تحليل

تأثيرات العملة المصدرة وزيادة النفقات وعرض الدولار الامريكي في العراق

14-01-2024


تزداد الاموال التي تقع بأيدي الناس يوما بعد يوم ولا تعود للاسواق والبنوك في العراق. فوصلت في نهاية كانون الاول 2023 الى 101.4 تريليون دينار، منها 93.1 تريليون خارج البنوك و 9.03 تريليون داخل البنوك.

هذه العملات المصدرة تتعلق بالدولارات العائدة من بيع النفط، والتي كانت بحسب بيانات وزارة النفط العراقية في السنة الماضية، 97.5 مليار دولار، اذا لم يكن سعر النفط مثل ما هو عليه الان ولم تأتي تلك الدولارات الى العراق، ما الذي سيحدث لقيمة كل تلك الدنانير الموجودة في الاسواق؟

في السنة الماضية قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار الامريكي شهدت عدم إستقرارٍ كبير، حيث كان التلاعب للمئة دولار 10 آلاف دينار عراقي، وإستمرار عدم الإستقرار هذا سيضر المواطنين والدولة يوماً بعد يوم بشكل اكبر.

في الواقع، هذا الامر لديه جوانب اخرى، وفوق كلها علاقات امريكا والعراق والعقوبات الإقتصادية التي فرضتها امريكا على البلدان. لأن فقط بتحذيرٍ من امريكا بخصوص سعر الدولار مقابل الدينار استطاعت الحكومة العراقية تثبيت سعر الدولار الواحد من 1450 دينار الى 1300 دينار، لكن الدولار في الاسواق يتم التعامل به حتى الان ب1540 دينار. لذلك الشائعات والتصريحات الامريكية تأثر بشكل كامل على الوضع الإقتصادي في العراق.

الجانب الآخر من المسألة متعلق بعرض الدولار على شكل (كاش) والحوالات من قبل البنك المركزي العراقي، في السنة الماضية تم عرض اكبر كمية اموال كنقد (كاش) مقارنة بالخمس اعوام الماضية والذي كان المبلغ 9.1 مليار دولار. وفي هذه الايام لم يصل سعر الدولار الواحد الى 1600 دينار بسبب كمية العرض الكبيرة للكاش والحوالات.

الوجه الثالث لعدم الإستقرار هذا متعلق بسياسة نفقات الدولة، بالأخص نفقات الرواتب، حيث ازدادت نفقات شهر 11 فقط، بنسبة 100% والتي كانت 50% منها للرواتب. وصلت النفقات الى 19 تريليون دينار، في حين ان في الاشهر الماضية كانت من 9 الى 12 تريليون دينار.

هنا ومن خلال عرض بيانات البنك المركزي ووزارة المالية العراقية سنقف عند مسألة العملة المصدرة وعرض الدولار في العراق.

العملة المصدرة وزيادة الإنفاقات وتواجدها في ايدي المواطنين

تزداد نسبة العملة المصدرة يوما بعد يوم في العراق. تم اصدار 13.9 تريليون دينار في السنة الماضية، ففي نهاية كانون الاول من عام 2022 كانت 87.5 تريليون دينار، لكن في نهاية الكانون الاول من عام 2023 وصلت الى 101.4 تريليون دينار.

ايضا الدينار الذي كان في السوق لغاية نهاية التشرين الاول من 2023 وصل الى 93 تريليون دينار، لكن وصلت اموال البنوك في نفس الوقت الى 9 تريليون دينار والتي تعتبر اكبر زيادة خلال المدة الماضية.

وحتى الآن اكثر من 90% من اموال العراق هي خارج البنوك ومتواجدة في الاسواق.

الرسم البياني(1): العملة المصدرة، في الاسواق والبنوك في العراق لعام 2023/ تريليون

المصدر: البنك المركزي العراقي، 08-01-2024

ملاحظة: مجموع الدینار العراقي لشهر دیسمبر المحدد في العراق بالمقارنة مع شهر نوفمبر قد قل بحسب البیانات الرسمیة، في حین انه من المفترض ان یزید

إرتفاع النفقات؛ تكدس الاموال في البيوت والاسواق والبنوك

نفقات العراق خلال ال15 اشهر الماضية وصلت الى 109 تريليون دينار، في حين ان في 2022 وخلال المدة نفسها كانت 89 تريليون دينار، في الحقيقة الزيادة هذه محل وقوف، لان مجموع ال10 اشهر كانت 90 تريليون، لماذا وصلت في شهر 11 الى 19 تريليون؟

هذه الزيادة في المصاريف لتلك ال11 اشهر لم تكن للمشاريع الإستثمارية بل كانت بسبب ارتفاع نفقات الرواتب في الشهر الاول من 2023 الى 37.6 تريليون دينار، لكن في شهر تشرين الثاني كانت 42.1 تريليون دينار، اي ان النفقات زادت 4.5 تريليون دينار، نفقات ال11 اشهر في العراق كانت 5 اضعاف مجموع الميزانية السورية ونصف الميزانية الإيرانية لعام 2023، فالميزانية العامة لإيران كانت 52 مليار دولار وميزانية سوريا كانت 5.88 مليار دولار في عام 2023.

خلال تلك ال11 اشهر إذا قارننا الاشهر(9 و 10 و 11) سنرى بشكل واضح ان اكبر نسبة نفقات كانت لوزارة الداخلية والتي وصلت إلى اكثر من 11 تريليون، ثم تأتي وزارة التربية ب9.3 تريليون دينار، اي ان زيادة النفقات والتعيينات كانت في تلك الوزارتين فكانت في وزارة الدفاع 120 مليار ووزارة التربية 300 مليار مثل ما هو موضح في الرسم البياني.

الرسم البياني(2): نفقات العراق للوزارات والمؤسسات في الاشهر:( ايلول، تشرين الاول وتشرين الثاني)من عام 2022

 المصدر: وزارة المالية، 09-01-2024. للإطلاع على كامل التفاصيل الرجاء الإطلاع على ملف الايكسل المرفق في النهاية.

عرض الدولار وإستمرار عدم إستقراره امام الدينار

بالإطلاع بشكل عام سنرى ان في عام 2023 بالمقارنة مع 2022 تم عرض الدولار اقل ب1.46 مليار دولار على شكل حوالات ونقد(كاش)، لذلك السنة الماضية شهدت اكبر نسبة تصاعد وتنازل في الاسواق. فمثلاً كان العرض في العراق في عام 2023، 46.7 مليار دولار وفي عام 2022، 48.2 مليار دولار كما هو موضح في الرسم البياني في الادنى.

الرسم البياني(3): عرض الدولار على شكل حولات وكاش بين 2018-2023

 ايضا من ناحية النقد(الكاش) والحوالات، اعلى نسبة عرض للدولار خلال ال6 اعوام الماضية كانت في عام 2023 والذي كان 9.1 مليار دولار، في حين ان في عام 2022 كان 8.9 مليار دولار، اي ان العرض كان اعلى بأكثر من 200 مليون دولار، لكن كانت اقل نسبة حوالة بالمقارنة ب2022، ففي عام 2023 حول  البنك المركزي 37.6 مليار، لكن في عام 2022 كان 39.3 مليار دولار، اي انه كان قد تم تحويل 1.7 مليار دولار اقل.

الرسم البياني(4): عرض الدولار النقدي(كاش) مدة ما بين 2018-2023 من قبل البنك المركزي العراقي

الختام

في اواخر العام الماضي وفي مثل هذه الايام وصل سعر الدولار الواحد تقريباً من 1500 الى 1550 دينار، وكان ذلك بسبب قرار توحيد العملة داخل البلاد، والعرض اليومي الكبير الذي كان يصل الى اكثر من 200 مليون دولار نقد وحوالات، لكن التسهيلات للتعامل بالدولار منعت ظهور تأثير قرار التعامل بالعملة الموحدة في السوق والتعاملات المالية.

الآن يحدث أمران مهمان، زيادة الإنفاق وزيادة العملة المصدرة في العراق، لكن بسبب بقاء الدولار في الاسواق وعدم عودته الى الدورة الإقتصادية للبلد يوماً ما هذه التريليونات من الدنانير سواء على شكل عملة ورقية أو بأي شكل آخر، ستظهر وتنكشف قيمة الدينار العراقي.

وأخيرا، فإن تصريحات البنك المركزي لا تؤثر بشكل مباشر على قيمة الدينار مقابل الدولار في الأسواق، لأن القدرة على إصدار النقد والتحويلات المالية تعتمد على العرض الأمريكي للدولارات بدلا من مبيعات النفط وتحصيل الإيرادات، ولم يقم شركاؤهم الاقتصاديون الرئيسيون بذلك. وكان له تأثير كبير على عملاتها مثل الدرهم الإماراتي.

Share this Post

تحليل