تحليل

تفسيرات قرار المحكمة الاتحادية بشأن برلمان اقليم كوردستان

04-06-2023


بعد تسع جلسات مليئة بالتوتر، أصدرت المحكمة الاتحادية الحكم العاشر الأبرز في قضايا الأكراد منذ استفتاء 2017. هذا القرار هو الخامس عشر في هذا العام (2023) واعتبر تمديد الدورة الخامسة لبرلمان كردستان كغير قانوني ومخالف للدستور، وبالتالي انتهت التوقعات والمناقشات القانونية حول هذا الموضوع.

قرار المحكمة البالغ عدد صفحاته 20 مليء بتحليل تفصيلي وشامل لأسباب رفض القانون رقم 12 لعام 2022. قامت المحكمة ببناء قرارها على بعض القواعد الداخلية لبرلمان إقليم كوردستان وبعض القيود والاتفاقيات السياسية. هذا التفصيل يزيل الشكوك التي تدّعي أن الهدف هو تقييد إقليم كوردستان، وهو رأي شائع في الوسط السياسي وبين بعض النخب في إقليم كوردستان.

قرار المحكمة الاتحادية يثني على شجاعة وتفرد الانتخابات الأولى في إقليم كوردستان عام 1992، ويؤكد بوضوح على دستورية إقليم كوردستان، مع الإصرار على أنه ضمن الإطار السياسي العراقي، البرلماني، الفيدرالي والديمقراطي.

وبالتالي، كنص ثابت، فإن قرار المحكمة لا يحتوي على روح معادية للحكومة الإقليمية الكردستانية، بل يحتوي على تسوية وحتى بعض قد تكون هذه الفرصة بمثابة منصة لتجاوز الخلافات المتعلقة بقانون الانتخابات والآلية المتبعة لإجرائه، حيث قد أسس القرار الأساس لمعيار دستوري جديد في كردستان وفي العراق بأسره، يهدف إلى عدم تمديد فترة البرلمان المنتخب بصورة مفرطة والحفاظ على احترام الدستور والقوانين. إقليم كوردستان يمتلك تاريخا طويلا في تمديد فترة البرلمان، ولذا، وبعد مرور 31 عاما على الانتخابات الأولى، نجد أنفسنا الآن على أعتاب نهاية الدورة الخامسة للبرلمان، بينما كان يفترض أن نكون في طريقنا نحو الدورة الثامنة.

على الرغم من الجهود العديدة التي بُذلت لجعل نص قرار المحكمة الاتحادية واضحاً وغير مشكل، إلا أنه إلى جانب تأثيراته القانونية، فإن آثاره السياسية وطريقة استخدامه تثير الجدل. فهذه هي المرة الأولى التي تصبح فيها محكمة اتحادية في بغداد حكماً في نزاع داخلي خالص، وهو ما يمكن تفسيره بأن كوردستان لم تعد الجهة الوحيدة المسؤولة عن تحديد مصير قضاياها، ويمكن أن تتكرر تجارب مشابهة في قضايا أخرى.
كذلك، ولأن القرار ألغى الخطوات البرلمانية التي اتخذت بعد 6 نوفمبر 2022 في إقليم كوردستان، أصبح الإقليم الآن بدون مفوضية للانتخابات. للهروب من هذه الفجوة القانونية، يجب اللجوء إلى المفوضية الاتحادية، وهو أمر قد يتسبب في الإضرار بمؤسسات إقليم كوردستان ونظرائها في بغداد. ويأتي هذا في ظل التجربة الانتخابية في العراق التي تعود إلى عام 2005، والتي تأخرت 13 سنة عن تجربة إقليم كوردستان.

على المستوى التنفيذي، يثير قرار المحكمة تساؤلات حول مصير الهيئة التنفيذية في الحكومة، التي كانت قد حصلت سابقا على شرعيتها من البرلمان. في كوردستان، لا يوجد دستور يحدد الحلول الممكنة لهذه الفجوة أو يعرف "حكومة تصريف الأعمال". ولكن، في أقرب مثال يتعلق ببغداد، قامت المحكمة الاتحادية بتفسير دستوري (121/2022) بشأن المادة (64 / أ)، مستشهدة بحل البرلمان كسبب لتحول الحكومة إلى "تنفيذية". وفي هذه الحالة، يصبح واجب الحكومة القيام بالأمور اليومية، خاصة تلك ذات الطابع الخدمي، دون أن تكون الحكومة قادرة على اتخاذ قرارات سياسية. القرض وتعيين كبار المسؤولين والتنازل عن المناصب، وغيرها، قد تثير مشكلات لموقف إقليم كوردستان على مستوى بغداد في الوقت الحالي، وقد تشدد العلاقات بين أربيل وبغداد.

أثار عدد من نواب الاطار التنسيقي الشيعي مسألة أن حكومة إقليم كردستان أصبحت سلطة تنفيذية ، وبالتالي لم يعد لديها القدرة على الإصرار والمطالبة والاتفاق مع حكومة بغداد. ومن لا يبحث عن مشاكل ويأمل نجاح تجربة السوداني يأخذ بعين الاعتبار الوضع في اقليم كوردستان ويمرر القرار ونتائجه بصمت خاصة ان مفاوضات الموازنة وصلت الى مرحلة حساسة وصعبة.

يأتي قرار المحكمة الاتحادية بشأن برلمان كوردستان وسط عدد من المشاكل الأخرى في كوردستان والعراق ، وتفاقم الانقسامات الداخلية ، وتزايد الانتقادات الخارجية لكوردستان ، وعودة التهديدات الأمنية بحجة وجود قوات المعارضة الكوردية ، وتعرضت قضية صادرات نفط إقليم كوردستان الى تركيا والى عقد ومشاكل عديدة ومصيرها غير واضح ، وهذا الوضع يمثل فرصة جيدة لتوظيف واستغلال قرار المحكمة الذي لا يمثل إشكالية مثل النص والمزيد من التركيز على عدد من النصوص والمبادئ القانونية في موعد الانتخابات.

Share this Post

تحليل