تحليل

الأضرار المتنوعة لتفجير مستودع الغاز المسال في كورمور وخيارات ضمان أمن الطاقة في إقليم كوردستان

01-12-2025


مقدمة

أدى الهجوم الصاروخي الذي وقع ليلة 26 تشرين الثاني 2025 على حقل كورمور للغاز إلى تفجير أحدث مستودع يتسع لـ65 ألف برميل من الغاز المسال، وتوقف مصدر إمداد الغاز الطبيعي لإنتاج 80% من كهرباء إقليم كوردستان وتوفير 1200 ميغاواط من الكهرباء للعراق. لكن الأضرار لا تقتصر على ملايين الدولارات الناجمة عن تفجير المستودع وجعل إقليم كوردستان يغرق في الظلام فحسب، بل تمتد إلى أضرار قصيرة وطويلة الأمد على صناعة النفط والغاز في إقليم كوردستان والعراق.

الأضرار قصيرة الأمد من قبيل توقف الإنتاج اليومي الإجمالي البالغ 520 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، و1500 طن من الغاز المسال، وأكثر من 15 ألف برميل من المكثفات، وانخفاض أسهم الشركات المستثمرة في بورصة أبوظبي، والتكاليف المادية والتقنية لإعادة البناء مع الوقت اللازم لإعادة بناء مستودع الغاز المسال.

وتمتد الأضرار طويلة الأمد إلى بيئة الاستثمار، وتأمين سلامة الفرق التقنية في صناعة النفط والغاز، وأمن الشركات في الخارج، وتشجيع المستثمرين على المشاركة في هذا القطاع.

والسؤال المهم هو عن بيئة عمل صناعة إقليم كوردستان والشركات الدولية في قطاع الطاقة والغاز. هل يحتاج إقليم كوردستان إلى مستودع ستراتيجي للغاز؟ وهل من الضروري نشر أنظمة دفاع مضادة للصواريخ لحماية حقول النفط والغاز ومحطات توليد الكهرباء والمنشآت الصناعية الكبرى، أم يجب إنهاء ما يسمى بالميليشيات خارج القانون في العراق؟

ما هي الأضرار المباشرة لتفجير مستودع حقل كورمور وما حجمها؟

من الأضرار المباشرة مستودع الغاز المسال في كورمور الذي استُهدف بالصواريخ، والذي كان يتسع لـ65 ألف برميل وتم إنجازه مؤخراً بأحدث المعدات المتطورة. في وقت الهجوم، كان ممتلئاً بأكثر من 10%، ولم يُدمر المستودع فقط، بل احترقت جميع الأجهزة والمعدات المتطورة فيه، وما تبقى كمخلفات بعد الهجوم لا يصلح للاستخدام، ما ألحق بالشركة أضراراً بملايين الدولارات.

علاوة على ذلك، كان المستودع ممتلئاً بأكثر من 10% وقت الهجوم فوقعت هذه الكارثة، ولو كان ممتلئاً بالنصف أو أكثر لما اقتصرت الأضرار على الخسائر المادية وحرق المستودع فقط.

الضرر الآخر يتعلق بالوقت والقدرة التقنية وجلب معدات المستودع من الخارج. وفقاً لتقرير دانة غاز للعام 2008، استغرق الأمر عامين بعد إنتاج الغاز لبناء وحدات إنتاج الغاز المسال.

تجاوزت أضرار توقف الإنتاج الخسائر الاقتصادية الناتجة عن تفجير المستودع. ففي الأيام الثلاثة التالية للهجوم، تكبدت الشركة خسارة كبيرة أخرى هي توقف إنتاج الغاز الطبيعي والمنتجات الأخرى. على سبيل المثال، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، يبلغ سعر ألف قدم مكعب من الغاز 4.21 دولار، وسعر طن الغاز المسال 453 دولاراً، وسعر المكثفات أكثر من 60 دولاراً، أي أن الشركة تخسر يومياً أكثر من 2.2 مليون دولار للغاز الطبيعي، ومليون دولار للمكثفات، و670 ألف دولار للغاز المسال.

الآن، يعدّ طلب الشركة ضماناً مكتوباً من الحكومة العراقية لحماية حياة موظفيها واستثماراتها لمواصلة إنتاج الغاز، أبسط مطلب يمكن أن تلبيه دولة.

أضرار الأسهم والتأثير التقني: التأثير طويل الأمد على بيئة الاستثمار الخارجي

منذ تصاعد الهجمات على حقل كورمور، 11 هجوماً خلال الفترة 2022-2025، اثنان منها أسفرا عن خسائر بشرية ومادية كبيرة، يتضح تأثير هذه الهجمات من نظرة إلى أسهم دانة غاز في بورصة أبوظبي. على سبيل المثال، في أيار 2022، بلغت قيمة الأسهم 1.80 درهم إماراتي، لكن عندما تعرضت للهجوم بالطائرات المسيرة في 25 تموز 2022، انخفضت قيمة السهم إلى درهم إماراتي واحد. مع استمرار الهجمات حتى 26 نيسان 2024، حيث قُتل 4 أشخاص في الهجوم الأخير، انخفضت قيمة الأسهم إلى 0.662 درهم إماراتي. في يوم افتتاح الأسواق في 27 تشرين الثاني 2024، خسرت الأسهم 2.26% من قيمتها، وحالياً تبلغ قيمة السهم 0.772 درهم إماراتي كما هو موضح في الرسم البياني أدناه.

نقطة أخرى: في 15 تشرين الثاني 2025، عندما أعلنت الشركة أن أعمال مشروع KM250  اكتملت قبل ثمانية أشهر من الموعد المحدد، وأن مستوى إنتاج الغاز سيزداد بنسبة 50% في الربع الأول من 2026، ارتفعت قيمة الأسهم من 0.761 درهم إماراتي إلى 0.842 درهم.

رسم بياني: قيمة أسهم دانة غاز في بورصة أبوظبي 2022-2025

المصدر: بورصة أبوظبي وتريدنغ فيو، تاريخ الحصول على البيانات 28 تشرين الثاني 2025

كان مقرراً أن تبدأ شركة دانة غاز رسمياً في منتصف الشهر المقبل بتصدير غاز مشروع KM250  عبر أنابيب النقل إلى محطات توليد الكهرباء في إقليم كوردستان، لا أن تنشغل الآن باستئناف إنتاج كميات الغاز الأولية وإصلاح المستودعات وبناء مستودع جديد.

هذه الأضرار التي لحقت بقيمة أسهم المستثمرين في هذه الشركة في بورصة أبوظبي لها تأثيرها على المستثمرين والعاملين في هذا السوق، وتخلق حالة كبيرة من عدم اليقين بشأن قيمة الأسهم بسبب عدم القدرة على التنبؤ بالتغيرات الناتجة عن هذه الهجمات على الأسهم.

بالإضافة إلى تصاعد مخاطر الاستثمار والتأثير على قدوم الشركات للاستثمار، الذي بلغ حسب مؤشر الاستثمار الأجنبي المباشر في العراق أدنى من الصفر لأكثر من ثلاث سنوات.

نقطة أخرى هي ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب زيادة المخاطر على صحة الموظفين وضمان أمن الشركة نتيجة لارتفاع احتمالية تكرار الهجمات على هذا الحقل.

خيار المستودع الستراتيجي أم إنهاء الميليشيات خارج القانون؟

في الواقع، بعد الحادث، جرى الحديث عن حل المستودع الستراتيجي وتوفير نظام دفاع مضاد للصواريخ والطائرات المسيرة للحقل. من حيث المستودع الستراتيجي، تم استثمار أكثر من أربعة مليارات دولار في هذا المشروع، وهو في حد ذاته أكبر مستودع ستراتيجي وليس للإنتاج وإعادة الحقن تحت الأرض، لأن تخزين الغاز المنتج يومياً، إذا تم تخزينه في مكان واحد، يعادل 24 ملعب كرة قدم في اليوم، ولذلك لا يوجد مستودع على سطح الأرض قادر على تخزين هذه الكمية يومياً، وهذا بالإضافة إلى أنه من المقرر أن يصل إلى 750 مليون قدم مكعب يومياً في منتصف الشهر المقبل.

في الواقع، يجب إنهاء ما يسمى بالميليشيات الممولة من أموال الدولة والمسماة بالميليشيات خارج القانون، ومنع حصولها على هذا النوع من الطائرات المسيرة والذخيرة الصاروخية للاستخدام في هذه الأغراض، لأن بيئة صناعة النفط والغاز في إقليم كوردستان لا يمكن أن تتحول إلى بيئة خط أمامي في الحرب يعمل فيها المهندسون والفنيون والمدنيون.

الخاتمة

العام الماضي، خلال انعقاد الجولتين الخامسة بلص والسادسة لتراخيص النفط والغاز في العراق، حصلت كل من شركتي كريسنت بتروليوم وHKN  على حقول نفط وغاز في المناطق الكوردستانية خارج إدارة إقليم كوردستان للاستثمار فيها.

على سبيل المثال، حصلت دانة غاز وشركاؤها على عقد مشاركة في الإنتاج لحقل ديالى للغاز، وحصلت شركة HKN الأمريكية على عقد مشاركة في الإنتاج لحقل حمرين للنفط والغاز، وكان يُفسر هذا على أن تشكّل مصالح مشتركة للعراق مع هذه الشركات سيقلل من المشاكل بين أربيل وبغداد ولن تصبح هدفاً بعد الآن، لكن الهجمات ما زالت مستمرة.

في النهاية، السؤال هو: هل هذه الشركات معرضة للاستهداف في المواقع التي استثمرت فيها في العراق، أم في إقليم كوردستان فقط؟

Share this Post

تحليل