراء الحالي ومايمكن له من جذب للشخصيات والأحزاب السنية العربية ، وأول بوادر ذلك اعلان ” حزب المرحلة ” من بعض ثوار تشرين / اكتوبر والمقربين منهم ، وبتنظير ودعم من فريق الكاظمي وحاشيته ، ولكن ما زالت الصورة ضبابية عندهم وتحركاتهم بطيئة نوعاً ما وغير متواصلين مع الأحزاب والشخصيات كحراك سياسي تكاملي ، ولهذا لا يوجد شخصيات سنية عربية لها ثقل سياسي أعلنت عن نفسها في هذا التيار بشكل واضح .
الكاظمي ترك عدة علامات استفهام على أداءه ولم ينفذ أغلب وعوده وفريقه صنع له ” بروباغندا ” اعلامية مثيرة ، ومرر أغلب ما يطمح له من رشحه للمنصب بشروط ، وقد نجح فعلاً في إخماد نار الثورة على المنظومة السياسية وحافظ على نفوذهم بكل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية ، وحقق كل مآربهم دون المساس بشعرة من قتلة المتظاهرين !! .
ويمكن هنا تقسيم المواقف العربية السنية الى ثلاث محاور :
1 – المحور الوطني المناهض لمنهج اللادولة .
2 – منهج المولاة للمشروع الايراني بشكل مباشر أو غير مباشر وصولاً للثراء الفاحش .
3 – المتلونين الراكبين للموجة .
الموعد الجديد لإعلان التحالفات بشكل رسمي هو يوم 27 شباط الحالي كموعد نهائي والى ذلك اليوم لن تتوقف اللقاءات والحوارات ، إذا لم يتفاجأ العراقيون بحدث قد يربك ويبعثر كل اوراقهم السياسية ولا سيما ان ضربات الكاتيوشا للسفارة الامريكية واستهداف ارتال التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لم تتوقف بجانب ملف نووي ايراني قد يحدد مصير المنطقة بشكل آخر .