تحليل

قفزة الصين من العالم الثالث إلى العالم الأول

21-08-2024


الخطة التطويرية الصينية مبنية على 4 اسس رئيسية والتي تتضمن: التربية، التشجير والتخضير، بناء الطرق البرية، المائية والجوية مع الإنفتاح داخلياً وعلى العالم. تعرف الصين الآن بكونها المصنع العالمي وذلك بسبب التغيرات في بناء البنية التحتية الداخلية ومساعدة البلدان النامية من خلال منحهم القروض وتصدير السلع الصينية إلى جميع دول العالم بجودات واسعار مختلفة. تتم السيطرة على هذه التطورات في البنية التحتية الخدمية وبناء البنية التحتية في الصين من خلال 4 اسس والتي عبارة عن: الحفاظ على الثقافة الصينية، الحفاظ على البيئة وعلم البيئة، توفير انظمة المياه والصرف الصحي، إنشاء البنية التحتية العامة مثل الخدمات البدائية كالأمن والصحة والمدارس ووسائل النقل.

إذا تحدثنا من الآن حتى حول العقد القادم عن إيجابيات وسلبيات الإقتصاد العالمي ستكون للصين حصة الأسد، لأنه في العقد الماضي استطاعت الصين ربط الإقتصاد العالمي والدول بنفسها. يسمي الكثير من خبراء الإقتصاد النمو الإقتصادي للصين ب"المعجزة" حيث ازدادت نسبة دخل الفرد  في العقدين الماضيين بنسبة 3000%(المؤتمر العالمي للإقتصاد في 1 تموز 2024)[i].

إنشاء بنية تحتية كهذه وتغيير الإقتصاد من العالم لثالث إلى احدى دول القوة العظمى، وإبادة الفقر المنهك خلال حياة جيل واحد ( البنك الدولي، 1 نيسان 2022)[ii]، جعلت الصين تريد الآن من  خلال هذا الطريق ان تنقل تجربتها للدول النامية حيث ان تلك الدول متعطشة للتغير الذي حدث للبنية التحتية الصينية، لكن المساعدات الصينية مختلفة من تلك النواحي، مثل ما يقول الخبراء الصينييون " نحن لسنا مثل امريكا ولا نستطيع تقديم المساعدات مجاناً، لأن دولتنا في مرحلة النمو لكننا نستطيع المساعدة من خلال منح قروض طويلة المدى ومن خلال القوة العاملة الصينية" وهنا مجيء الصين للدول النامية يعد بمثابتة فرصة وخطر في آن واحد.

الصين وعدد السكان، مدن بأحجام دول

تعتبر الصين الدولة المليارية والمليونية في الكثير من النواحي فعلى سبيل المثال عدد السكان في 5 مدن رئيسية تتجاوز 110 مليون نسمة، مدينة تونغتشينغ عدد سكانها 31.9 مليون نسمة، تليها شنغهاي التي عدد سكانها 24.8 مليون نسمة تليها بيجين العاصمة بعدد 21.8 مليون نسمة وعدد سكان تشنغدو 21.4 مليون نسمة وغوانجو 18.8 مليون نسمة (جيا روشاك 2-آب-2022)[iii] .

تشكل الصين نسبة 17.39% من مجموع سكان كوكب الأرض من خلال 1.4 مليار نسمة وتحتل المرتبة الثانية بعد الهند. عدد سكان بعض الأقضية والقرى الصينية اكبر بكثير من عدد سكان دول متقدمة مثل هولندا وضعف السويد ودول اخرى.

خلال 100 سنة الماضية في الصين وصل عدد سكان المدن من 170 مليون نسمة الى 900 مليون، اي وصلت نسبة سكان المدن من 17.9% الى 64.7%. ترتبط جميع المدن والقرى الرئيسية عن طريق البر والسكك الحديدية والموانئ الرئيسية، بحيث يتمكن القرويون من إيصال منتجاتهم إلى المدن والعودة إلى قراهم في أقل من ساعتين (الكتاب الإحصائي السنوي الصيني، 2023) [iv].

أدى التحضر الذي شهده سكان الصين إلى النمو الاقتصادي وتطوير مختلف القطاعات. ويتزايد التحضر سنة بعد سنة، ليصل إلى 64.7 % بحلول عام 2021، مما يضيف 10 ملايين شخص إلى المراكز الحضرية مقابل كل زيادة بنسبة 1% في عدد الأشخاص الذين ينتقلون من المناطق الريفية إلى المراكز الحضرية في الصين، (جيا روشاك 2 أغسطس 2022).

بناء البنية التحتية للنقل البري والمائي والجوي

وفيما يتعلق بالبنية التحتية، حاولت الدولة في السابق بناء وتحسين وسائل النقل البرية والمائية والجوية، ولكن على مدى عقود اتبعت الصين شراكات بين القطاعين العام والخاص ولعب المستثمرون المحليون والأجانب دورًا رئيسيًا في إحياء وبناء البنية التحتية المحلية في جميع الجوانب.

على سبيل المثال، تم تحقيق التقدم الحالي في النقل المائي والموانئ لتصدير البضائع في الصين على أربع مراحل خلال انفتاح الصين على العالم الخارجي وربط اقتصادها بالعالم.

ولذلك، فإن تطور النقل المائي للسلع المحلية والصادرات كان من عام 1949 إلى عام 1979 مع مرحلة البناء الأولية، ومن عام 1980 إلى عام 1999 مع البناء السريع وتوسيع ممرات المياه، تميزت الأعوام من 2000 إلى 2010 بمستوى عالٍ من البناء من حيث الجودة  والتنوع وتقليل الوقت، وتعتبر المرحلة الرابعة من 2011 إلى الوقت الحاضر مرحلة الاستقرار والتطور في جميع الممرات والممرات المائية (لي هونغتشاك، أغسطس 10، 2024)[v].

وستلعب الموانئ الجديدة دورا كبيرا في نقل البضائع في الداخل والخارج، حيث بلغ حجم البضائع المنقولة من الموانئ في عام 2012، 4.5 مليار طن، لكنه وصل في عام 2021 إلى 8.2 مليار طن.

 وقد شهد النقل البري، وخاصة السكك الحديدية والسكك الحديدية عالية السرعة، زيادة، مع تشغيل 97.600 كيلومتر من السكك الحديدية في عام 2012 لكنها وصلت الى 150.000 كيلومترا في عام 2021. ووصل ما يسمى بالسكك الحديدية فائقة السرعة إلى 40 ألف كيلومتر بحلول عام 2021، مما يعني ان ثلثي خطوط السكك الحديدية في الصين هي سكك سريعة (لي هونغتشاك، 10 أغسطس 2024).

وفي عام 2012، تم إطلاق أول خط سكة حديد فائقة السرعة من جنوب الصين إلى دويسبورغ بألمانيا، لكن بعد 10 سنوات، نمت تجارة الصين مع الدول الأوروبية إلى 78  سكة نقل بحلول عام 2021، لتصل إلى 185 مدينة في 24 دولة أوروبية، تصل قيمتها سنويا الى 240 مليار دولار.

كان طول طريق النقل البري المعروف  بشبكة الطرق السريعة(Highway network) 4.23 مليون كيلومتر فقط في عام 2012، لكنها وصلت  إلى أكثر من 5.28 مليون كيلومتر في عام 2021، وتجاوز الطريق السريع(Express Highway) المؤدي إلى ضواحي المدن 170 ألف كيلومتر في عام 2021، (لي هونغتشاك، 10 أغسطس 2024).

من ناحية استخدام الطرق الجوية تضاعف عدد الأشخاص الذين اختاروا الطرق الجوية للنقل من مدينة الى اخرى، مما يعني فتح مطارات جديدة وتحسين الخطوط الجوية. حيث عدد المسافرين في عام 2012 كان 319 مليون مسافر لكن العدد وصل الى 659 مليون شخص في عام 2021، (الكتاب الإحصائي السنوي للصين، 2023).

مبادرة الحزام والطريق ؛ إحياء طريق الحرير والهيمنة المستقبلية للصين

تم إطلاق طريق الحرير أو الحزام والطريق عام 2013 بمشاركة 136 دولة و36 مؤسسة ومنظمة دولية ومن حيث عدد السكان فإن الدول المشاركة في المشروع تمثل 70% من سكان العالم. في عام 2021، منحت الصين 20.3 مليار دولار لهذه الدول للمشاركة في مبادرة الحزام والطريق (بوابة الحزام والطريق، 16 أغسطس 2024)[vii].

ويطلق على طريق الحرير، الذي يضم ستة ممرات وموانئ رئيسية تربط الصين وآسيا بإفريقيا وأوروبا والعالم، طريق السلام وجسر الحضارة وبروز الصين في هذا القرن وسيؤدي إلى الانسجام في الاقتصاد والتجارة والإستثمار.

ويعتقد الخبراء الصينيون أن العالم يمر بتغيير جوهري من حيث التنمية والانتقال إلى مرحلة جديدة، وبالتالي فإن الحزام والطريق الذي نشأ من طريق الحرير القديم يمكن أن يربط الصين بالعالم مرة أخرى في المستقبل، ولأن الصينيين يعتقدون أن تدمير الطريق القديم كان بسبب الحرب، وأن ظهوره مرة اخرى سيكون عن طريق السلام، فإن البيئة السلمية والاستقرار الدائم مطلوبان بين جميع الشركاء للطريق الجديد الذي ستبنيه الصين للجميع.

إن إنشاء الطريق، وفقًا للخبراء الصينيين، له هدفان: تسهيل النقل الداخلي بين دول المشروع وخدمة الهدف الأكبر للصين المتمثل في ربط العالم تحت السيطرة الصينية.

يعد إنشاء هذه الطرق في الدول النامية فرصة عظيمة لربط أجزاء من الدولة وتسهيل حركة البضائع داخل الدولة، لكن بناء المشروع عن طريق القروض التي تقدمها الصين والفوائد التي تطلبها الصين مقابل ذلك اذا لم يتم إصلاحها في تلك البدان ستذهب اغلبيتها ضحية مثل سريلانكا بدلا من نيجيريا من ناحية مساعدة الطبقات لإنشاء البنى التحتية والخدمات البدائية لأن كثير من تلك الدول النامية يعانون من آفة عدم إكتمال المشاريع والفساد.

معجزة النمو الإقتصادي الصيني على مدار جيل

تضاعف الإقتصاد الصيني او الناتج المحلي GDP  خلال اقل من عقد حيث كان في عام 2012 8.5 تريليون دولار لكن في 2021 وصل الى اكثر من 16.8 تريليون دولار، وهذا يعني زيادة في دخل الفرد وانتعاش البلاد، فكان دخل الفرد في عام 2012 فقط 6300 دولار ولكن وصل دخل الفرد في عام 2022 إلى 12500 دولار (البنك الدولي، 1 أبريل 2022)[viii].

تعد الصين الآن أكبر اقتصاد في العالم من حيث القوة الشرائية وثاني أكبر اقتصاد في العالم من حيث نمو الناتج المحلي الإجمالي،  ويمثل أكثر من 19% من الاقتصاد العالمي. هذا المصنع العالمي من ناحية تصدير وإنتاج السلع والمواد الغذائية بشكل حيث إجمالي الإستيراد والتصدير وصل من 3.87 تريليون دولار إلى 6.05 تريليون دولار  خلال عقد واحد حيث كان التصدير اكبر من الإستيراد(2012-2021).والآن، فإن خطة الصين لمواصلة النمو الاقتصادي الفردي والحفاظ على هذا الجيل من السقوط تحت خط الفقر هي خطة خمسية لربط المناطق وتوفير فرص العمل للسكان، وبحلول عام 2021 وصل عدد سكان المناطق الريفية  الذين حصلوا على ووظائف إلى 31.4 مليون شخص.

تقترب نسبة الفقر المدقع الآن في الصين الى الصفر، حيث كان  يعيش 98.9 مليون شخص في فقر مدقع في عام 2012، وفقا للبيانات، ولكن بحلول عام 2020، انخفض العدد إلى الصفر وتغلبوا على الفقر المدقع (بي بي سي، 25 فبراير 2021)[ix].قبل عام 1978، لم يكن ملايين الأشخاص قادرين على شراء وجبة طعام في اليوم، ولكن بعد انفتاح وربط إقتصاده بالعالم بحلول عام 2021، لم يبقى احد في ذلك المستوى، ومنذ ذلك الحين انتشلت الصين 800 مليون شخص من الفقر،  ووفقاً للبنك الدولي، فإن هذا يمثل 70% من إجمالي عدد الأشخاص الذين تم انتشالهم من الفقر.

ويعود الدور الرئيسي في هذا التطور إلى تحسن النظام المصرفي، الذي ضاعف رؤوس أموال البنوك ثلاث مرات خلال عقد من الزمن، وفي عام 2012، بلغ إجمالي رؤوس أموال البنوك 134 تريليون يوان، لكنه وصل في عام 2022 إلى 345 تريليون يوان. وبلغ عدد البنوك العالمية في الصين 946 بنكا برأسمال 378 تريليون يوان.

ووفقا للبيانات الرسمية، أصبح لدى ثمانية من كل عشرة شباب الآن بطاقة مصرفية، وستصل نسبة إجمالي السكان إلى 88.71 % في عام 2021، مقارنة بـ 63.8 %قبل عقد من الزمن.

ومن حيث سوق التأمين، تعد الصين الآن ثاني أكبر سوق للتأمين في العالم، حيث ارتفع رأسمال هذا السوق من 7.4 تريليون يوان الى 24.9 تريليون يوان بحلول عام 2021.

وفيما يتعلق بالاستثمار الأجنبي، نما الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين بسرعة، حيث بلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي في السلع والخدمات 4.4 تريليون دولار أمريكي في عام 2012، وفي أقل من عقد من الزمن، وصل هذا المبلغ إلى 6.9 تريليون دولار بحلول عام 2021.

على سبيل المثال، ارتفع دخل أولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية من 8644 يوان بين عامي 2013 و2021 إلى 18931 يوان في 2021، وبذلك تضاعف دخلهم (المعهد الوطني الصيني للإحصاء، 2024)[x].

وبشكل عام، بلغ عدد الأشخاص الذين لديهم بطاقات رعاية صحية أولية في مناطق الضواحي 99.9%. وهناك 12500 قرية في الصين، تتمتع جميعها بإمكانية الوصول إلى الإنترنت لإتمام معاملاتها واحتياجاتها.

يعتبر القطاع العقاري في الصين من أسرع القطاعات نموا من حيث ارتفاع الأسعار وتوسعها، ففي السنوات الأخيرة شهدت أسعار المنازل والشقق ارتفاعا غير مسبوق، حيث ان إمتلاك منزل بالنسبة للمواطن الصيني يعد من الأحلام الكبيرة. وساهم توسع القطاع في نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين من 1.08 % على مدى عقدين من الزمن إلى 2.2 % بحلول عام 2022 (ليو لين، أغسطس 2023)[xi].

كما أن الزيادة في أسعار المنازل في الصين، وفقا للبيانات الرسمية، لم تتطابق مع الزيادة في دخل الفرد، مما يعني أن أسعار المنازل لم ترتفع بنفس مقدار دخل الفرد خلال فترة الانفتاح والاتصال بالعالم.

لقد أصبح الاستثمار في القطاع العقاري غير مسبوق في السنوات الأخيرة، مما سمح له بمواصلة النمو بسرعة كبيرة وبقاء الأسعار مرتفعة، بسبب الزيادة في عدد سكان الحضر. وعلى الرغم من أن الحكومة حاولت تحقيق التوازن بين آليات السوق ومراقبة الأسعار للقطاع، إلا أنها فشلت حتى الآن في تحقيق التوازن بحيث يتمكن الأشخاص من ذوي الدخل المتوسط ​​والمنخفض، المعروفين بطبقة الساندويتش، من امتلاك منزل، بالرغم من المساعدة الحكومية، وتقديم القروض المصرفية والدعم المالي لتلك الطبقتين من المجتمع، (ليو لين، أغسطس 2023).

وفوق كل شيء، تراجع إنفاق الفرد على الغذاء اليومي، بين عامي 2010 و2021، حيث انخفض إنفاق الفرد على الغذاء من 35.7% إلى 29.8%، بالمقابل ارتفع إنفاق الفرد على جودة الحياة من حيث التعلم وممارسة الرياضة والجوانب الأخرى.

                                                             

    إنعاش القطاع الزراعي وتوفير 20% من غذاء العالم

توفر الصين الآن 20% من إجمالي الغذاء لسكان العالم من خلال إستخدام 9% فقط من إجمالي الأراضي الزراعية (كاي سيو وشارون شويماكار، 20 فبراير 2024)[xii]. ومن حيث إنتاج الحبوب، فقد ارتفعت كمية الحبوب المنتجة خلال العقد الماضي من 630.4 مليون طن سنويا إلى 695.4 مليون طن في عام 2023، (المعهد الإحصائي الوطني الصيني، 2023).

لقد تحسن الإنتاج الزراعي بكافة أشكاله بشكل كبير، مع استخدام التكنولوجيا والتطورات في استخدام الذكاء الاصطناعي والمعدات الجديدة لإنتاج الحبوب والفواكه المختلفة من 20% عام 1949 إلى 60% في عام 2021 على نفس المساحة المزروعة بتلك المحاصيل والفواكه.

سيرتفع عدد المنصات أو المستودعات عبر الإنترنت التي تبيع البضائع في المناطق الريفية من مليون 632 ألف 600 في عام 2012 إلى 16 مليون 325 ألف مستودع ومنصات في 2021. وبالتالي، وصلت قيمة مبيعات منتجات المزارعين من هذه المستودعات والمنصات إلى 294 مليار دولار بحلول عام 2021 (بان تشانغيونغ، 3 أغسطس 2024)[xiii].

هناك نمو هائل في استثمارات الطاقة المتجددة المحلية والأجنبية، حيث كانت تمثل مصادر الطاقة المتجددة 14.5% فقط من إجمالي استهلاك الطاقة في الصين في عام 2012، ولكنها مثلت 25.5% من إجمالي استهلاك الطاقة في عام 2021 (المعهد الوطني للإحصاء الصيني، 2023). وتعد الصين الآن أكبر مورد للطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية في العالم، حيث تشكل 60 % من السيارات الكهربائية في العالم ولديها القدرة على إنتاج 10 ملايين سيارة كهربائية سنويا بأسعار ارخص من الدول الأخرى.

والآن، يشهد سوق السيارات الكهربائية في الداخل والخارج نمواً هائلاً، مع زيادة بنسبة 12% في عدد السيارات الكهربائية الصغيرة والمتوسطة محلياً، وهو ما يزيد بنسبة 50% عن بقية دول العالم حيث انها اقل من 7% في الدول الأخرى. وتعد الصين الآن أكبر مصدر للسيارات الكهربائية في العالم وأكبر مستهلك محليا، وخاصة بين الجديد.

الصين رائدة عالميًا من حيث إنتاج الطاقة من الطاقة الكهرومائية (السدود) والكتلة الحيوية. وبحلول عام 2021، عملت الصين على إحياء سوق تداول انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى 4.5 مليار طن، مما يعني خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وزيادة استهلاك الطاقة من المصادر النظيفة.

                                                               

  تغير بيئي كبير عن طريق التشجير والتخضير

وشهدت الصين تغيرات كبيرة على صعيد البيئة وتنظيف الهواء، بحيث يصل بحلول عام 2021 معدل الهواء النظيف اليومي إلى 87%، أو عدد الأيام التي يتمتع فيها السكان بهواء نظيف يتجاوز 317 يوما في السنة. بينما في عام 2011، بلغت كمية الدخان وتلوث الهواء 1.55 مليون طن، لكنها انخفضت في عام 2020 إلى 155 ألف طن، مما يعكس خطة الصين ال14 عام لمكافحة تغير المناخ وتلوث الهواء، (برنامج الأمم المتحدة للبيئة، برنامج الأمم المتحدة للبيئة وبلومبرغ، يونيو/حزيران 14 نوفمبر 2022) [xiv].

تمثل المساحات الخضراء والغابات في الصين 23.3 % من مساحة أراضيها، ومعظمها لم تكن غابات في السابق، وتمثل تلك النسبة 25% من غابات العالم. ومن حيث المتنزهات الوطنية، يوجد في الصين عدد من المتنزهات الوطنية بمساحة بريطانيا.

المثال الأكثر وضوحًا على تخضير أو تحسين جودة الهواء في الصين هو العاصمة بيجين، حيث زاد عدد الأيام التي تتمتع بأفضل جودة للهواء بمقدار الثلث خلال العقد الماضي بسبب زراعة الأشجار وزيادة المساحة الخضراء، (هو بن، 1 أغسطس 2024)[xv]، وفي عام 1950 كانت نسبة الخضار 1.3%  في تلك المدينة وفي الفترة من 2012 إلى 2015 تم تنفيذ مشروع المليون سهل على مساحة 666 كيلومتراً مربعاً، مما أدى إلى زراعة أكثر من 50 مليون شجرة وزيادة المساحات الخضراء والغابات إلى 34%، وفي أقل من عقد من الزمن، في عام 2019، وصل هذا الرقم إلى 44%، وتعتبر واحدة من أكثر المدن خضرة في العالم، (نا ياو، وسيسيل سي. كونيجينديك، وجون يانغ، 18 ديسمبر 2019) [xvi]. .

وفي عام 2021، وصل عدد أيام السنة التي تتمتعت بأفضل جودة هواء في العاصمة إلى 288 يومًا، أي 78% من أيام العام على مدار العام وفقًا للمعايير الدولية، بينما كان العقد السابق في عام 2013 شهد 174 يومًا فقط من الهواء النظيف.

بعض الملاحظات والخاتمة

أولاً، البضائع الصينية ليست ذات نوعية سيئة وليست رخيصة، ولكنها أغلى من العديد من الماركات العالمية من الملابس ومستحضرات التجميل والأجهزة المنزلية والأجهزة الكهربائية والإلكترونية إلى السيارات وغيرها، فماذا عن البضائع المباعة على انها صينية في إقليم كوردستان والعراق رخيصة وذات جودة سيئة؟ هل التجار هنا يطالبون بجودة منخفضة وأسعار رخيصة من المصنع أو انها سياسة الحكومة الصينية في بيع منتجاتها إلى دول العالم الثالث والدول المتأخرة، ومهما كان الأمر، فإن الصين وسكان هذه البلدان سوف يعانون لأن مدة صلاحيتها قصيرة  العمر ويعتبر إهداراً للموارد.

ثانياً، يعد انفتاح الصين الحالي أمراً جديداً ليس على العالم الخارجي فحسب، بل على الداخل أيضاً، لأن سكانها ما زالوا في الماضي بسبب الصعوبات الاقتصادية وبسبب ساعات العمل الطويلة التي تتراوح بين 60 إلى 72 ساعة في الأسبوع اي ستة أيام في الأسبوع. وعلى الرغم من صعوبة توفير فرص  العمل، إلا أنهم لم يتمكنوا من الانفتاح على العالم الخارجي. جانب آخر من إنفتاح الصين على العالم يمكن رؤيته بوضوح في وجوه المواطنين حين رؤية سائق اجرة لسائح اجنبي ورغبته بإلتقاط الصور معه كونه من خارج الصين، ذلك ما عدا الأهالي الذين يرغبون بتعلم ابنائهم اللغة الانجليزية والتقاط الصور مع الأجانب الزوار لمدنهم فإذا كان هذا الواقع بالنسبة للعاصمة والمدن الكبيرة كيف اذا الحال بالنسبة للقرى البعيدة؟

ثالثا، هناك نقطة أخرى مثيرة للاهتمام وهي عزلة الصين عن عالم وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الغربية حيث ان ساعات استخدامهم تلك الوسائل في الدول المتخلفة تبلغ ثلث اليوم الواحد، إذا لم يكن هناك انفتاح على العالم وسياسة الدولة المتمثلة في عدم سيطرة الغرب على سكانها، فمن المؤكد أن الجانب الآخر هو التركيز على المضمون وليس المظهر، لذلك لم تكن لتسجل دورة كبيرة بمشاركة ممثلين عن 16 دولة وجنسية مختلفة وأكثر من 40 مشارك وبتكلفة أكثر من 100 ألف دولار في البرنامج من خلال الهاتف المحمول لأحد المتطوعين في الأنشطة اليومية.

رابعا، تعمل الصين في هذه المرحلة على استكمال بنيتها التحتية محليا وربطها بالعالم، وهو ما يعكس تغلغل الصين في العالم، خاصة بالنسبة للدول النامية في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا. كما أن التنمية في الصين تختلف تماما عن التنمية في الدول الغربية والمتقدمة الأخرى في العالم، بيجين على سبيل المثال، ليست متطورة فحسب، بل هي متكاملة والبنية التحتية للخدمات العامة متاحة للجميع.

وأخيرا، حققت الصين المعجزات في بناء البنية التحتية المحلية، والنمو الاقتصادي، وتعليم المجتمع، والانتقال إلى الاقتصاد الإلكتروني وتوفير حياة أفضل لسكانها، ويبقى أن نرى ما إذا كانت ستتمكن من نقل هذه المعجزة إلى البلدان الواقعة على مبادرة الحزام والطريق.

المصادر

[i] World Economic Forum. (2024, July 1). Where is China’s economy headed? Retrieved from https://www.weforum.org/agenda/2024/06/china-economic-outlook-growth-trade/

[ii]   World Bank Group. (2023, September 25). Lifting 800 million people out of poverty – New report looks at lessons from China’s experience. Retrieved from https://www.worldbank.org/en/news/press-release/2022/04/01/lifting-800-million-people-out-of-poverty-new-report-looks-at-lessons-from-china-s-experience

[iii] Jia, R. (2024, August 2). China’s urbanization strategy and infrastructure construction. Institute of Spatial Planning and Regional Economy, NDRC.

[iv]  National Bureau of Statistics of China. China Statistical Yearbook 2023. Retrieved from https://www.stats.gov.cn/sj/ndsj/2023/indexeh.htm

[v] Li, H. (2024, August 10). The innovation and application of the PPP model in infrastructure financing at home and abroad. School of Economics and Management, Beijing Jiaotong University.

[vi] ·  Dongming, W. (2021, August). The development of ports, shipping industry, and its foreign trade in China. Institute of Comprehensive Transportation, NDRC.

[vii] Belt and Road Portal. (2024, August 16). Belt and Road Initiative official website. Retrieved from https://eng.yidaiyilu.gov.cn/

[viii] GDP per capita (current US$) | World Bank Gender Data Portal.. World Bank Gender Data Portal. https://genderdata.worldbank.org/en/indicator/ny-gdp-pcap-cd?year=2012

[ix] BBC News. (2021, February 25). China’s Xi declares victory in ending extreme poverty. Retrieved from https://www.bbc.com/news/world-asia-china-56194622

[x]   National Bureau of Statistics of China. (2024, August 18). Yearbook. Retrieved from https://www.stats.gov.cn/english/Statisticaldata/yearbook/

[xi] ·  Liu, L. (2023, August 9). Low-cost affordable housing and financing measures. China Academy of Macroeconomic Research.

[xii] ·  Cui, K., & Shoemaker, S. P. (2018). A look at food security in China. npj Science of Food, 2(1). https://doi.org/10.1038/s41538-018-0012-xپا

[xiii] Pan, C. (2024, August 3). Informatization and network communication. National Engineering Lab for DTV, Tsinghua University.

[xiv] UN Environment. Beijing’s battle to clean up its air. Retrieved from https://www.unep.org/interactive/beat-air-pollution/

Bloomberg. (2022, June 14). China’s clean air campaign is bringing down global pollution. Retrieved from https://www.bloomberg.com/news/articles/2022-06-14/china-s-clean-air-campaign-is-bringing-down-global-pollution?embedded-checkout=true

[xv] ·  Hu, B. (2024, August 1). Urban development planning in China: A case study of Beijing. Beijing University of Technology.

[xvi] Yao, N., Van Den Bosch, C. C. K., Yang, J., Devisscher, T., Wirtz, Z., Jia, L., Duan, J., & Ma, L. (2019). Beijing’s 50 million new urban trees: Strategic governance for large-scale urban afforestation. Urban Forestry & Urban Greening, 44, 126392. https://doi.org/10.1016/j.ufug.2019.126392

Share this Post

تحليل