تحليل

توقعات أوبك لعام 2050: أسس متفائلة وسيناريوهات مستقبل النفط

26-09-2024


المقدمة

نشرت منظمة اوبك تقريرها السنوي "توقعات النفط العالمية-2050" يوم 24 ايلول 2024 في ريو دي جانيرو البرازيلية، فبحسب التقرير وعلى الرغم من عدم إستقرار النفط من حيث نواحِ مختلفة إلا انه هناك تفاؤل كبير في هذا التقرير من حيث زيادة الطلب على النفط وتوفيره من قبل الدول المنتجة للنفط.

التقرير يتضمن 290 صفحة  وبالإعتماد على 3 اسس رئيسية و 3 سيناريوهات مختلفة اوضح من خلاله العرض والطلب على  سوق الطاقة، لكن التركيز كان على مستقبل النفط وبالأخص بعد تقرير وكالة الطاقة الدولية عن النفط والطاقات الشائعة.

على خلاف توقعات وكالة الطاقة الدولية لمستقبل النفط، تتوقع اوبك ان تزيد نسبة الطلب على النفط الى 24% حتى مطلع عام 2050 وذلك خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حيث تشكل الهند والصين الركيزتين الرئيسيتين لهذه الزيادة في الطلب حيث ان الفحم هو المصدر الوحيد للطاقة الذي سيقل الطلب عليه خلال 25 عام قادمة في حين ان الطلب اليومي العالمي على النفط سيصل الى 120 مليون برميل في اليوم.

وهنا، استنادا إلى سيناريوهات أوبك ومقارنة مبادئها ببيانات البنك الدولي والأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي،سنركز على تفاؤل أوبك بمستقبل النفط والتغيرات في المستقبل.

2050ركائز زيادة الطلب على النفط للسنوات المقبلة حتى عام

بحسب اوبك زيادة عدد السكان، النمو العالمي للإقتصاد وتحضر سكان العالم هي الركائز الأساسية لزيادة الطلب على النفط والمصادر الشائعة للطاقة حتى عام 2050 وسيحتاج الى 17.4 تريليون دولار آخر للإستثمار وحفر آبار جديدة وزيادة انتاج النفط.

بحسب بيانات الأمم المتحدة بلغ سكان الأرض 8.2 مليار نسمة في عام 2024 حيث ان هذا العدد سيصل الى 9.7 مليار حتى عام 2050 وقد اشير الى هذا العدد في تقرير اوبك ايضا واغلب ذلك العدد هو خارج دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية(OECD).

الركيزة الأخرى ذات الأهمية في زيادة الطلب على النفط هي إرتفاع عدد سكان المدن ولذين سيصل عددهم حتى عام 2050 الى 6.6 مليارفي السنة(بحسب اوبك) وبحسب احدث تقرير للبنك الدولي يعيش الآن 56% من السكان في المدن اي 4.4 مليار شخص وسيتضاعف هذا العدد حتى عام 2050 وهذا العدد هو اكبر من توقعات اوبك  حيث توقعت اوبك بأن يعيش 7 من اصل 10 من السكان في المدن ذلك يعني ان 80% من مجموع نمو الناتج المحلي العالمي سيكون من المدن. ايضا زيادة عدد سكان المدن يعني بالتالي زيادة القوى العاملة الذين سيصل عددهم الى6.5 مليار وحوالي 870 مليون قوى عاملة جديدة ستدخل سوق العمل.

الركيزة الثالثة لتفاؤل اوبك بمستقبل النفط هي بسبب توسع وتضخم الإقتصاد العالمي وذلك يختلف عن توقعات صندوق النقد الدولي حيث ان بحسب اوبك سينمو الإقتصاد الدولي سنويا بنسبة 2.9% من الآن وحتى 2050 لكن هذا النمو هو خارج دول منظمة التعاون الدولي للإقتصاد والتنمية(OECD) وان دول (OECD) سينمو إقتصادها بنسبة 1.6%. هذا النمو الإقتصادي سيتضاعف من 165 تريليون دولار لعام 2023 الى 358 تريليون دولار في عام 2050.

في الواقع فقط في الركيزة الثالثة هناك إختلاف بين اوبك والمنظمات الأخرى حيث ان صندوق النقد الدولي في تقريره السنوي حول النمو الإقتصادي العالمي اشار الى ان الإقتصاد العالمي سينمو بنسبة 2.4% بشكل سنوي حتى عام 2050 وذلك اقل بنسبة 0.5% من توقعات اوبك.

سيناريوهات زيادة الطلب على النفط في المستقبل

من المتوقع ان يزيد الطلب العالمي على النفط بنسبة 24% خلال 25 سنة مقبلة، حيث ان البلدان النامية هي السبب الرئيسي لذلك، ومن بينها الهند التي تشكل 30% من مجموع زيادة الطلب.

بحسب توقعات اوبك ستزيد نسبة الطلب اليومي على النفط من 102.2 مليون برميل يوميا الى 120.1 برميل في 2050، وحتى 2029 سيصل الى 112.3 مليون برميل نفط.

عرضت اوبك سيناريويين مختلفين لمستقبل النفط، ففي السيناريو الأول المرتبط بالتكنلوجيا يشير التقرير الى اهمية دور التكنلوجيا في تقليل انبعاثات ثاني اكسيد الكربون ايضا تغيرات سوق الطاقة من حيث الطلب والإستهلاك، حيث يتحدث عن الحد من انبعاثات ثاني اكسيد الكربون لتقليل ارتفاع درجات الحرارة لأكثر من درجتين، سيستقر الطلب العالمي للنفط من 100 مليون برميل يوميا حتى عام 2040 ثم يقل الى 96 مليون برميل في اليوم، وهذا يعني اختلاف الطلب على النفط بنسبة 24 مليون برميل في اليوم بحسب السيناريو الأول لاوبك.

اما السيناريو الثاني المعروف بالنمو العادل، يتحدث عن وجود إقتصاد عادل وتوفير رفاهية افضل للدول النامية سيرفع نسبة الطلب على جميع مصادر الطاقة.

في هذا السيناريو من المتوقع ان يصل الطلب العالمي على النفط حتى عام 2030 الى 115 مليون برميل في اليوم وهذا الإرتفاع سيزداد حتى يصل الى 127 مليون برميل في اليوم مما يعني ان في هذا السيناريو سيزداد الطلب بنسبة 2 مليون برميل في عام 2030 و 7.1 برميل نفط في عام 2050 اكثر من السيناريو الأول.

النهاية

ومن المتوقع أن يتزايد الطلب المتزايد على جميع أشكال الطاقة غير الفحم بشكل متناسب حتى عام 2050. وبحسب منظمة الدول المصدرة للنفط، مثل وكالة الطاقة الدولية، فإن الترتيب الأول للطاقة المتجددة (الشمسية وطاقة الرياح) سيرتفع بنسبة 445% بين عامي 2023-2023. وإذا ساوينا الطاقة المتولدة من الطاقة المتجددة ببرميل النفط فإنها سترتفع من 9.6 مليون برميل يوميا إلى 52.4 مليون برميل يوميا. ثاني أكبر زيادة في الطلب على الطاقة هي للغاز الطبيعي، متقدما على النفط، بينما وفقا لمنظمة أوبك، من المتوقع أن يرتفع الطلب على النفط بمقدار 16.7 مليون برميل يوميا.

كما أن الطلب العالمي على النفط والغاز سيشكل 53 في المائة من إجمالي الطاقة في العالم بحلول عام 2050، وسيمثل النفط وحده ثلث أو 29 في المائة فقط من إجمالي الطاقة في العالم حسب وكالة الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة الأمريكية. لذلك، يقول سيناريو الصفر الصافي لوكالة الطاقة الدولية إن "الطلب على النفط سيصل إلى 55 مليون برميل يوميا بحلول عام 2050"، وهو أقل من نصف ما حددته أوبك في السيناريو الأسوأ لمستقبل النفط.

من المقرر  يوم 16 من الشهر المقبل أن تصدر وكالة الطاقة الدولية (IEA) تقريرها السنوي حول توقعات الطاقة العالمية 2024 ، ولن يكون ذلك مختلفًا فحسب، بل من المتوقع أن يكون عكس ما نشرته أوبك تمامًا.

واذا قارننا تقرير العام الماضي مع تقرير هذا العام سنرى ان الطلب زاد، حيث ان في تقرير 2023 سيكون الطلب العالمي للنفط في عام 2030 يوميا 102 مليون برميل، اما في تقرير 2024 سيكون الطلب العالمي للنفط يوميا في 2030 سيزداد الى 102.1 مليون برميل في اليوم.

وفي العقدين المقبلين، في عام 2045، وفقا لتقرير أوبك العام الماضي، سيرتفع الطلب العالمي على النفط إلى 106.1 مليون برميل يوميا، لكن تقرير هذا العام سيرتفع إلى 108.5 مليون برميل يوميا. وتعتمد هذه الزيادة المستمرة في الطلب على النفط في المستقبل على النمو الاقتصادي في البلدان النامية والنمو السكاني والتحضر.

وأخيرا، تستند السيناريوهات إلى توقعات السكان والنمو الاقتصادي والتوسع الحضري، مع الأخذ بعين الاعتبار بالتأكيد التقدم التكنولوجي والتغيرات الجيوسياسية والديموغرافية في العالم. ومن الواضح على الجانبين أن التوقعات طويلة المدى لقطاع الطاقة غير مستقرة وأن هناك فرصا كبيرة فضلا عن التحديات الكبيرة، وقبل كل شيء الحفاظ على توازن التنمية المستدامة. التنمية العادلة وتوفير الطاقة لمليار شخص في العالم لم يحصلوا بعد على الكهرباء، فضلا عن تغير المناخ وتطورات البنية التحتية الاصطناعية التي ستؤثر على جميع السيناريوهات في العقود المقبلة.

المصادر

OPEC Secretariat, September 2024, World Oil Outlook 2050, Vienna, Austria, www.opec.org

World Bank Group. “Urban Development.” World Bank, world Bank Group, 3 Apr. 2023, www.worldbank.org/en/topic/urbandevelopment/overview. Accessed Sept. 23AD.

 United Nations Department of Economic and Social Affairs, Population Division (2024). World Population Prospects 2024: Summary of Results (UN DESA/POP/2024/TR/NO. 9).

IEA (2023), World Energy Outlook 2023, IEA, Paris https://www.iea.org/reports/world-energy-outlook-2023, Licence: CC BY 4.0 (report); CC BY NC SA 4.0 (Annex A)

Share this Post

تحليل