تحليل

طريق التوابل,طعم طريق مر للعراق!

14-09-2023


تمهيد

اطلاق مؤتمر التوابل, بأمكانه ان يكون ضربة فعالة لمشروع طريق التنمیة العراقي الذي بنى السوداني حلم  ربط اسيا باوروبا عليه. في الحقيقة مشاريع البنى التحتية العالمية هي سياسية بقدر كونها اقتصادية, ويمكن ان يكون هذا سببا لغياب العراق في دائرة المشروع الجديد لربط اسيا باوروبا الذي تم الاعلان عنه في اخر اجتماعات .G20

طريق التوابل

كل من الدول (الهند,السعودية,الامارات,الاردن,اسرائيل,ايطاليا وفرنسا) اتفقوا بدعم من الولايات المتحدة بأن يضعوا فعليا خطة للعمل على طريق التوابل في غضون شهرين والتي تتكون من جزئين.الممر الاقتصادي للهند-الشرق الاوسط- اوروبا(التوابل)في البداية تربط الهند مع دول الخليج والذي يشكل الجزء الشرقي ,ثم في الجزء الاخر (الشمالي), من خلال السعودية والاردن تسير نحو ميناء حيفا في اسرائيل ومن هناك نحو اوروبا عبر الطريق المائي.

بالمقارنة بمشاركة الدول في اقتراحية الصين لطريق الحرير الجديد –Belt and Road Initiative- والتي شارك فيها حتى الان 149 دولة, الدول المشتركة في طريق التوابل قليلة, ولكنهم الاقوى من الناحية الاقتصادية والامنية. مجموع اقتصاد الثمانية دول المشاركة مع  الولايات المتحدة يبلغ 42 ترليون دولار من مجموع 105 ترليون دولارللعالم اجمع. هذا ما عدا انهم من الناحية العسكرية بعض تلك الدول اعضاء في الناتو او مشتركين فيها والامم المتحدة تدعمهم كقوى عظمى في العالم. وبالرغم من ان كل من السعودية,الامارات وايطاليا مشتركين ايضا في المشروع الصيني, ولكن في توسط الهند في مشروع البهارات والذي هو منافس للصين, وايضا الدعم الاميريكي للمشروع, مع احتمالية انسحاب ايطاليا من المشروع الصيني, جعلهم ينظرون الى طريق التوابل كبديل للمقترح الصيني عام 2013.

بالاخص في النظر الى هذا المشروع مع  اتفاقية ابراهام في 2020 وتأسيس جماعة I2U2 في 2021 معا والتي هي جماعة تعاونية بين الهند والولايات المتحدة والامارات واسرائيل. في الحقيقة مع انخراط الاقتصاد العالمي والدور الصيني في ذلك, من المستحيل على الاقل في الوقت الحالي  لهذا المشروع ان يستطيع استبعاد الصين من الاقتصاد العالمي, ولكن بامكانه ان يكون عاملا مهما لتوازن الجغرافيا السياسية في العالم.

حلم الطرق في العراق

في ديسمبر 2015 اصبح العراق عضوا في المقترح الصيني (BRI)وفي عهد مصطفي الكاظمي كان مشروع الشام الجديد اكثر محطا  للنقاش والذي كان يسعى لانخلاط اكبر بين العراق والاردن والوصول لاوروبا. في الحقيقة عدم الاستقرار الداخلي وبالاخص تشنجات الاطراف الشيعية , تفوق الرؤية الاسلامية الواسعة على المصالح الاقتصادية والسياسية, جعل مشروع الشام الجديد منسيا او على الاقل اقل محضا للاهتمام.

بعد استلام محمد شياع السوداني منصب رئيس وزراء العراق, اطلق مؤتمرا لطريق التنمية ودعا ممثلين من بعض الدول المجاورة واكد مرات عدة بان هذا المشروع سوف يفتح الطريق للعراق نحو العالم وسوف يربط بين الشرق والغرب. بالطبع انشاء طريق يربط بين الشرق والغرب سوف يكون انجازا اقتصاديا وسياسيا كبيرا للعراق, لكن من الممكن لطريق التوابل ان يهدم هذا الحلم.

قبل الاعلان عن طريق التوابل اسس كل من الولايات المتحدة الاميريكية,الهند,اسرائيل والامارات عام 2021 مجموعة I2U2 والذين يتعاونون  في مواضيع مختلفة معا. منذ عام 2020من خلال اتفاقية ابراهام يتم العمل على تحسين العلاقات الاسرائيلية العربية.ما عدا ذلك كل من فرنسا والولايات المتحدة قاموا بتقوية استعداداتهم العسكرية في الخليج, لكن العراق في حين الحديث حول طريق التنمية والذي ينتشر في مساره عشرات من الجماعات المسلحة والذين لم يستطيعوا حتى تنفيذ اتفاقية سنجار التي هي مثلها مثل اتقاقية امن سهل نينوى من اهم احتياجات تنفيذ هذا المشروع. ماعدا ان ليس فقط من خلال حجج تكنيكية تم استبعاد الاقليم من المشروع بل اصبحت فكرة مقدرة  العراق لتحجيم وتضعيف كوردستان من خلال تنفيذ هكذا مشاريع اكثر قوة والذي يعني زعزعة الاستقرار على المدى الطويل.بشكل عام عدم استقرار النظام السياسي والذي يتمرجح بين الفيدرالية والمركزية, يشكل مخاطر كبيرة في طريق مثل هذه المشاريع.هذا ما عدا ان من الممكن الصراعات بين الدول في هذه المنطقة تأثر على هذا المشروع العراقي.

الختام

بالطبع انشاء طريق للنقل ليس كافيا لان يجعل الدولة ذو مسار عالمي بل قدرة توفير الامن والاستقرار هو شرط اخر لذلك.والظاهر ان العراق بسبب ظهور الصواريخ في الحين والاخر من قبل الجماعات المسلحة, ناهيك عن التشنجات الشيعية, والاختلافات العميقة مع اقليم كوردستان والقضايا سنية العالقة, لم يكن محط اهتمام كثير من اطراف طريق التوابل.

Share this Post

تحليل