تحليل

تقييم اولي لنتائج انتخابات مجالس محافظات العراق لعام 2023

21-12-2023


تمت العملية الإنتخابية لماجلس محافظات العراق بمشاركة 6 مليون و 600 الف ناخب والذين شكلوا 41% من إجمالي من كان لهم حق التصويت. ولأن إجمالي الناخبين هو اكثر من 26 مليون يمكننا القول ان هذه الإنتخابات ونتائجها تمثل حوالي 25% من إجمالي الناخبين. لتلك الإنتخابات اهمية كبيرة ليس فقط لأن نتائجها تمثل توجه الناخبين بل لأن بإمكانها ان تكون اساسا لبناء توقعات سياسية مستقبلية.

كيف ننظر للنتائج؟

قبل كل شيء يمكننا القول بأن نجم الحلبوسي كقيادي جديد للسنة بقي ساطعا والذي بعد إستبعاده عن منصبه كرئيس للبرلمان كان هناك الكثير من الاقاويل حول التنائج التي سوف يحققها. قائمته فازت بالمركز الاول في الانبار. المرتبة الثانية والثالثة ايضا لقوائم قريبة منه. في بغداد اتيحت له الفرصة للفوز بالمرتبى الاولى بسبب إضراب الصدريين عن الإنتخابات. فازت قائمته بالمرتبى الثانية في ديالى وبالمرتبى الرابعة في كل من نينوى وصلاح الدين.

النقطة الملفتة في هذه الإنتخابات هي ان قائمة دولة القانون لنوري المالكي فازت بالمرتبى الاولى فقط في محافظة المثنى وذلك وبالرغم من ان عدد اصواتها كانت قد زادت  29 الف صوت. في حين ان في انتخابات 2021  كانت قائمته الفائزة بالمرتبى الثانية بعد الصدريين في 4 محافظات على الاقل. انتخابات عام 2023 كانت فيها منافسة داخلية بين اطراف الإطار التنسيقي وفي ذلك "تحالف نبني" والذي يمكن إعتباره إمتدادا لإئتلاف الفتح مع القليل من التعديلات قد فاز بالمرتبى الاولى في 5 محافظات. وقائمة المحافظين (التصميم ، إبداع كربلاء، واسط اجمل) فازت بالمرتبى الاولى في ثلاثة محافظات: البصرة واسط وكربلاء وتمكنوا من اثبات مكانتهم كرقم مهم في المنافسة الداخلية الشيعية.  

رابعا: في الحقيقة بالمقارنة مع إنتخاببات 2021 زادت اصوات الكورد لكن هناك نوع من البعثرة في الاصوات والسبب المهم لذلك هو تعدد قوائم الكورد. المجموع العام للثلاثة اطراف: الحزب الديمقراطي الكوردستاني والائتلاف الكوردستاني وحركة الجيل الجديد كان 138411 صوت في 2021 لكن في هذه الإنتخابات مجموع اصوات الاطراف الثلاثة هو 210741 صوت ذلك ما عدا اصوات الاطراف الاخرى. مجموع مقاعد الاكراد هو 7 مقاعد، نقطة الانكسار هي انه لم يتمكن من تحقيق نصف او نصف +1 والذي كان من الممكن تحقيقه مع هذا العدد من الاصوات. وبهذا فإنه سيضطر للإستعانة بطرف آخر للحصول على منصب المحافظ. في عام 2021 كان عدد اصوات الكورد في ديالى 21722 صوت لكن في هذه الإنتخابات عدد اصوات الثلاثة اطراف الكوردية في ديالى 30918 صوت. في نينوى مجموع اصوات الاطراف الكوردية في إنتخابات 2021 كان 167521 صوت في هذه الإنتخابات كان العدد 173877  صوت. كما هو ظاهر وبعكس الشيعة والذين اتخذوا استراتيجية القوائم المشتركة في المحافظات المختلطة الاطراف الكوردية شاركت في الانتخابات بقوائم متعددة وذلك وبالرغم من ارتفاع نسبة الاصوات لكن هناك بعثرة واضحة. في صلاح الدين شارك الاكراد مع ائتلافات اخرى لذلك الوضع هناك مختلف.

خامسا: في كركوك فاز الإتحاد الوطني الكوردستاني بالمرتبى الاولى وكان ذلك بمثابتة تجربة لرئيس الحزب والذي اثبت مكانته كرئيس للحزب ومن الظاهر انه قد نجح في ذلك. في انتخابات 2021 كان قد حصل على 63371 صوت لكن هذه المرة حصل على نحو 140 الف صوت.

سادسا: في كركوك التركمان ایضا انقسموا الی التركمان السنة- الجبهة التركمانیة والتركمان الشیعة. الجبهة التركمانیة لم تستطع اثبات مكانة اقوی لنفسها وفازت بمقعدین. ومن الناحیة الثانیة ظهر العرب السنة بشكل اقوی.

تأثير النتائج

نتائج الإنتخابات ستقوي مكانة الإطار التنسيقي اكثر في العراق. هم الاغلبية في البرلمان الان والحكومة بايديهم الان ومن خلال مجالس المحافظات ومنصب المحافظ سيثبتون قوتهم بشكل اكبر. نفوذهم لا تقتصر فقط على جنوب ووسط العراق بل من خلال قائمتهم او من خلال الادوات السياسية التي يمتلكوها سيكون لهم دور في الإدارات المحلية في نينوى وكركوك وحتى الانبار وصلاح الدين. في نينوى قائمة نينوى لألها والتي يترئسها محافظها السابق نجم الجبوري قد حصلت على المرتبى الاولى ولكي يتمكن من الحصول على منصب المحافظ يحتاج الى دعم من الشيعة لكي يتخلص من تهمة البعث التي كانت سبابا لإقالته من منصبه. لكي تحصل قائمة الحلبوسي على رئاسة البرلمان مجددا يجب ارضاء الاطراف الشيعية في البرلمان  بذلك ومن الممكن ان في المقابل الاطراف الشيعية ايضا يطالبون بدور اكبر في الانبار. ايضا لكي يحصل الاكراد على منصب محافظ كركوك يحتاجون الى دعم منهم.

من الممكن ان تكون النتائج مفرحة بالنسبة للصدر في حين ان المالكي قد فشل في تحقيق المرتبى الاولى في كثير من المحافظات ولم يحصل ائتلاف نبني على البصرة. ائتلاف نبني الذي يترأسه هادي العامري حصل على المرتبى الاولى في 5 محافظات مع تقدم 3 محافظات ماضية (كربلاء-واسط-البصرة) امر افضل من فوز قائمة المالكي بالنسبة للصدر. لأن الصدر يمكنه التعامل بشكل اسهل مع المحافظين وهادي العامري.

الامر الملفت الآخر هو ان منافسي الحلبوسي من السنة والذين غالبيتهم سياسيين قدامى ووزراء الحكومات السابقة مثل رافع العيساوي وخالد العبيدي وغيرهم لم يستطيعوا غلب الحلبوسي. وبذلك يكون الحلبوسي قد سجل اسمه كأقوى سياسي سني من الجيل الجديد.

من الممكن ان تكون عدد كراسي الاكراد في ديالى، صلاح الدين، كركوك ونينوى اقل  وبالرغم من ان بشكل عام عدد الاصوات كان قد زاد. لكن مع ذلك في المرحلة القادمة سيكون دورهم في الإدارات المحلية ومجلس المحافظة اكبر في كل من كركوك ونينوى ومنذ عام 2017 كان قد واجه مشاكلا وذلك سوف ينعكس ايجابا في الظروف الحالية.

النجاح القانوني ومشاكل التمثيل

لا توجد هناك بلبلة حول كيفية مرور العملية الإنتخابية وما هو ظاهر هو عدم وجود اي مشكلة قانونية لكن الامر الرئيسي هو ان تلك النتائج الى اي حد تمثل ارادة المواطنين. في بغداد و 9 محافظات جنوبية ووسط العراق ذلك ما عدا المثنى والبصرة والتي زادت نسبة المشاركة فيهما، في المحافظات الاخرى انخفضت نسبة المشاركة بنسبة 7% مقارنة بعام 2021. ويمكن ان يكون ذلك بسبب طلب الصدر للإضراب عن المشاركة في الإنتخابات. ارتفاع نسبة عدم المشاركة يمكن اعتباره فوزا غيابيا للصدر والذي يمكنه ان يوسع نقوذه اكثر في المرحلة المقبلة في حالة لجوءه الى الشارع والاعتراض السياسي.

بالطبع مشهد المشاركة في محافظات كركوك وصلاح الدين والانبار ونينوى كان مختلفا اختلفت النسبة بين 53-65 وذلك اثر في رفع نسبة المشاركة في عموم العراق. سبب ذلك هو ارتفاع المنافسة القومية- الدينية ووجود منافسين شرسين من التحالفات. ما عدا صلاح الدين في المحافظات التي كانت فيها نسبة الائتلافات كبيرة ايضا مشاركة الناخبين فيها كانت اعلى. كانت بغداد والبصرة ونينوى بين المحافظات التي تضمنت اكبر عدد من الائتلافات وفي جميع تلك المناطق ما عدا الرصافة كانت نسبة المشاركة فيها قد زادت.

Share this Post

تحليل