قيل سابقاً بأن الأفكار تقود العالم وتحكمه، لذلك فالعالم عبر تاريخه الاجتماعي والسياسي الطويل شهد حروب أفكار أكثر مما شهد حروباً بالأسلحة.

هذه المقولة تبدو صحيحة إذا اعتمدنا عدداً قليلاً من الأحداث الفارقة المجتزأة من سياق مجمل الأحداث المؤثرة، أو إذا توقفنا عند حالات استثنائية تظهر تأثير ونفوذ مجموعات الفكر المنظم وعلاقتها بالسلطات والمجتمعات على الساحة الدولية، الحالة الأكثر استثنائية في عالمنا المعاصر التي تبين قوة الأفكار وربما تفتح السجال حول دور مراكز الفكر في المشهد السياسي العالمي، هي حالة مجموعة: مشروع للقرن الأمريكي الجديد Project for the New American Century  المعروف اختصاراً: بـ(بناك PNAC) ففي العام 1990م شكلت مجموعة من المثقفين والناشطين ضمن صفوف المحافظين الجدد الأمريكيين مجموعة ضغط فعالة، بدعم مالي من قطاع صناعة السلاح في أمريكا كان أبرزها لوكهيد مارتن Lockheed Martin Corporation وهي أكبر شركة للصناعات العسكرية في العالم.

رسخت بناك PNAC مفهوم “الحرب الوقائية” ضد الدول المارقة. وكانطلاقة للعمل في العام 1992 وضع موظفان من وزارة الدفاع الأمريكية هما نائب أمين سر السياسة الدفاعية بول فوفيتز ولويس ليبي تصوراً جديداً للدفاع الأمريكي وقدماه إلى ديك تشيني، ملخص تلك الأفكار هي أنه: “تجب إعادة اختراع النظام العالمي”.